النائب مجدي البري: روح العبور تقود مصر إلى المستقبل بقيادة السيسي    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    مجلس "الصحفيين" يهنئ الشعب المصري بذكرى انتصارات أكتوبر ويكرم أبطال الحرب    ارتفاع عالمي بنحو 1.4%.. سعر الذهب اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025 وعيار 21 الآن للبيع    وزير الإنتاج الحربي: أبو زعبل للصناعات المتخصصة من أكبر القلاع الصناعية العسكرية في الشرق الأوسط    بعد اعتقال إسرائيل للنشطاء.. إسبانيا تعتزم تقديم شكوى للجنائية الدولية في أحداث «أسطول الصمود»    أوكرانيا تعلن إسقاط 83 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    أبو الغيط يشارك في احتفالية توديع سفير قطر بالقاهرة ومندوبها لدى الجامعة العربية    عضو القومي لحقوق الإنسان: من المهم الربط بين حقوق الإنسان وملف اللاجئين    رقم تاريخي لهالاند فى التسجيل بالملاعب الإنجليزية باستثناء آنفيلد    الاتحاد الجيبوتي: منتخب مصر يمتع مع حسام حسن.. وصلاح ومرموش الأفضل    اجتماع حاسم في الزمالك لمناقشة مستحقات اللاعبين ومصير فيريرا    الأهلي يبدأ إجراءات توفير تطعيم الملاريا قبل السفر إلى بوروندي    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديو أثناء رقصها بملابس خادشة للحياء (تفاصيل)    أمطار ورياح على هذه الأماكن.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس غدًا    إصابة 8 مواطنين إثر تصادم ميكروباص بسور كورنيش الإسكندرية    وزير الخارجية يشيد بمساندة البرازيل للدكتور خالد عنانى في انتخابات اليونسكو    15 عامًا بين زهرة الخشخاش ولوحة سقارة.. و البحث عن «السارق والمسروقات» مازال مستمراً    على الدين هلال: شخصية السادات ثرية ومعقدة صنعتها خبرات وأحداث طويلة    السينما وحرب أكتوبر: كيف تُشكل الأفلام وعي المصريين بالتاريخ؟    هل تنسى بسرعة؟.. 7 نصائح فعالة لتنشيط ذاكرتك وزيادة التركيز    35 مليون جنيه سنويًا وحملة إعلانية.. شرط حسين الشحات للتجديد للأهلي    في الثانية وخمس دقائق.. كنائس الشرقية تدق أجراسها احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر    «طقوس السطوح» عرض مسرحي يعلو القاهرة ضمن مهرجان «دي-كاف»    أسعار مواد البناء اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    «الصحة»: عبدالغفار يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    متخصصون من معرض دمنهور للكتاب: البحيرة تمتلك مستقبلًا واعدًا في الصناعة    مجلس الوزراء: سيناء.. الإنسان محور التنمية ونهضة عمرانية شاملة تحقق حياة كريمة لأبناء المنطقة    القبض على المتهم بالنصب على المواطنين ب «السحر والشعوذة»    المديريات توجه المدارس بمتابعة تسجيل الطلاب على منصة تدريس البرمجة    ممثلو «خور قندي الزراعية» يشكرون الرئيس لاستكمال صرف مستحقات أبناء النوبة    التوعية والتمكين وتحسين البيئة للعاملين ..أبرز حصاد العمل بالمحافظات    خبير بالشأن الأفريقي: حكومة آبي أحمد توظف سد النهضة دعائيًا وتتجاهل القانون الدولي    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 في المنيا    رئيس الاتحاد السكندري: نستعد لضم صفقات قوية في الميركاتو الشتوي.. والجمهور درع وسيف للنادى    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة: شركات التجارة الإلكترونية ساهمت في تطوير التجارة وأثرت إيجابيًا علي الاقتصاد المصري    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    بسبب التقصير في العمل.. إحالة الطاقم الإداري لمستشفى كفر الشيخ العام للتحقيق (تفاصيل)    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    ضبط المتهمين بالتعدي على مواطن بسبب الخلاف على أولوية المرور بدمياط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    محافظ البحيرة تضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة انتصارات أكتوبر    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    عالم بالأزهر: سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل مصر خيرا    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    السعودية تتيح أداء العمرة لجميع حاملى التأشيرات.. انفوجراف    ناشط إيطالى ضمن أسطول الصمود يعلن اعتناقه الإسلام داخل سجون إسرائيل    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء فى إمبابة والتحفظ على أكثر من ألف قطعة    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بليغ 3
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 03 - 2017

قلت فى معرض حديثى عن بعض تفاصيل رواية «بليغ» لطلال فيصل، الذى بدأته فى المقالة قبل السابقة، ومازلت أوالى الحديث عنها - قلت فى مقالة الجمعة الماضية إن ما تحتويه الرواية من مفارقات هو سر جمالها.
ولن أعيد شرح مصطلح «المفارقة» فى الأدب والدراما، فأرجو لمن لا يتذكر معناها العودة للمقالة السابقة. لكنى سأحاول فى هذه المقالة مواصلة التركيز على ذلك السر الذى منح الرواية جمالها فى اعتقادى، والذى يجعل من العمل الإجمالى المنشور، الصادر عن دار الشروق منذ أسابيع قليلة، عملاً أرقى كثيراً من الرواية العاطفية الانفعالية قاصرة الرؤية، وإن كانت هى الأخرى - فى نوعها - جميلة، والتى أطللنا على صفحاتها عبر كتف طلال القسم الثانى وهو مُنحنٍ على نوتته السوداء يرسم من وجهة نظره شخصية بليغ الذى يعشقُه بقلم حبر أحمر. ولا أدَلّ على الطبيعة العاطفية الانفعالية لتلك «الرواية داخل الرواية» من الحبر الأحمر فى النوتة الميلودرامية السوداء ذات الأوراق الخشنة.
بينما الرواية الأم، ذات الأقسام الخمسة، تعرض أمام عيوننا أكثر من «بليغ حمدى»: الدون جوان البوهيمى من وجهة نظر طلال القسم الثانى؛ والعاشق الرومانسى المتيم الذى نلمحه من خلال أوراق بليغ نفسه فى القسم الرابع، ثم طلال كما رآه قاضى الاستئناف الذى أيد الحكم الابتدائى بسجنه فى قضية أخلاقية فضائحية تسببت فى نزوح بليغ إلى باريس تجنباً لتنفيذ الحكم. وقلنا تلميحاً فى المقالة السابقة كيف أن رسالة القاضى لطلال فيصل (القسم الثالث) أدخلت بُعداً صوفياً إلى الرواية؛ والآن إلى توضيح التلميح:
يسرد القاضى فى رسالته كيف أن رؤيا صالحة رآها، حين أدركته سِنة من نوم فى مسجد - تفاصيلها متوافرة فى القسم الثالث من الرواية - جعلته يندم على تأييد الحكم بسجن الفنان الكبير. وقد بدأ هذا الندم مجرد شك، ثم شاء الله أن يكون القاضى فى باريس لظروف أسرية، فسَعَى للقاء بليغ هناك، وبقدرة ربانية تم ذلك بسهولة: التقى بليغ دون أن يعