تتجه اليوم أنظار الجميع الى قاعة محاكمة المتهم باغتصاب الرضيعة فى محكمة جنايات المنصورة، وهى القضية التى استفزت الرأى العام خلال الأيام الماضية. فاغتصاب «جنا» بنت الثمانية عشر شهراً من عمرها، حادثة أوجعت قلوب الملايين لما تدنت إليه أخلاقيات الجانى إلى هذا الحد الذى تترفع عنه الحيوانات، وتأسى له كل المخلوقات؛ وهى ضربة موجعة للمجتمع بكل مؤسساته، ونذير خطر لأن ضياع الأخلاق ضياع للأمة، فهذه الجريمة فساد وإفساد وإهانة لكرامة الإنسان، تستوجب أغلظ العقوبات حتى يرتدع أمثال هذا المجرم.. والسؤال الذى يطرح نفسه وبقوة: هل تفى التشريعات الحالية بالقصاص من هذا الجانى؟ الأهرام نزلت إلى مسقط رأس «جنا» عزبة عامر بمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، لترصد من الواقع أحداث هذه القصة المؤلمة لكل الناس، المحطة الأولى للجريمة بدأت فى الثانية عشرة ظهراً فى أثناء صلاة الجمعة، حيثُ كان يمر المجرم أمام منزل «جنا» التى كانت تلعب فى شرفة منزلها، فتلفت يميناً ويساراً فلم يجد أحداً بالشارع، فالكل كان بالمسجد لأداء صلاة الجمعة، وما هى إلا لحظات كانت فارقة فى حياة الطفلة التى أشار لها بيده مبتسماً لها، ومد للصغيرة يد الغدر ليأخذها إلى حيثُ خطط هذا المجرم داخل حجرة موجودة وسط الأرض الزراعية أمام منزله، وخلف منزل «جنا».. لم تمر إلا دقائق وسمعت أم الجانى صرخات «جنا» تعلو من داخل الحجرة، فخرجت لتستكشف الأمر.. كان الجانى قد فعل فعلته وارتكب جريمته الدنيئة وفى طريقه للهروب، حيثُ أفزعته صرخات الطفلة.. دخلت أم الجانى فوراً إلى الحجرة، فوجدت «جنا» تبكى وتصرخ غارقة فى دمائها.. أخذتها إلى منزلها وأغلقت الأبواب، ولكن الله بالمرصاد.. أراد فوراً أن يفضح المجرم.. فكانت الشاهدة الأولى تقف أعلى منزلها المطل على الأرض الزراعية الموجودة بها الحجرة، كانت تبحث عن حمامتين غير موجودتين فى مكانهما، ورأت بعينيها الطفلة وهى داخلة إلى الحجرة بيد المجرم.. ورأتها أيضاً وهى خارجة مع أم الجانى بعد خروجه من الحجرة، وفى ذات التوقيت كانت تجلس الشاهدة الثانية أمام منزلها القريب من الحجرة ومنزل الجانى، ورأت كل شىء، ولكنها لم تتصور أبداً ارتكاب مثل هذه الجريمة، وخلال دقائق معدودة كانت أم «جنا» تبحث عنها فى كل مكان: وبسؤالها للشاهدة الأولى: هل رأيت «جنا»؟ فأجابت: رأيت طفلة مع إبراهيم (الجانى) وقد دخل بها إلى الحجرة، ثم خرج وحده وبعد ذلك أخذتها أمه إلى منزلها، ذهبت السيدتان إلى منزل أم الجانى ومعهن ثالثة من الجيران، وبدأن الطرق على الباب سائلات أم الجانى: هل رأيت «جنا»؟ فأجابت: لا.. وهنا جن جنون الشاهدات اللاتى أكدن أن «جنا» داخل المنزل، وطلبت إحداهن الدخول إلى المنزل جبراً لإخراج «جنا» منه، فدخل الجميع ووجدن «جنا» تبكى عارية والدماء تنزف منها. كانت أم الجانى تحاول غسل الطفلة من دمائها.. حملت الأم رضيعتها وعادت بها مسرعة مع الجيران إلى منزلها، ومع فحص الطفلة اكتشفت الأم ما حدث لرضيعتها فجن جنونها، وظلت تصرخ حتى جاء أحد أبناء العائلة من الشباب بسيارته، فطلبت منه التوجه فوراً إلى مستشفى بلقاس العام، وهنا كان الجد الذى يعمل مؤذناً بمسجد العزبة وهو شيخ البلد كان قد فرغ من أداء صلاته وعاد إلى المنزل، فركب السيارة مع ابنته وحفيدته، ولم يكتشف الجد الجريمة، وطلب من ابنته العودة إلى طبيب فى العزبة بدلاً من المركز، لأن الأمر من وجهة نظره لا يستوجب الذهاب إلى مستشفى المركز، فالأمر بسيط لأن وجه الطفلة ليست به إصابات ، كان الجد يعتقد أن «جنا» قد سقطت من الشرفة، أو ضُربت وأن الأمر بسيط.. فبكت الأم وقالت لأبيها ودموعها تسيل على خديها، وقلبها ينفطر حزناً على صغيرتها .. فجن جنون الجد وغير طريقه من المستشفى إلى مركز بلقاس؛ لتحرير محضر بالواقعة. الجد فى مركز بلقاس وفى المحطة الثانية وقفت السيارة أمام مركز بلقاس، ونزل الجد حاملاً حفيدته وإلى جواره ابنته، وطلب من أمناء الشرطة توصيله إلى المسئول فى المركز؛ لعمل محضر اغتصاب للطفلة التى كان يحملها بين يديه، والتى لم يتجاوز عمرها 18 شهراً فلم يصدق الأمناء فاشتعل الجد غيظاً، وحدثت مشادة بينهم وارتفعت الأصوات حتى جاء رئيس المباحث من داخل المركز ليعرف سبب ارتفاع الأصوات، فحكى الجد للضابط ما حدث لحفيدته، واعتذر الأمناء للجد مؤكدين أنهم يستنكرون ما حدث لأن الجريمة فوق الخيال.. دخل الجد مع رئيس المباحث إلى مركز بلقاس وحرر محضراً بالواقعة، وأخذ خطاباً إلى مستشفى بلقاس العام لعمل الفحوص اللازمة لحفيدته وكذلك العلاج.. وفى المستشفى تقابل الجد مع الدكتور عبد الله مرعى رئيس قسم النساء والولادة الذى تولى فحص الطفلة وإجراء عملية جراحية لها، وقدم كل الخدمات الطبية بعد أن طلب من الجد أن يترك حفيدته له كأنها إبنة من بناته.. وعلى الجانب الآخر تحركت قوة من المباحث فوراً لضبط الجانى بمعرفة النقيبين محمد صادق وأحمد شومان فى غضون ساعة بعد ارتكاب الجريمة.. وتم ضبط الجانى مختبئاً داخل مقابر قرية ميت زنقر، ووجه الأهالى الشكر للضابطين لسرعة الإمساك بالجانى وتقديمه للمحاكمة.. حيثُ تم حبسه احتياطياً على ذمة القضية بمعرفة النيابة المختصة ابتداءً من 24/3 حتى 27/3/2017، وقامت الشرطة بإيداعه سجن مركز شرطة محلة دمنة المركزى تفادياً لغضب الأهالى، وبتاريخ 27/3 تم عرضه على محكمة دكرنس الجزئية للنظر فى أمر حبسه الاحتياطى، وأمرت المحكمة بتجديد الحبس من 27/3 حتى 10/4.. وتم إحالة القضية إلى محكمة الجنايات بالمنصورة لسرعة محاكمة الجانى. «القصاص العادل» ويؤكد الحاج صلاح سالم الدمرداش جد «جنا»، أن الجانى وافد إليهم من قرية ميت زنقر التابعة لمركز طلخا، جاء مطروداً منها نتيجة ارتكابه جريمة قتل فى حق ابن عمه والتى أخذ حكماً فيها 15 سنة.. قضى منها سبع سنوات وخرج بعد أن تم عمل جلسة عرفية بين والده وعمه، وقضت الجلسة العرفية بطرده من القرية إلى مكان آخر، فاستقر به الحال فى عزبة عامر محل الجريمة منذ 6 سنوات. وكان جد «جنا» يحنو عليه ويقدم له جزءاً من أموال الزكاة التى كان يرسلها له والد «جنا»، حينما كان يعمل فى السعودية، كما أن الجد كان يمنحه دائماً أجراً مضاعفاً حينما كان يستأجره ليعمل عنده فى الأرض كعامل زراعى، وهو الذى أوجد فرصة عمل لوالده كعامل على جرار يجمع القمامة من المنازل. وطالب الجد بإعدام الجانى لأن الجريمة قاسية وتمثل إفساداً وبغياً فى الأرض لا نظير له. وكان لها بالغ الأثر بين كل الناس، فهزت أركان القرى الآمنة المستقرة، ونشرت الرعب والفزع بين كل الأطفال. «الناس تغلق على أطفالها» ويصف صلاح توفيق موظف فى الشباب والرياضة، حالة الناس فى القرية والقرى المجاورة، مؤكداً أنهم فى حالة رعب وخوف وقلق على أطفالهم، لم يسبق لها مثيل من تكرار مثل هذه الواقعة، وأن الذى حدث أمر ليس بالهين وهو خروج على كل القيم الإنسانية، ويطالب صلاح بإعدام الجانى حتى يكون عبرة لغيره من الناس، مشيراً إلى أنه فور التأكد من الواقعة هرول الناس إلى منزل الجانى للإمساك به، ولكنهم لم يجدوه فأحرقوا دواراً للمواشى تعبيراً عن غضبهم. وأكدت سحر محمد سعد «ربة منزل» من جيران الجانى، أنه له تصرفات شاذة وخارجة عن المألوف وأبلغت أمه، مشيرة إلى تصرفات كثيرة غير إنسانية، وأن هذه الجريمة ولدت عند الناس حالة من الرعب، لدرجة أن المنازل أصبحت مغلقة على الأطفال، وأصبحت الناس لا تأمن على وجود أطفالهم وحدهم فى الشارع، فكل أب أو أم أو جد الآن يسلم طفلته للمدرسة ويتسلمها من المدرسة. أين المراقبة المجتمعية؟ ويصف الدكتور نادى عبد الله محمد الأستاذ بجامعة الأزهر، الجريمة بأنها أوجعت قلوب الملايين من البشر، وإن كان هذا تصرفاً فردياً، إلا أنه ضربة موجعة للمجتمع كله بجميع مؤسساته، لأن ضياع الأخلاق ضياع للأمة، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقى: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا ومن هنا يجب ألا تمر هذه الجريمة مرور الكرام وأن يحاسب مرتكب هذه الجريمة البشعة بما يستحق من الجزاء، وعلى المجتمع أن يستيقظ من رقاده، وعلينا جميعاً أن نلفظ هؤلاء المجرمين من حياتنا؛ حتى نستطيع أن نحافظ على حياتنا وأخلاقنا الإنسانية، ولابد من إعمال أدوات الشريعة التى تقضى على مثل هذه المهاترات، وهذا يستلزم من أولى الأمر أن يستدعوا من الشريعة أغلظ العقوبات التى تتناسب مع هذه الفاجعة؛ حتى يرتدع أمثال هذا المجرم. «محاكمات سريعة» وأكد المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقاً، أن المُشرع وضع العديد من العقوبات المغلظة لمواجهة جرائم الاغتصاب والشروع فيها وهتك العرض، فإن هذه الجرائم التى تنال من استقرار المجتمع وتهدر أمنه، ينبغى وضع العديد من الضمانات والإجراءات والردع المجتمعى لكل من تسول له نفسه مثل هذه الجريمة، ويطالب بضرورة وجود محاكمات سريعة وناجزة، من خلال تخصيص دوائر فى محكمة الجنايات والجنح، حتى يتسنى الفصل بسرعة فى مثل هذه القضايا التى تشغل الرأى العام.
وزير الداخلية يوجه وفدا لزيارة الطفلة كتب أحمد إمام وجه اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية بتشكيل وفد من ضباط وضابطات مديرية أمن الدقهلية لزيارة الطفلةالمعتدى عليها فى مركز شرطة بلقاس بالدقهلية ، حيث تمت مقابلة أسرة الطفلة وتقديم هدية رمزية لها ، والتأكيد على إهتمام الوزارة بالواقعة والاطمئنان على إتخاذ كافة الإجراءات القانونية فى هذا الصدد ، وذلك حرصا من وزارة الداخلية على القيام بدورها الاجتماعى والتواصل مع كافة طوائف الشعب المصرى.وقد أعرب أفراد أسرة الطفلة عن تقديرهم لجهاز الشرطة ، وإمتنانهم لذلك الدعم المعنوى الذى قدمته وزارة الداخلية لهم .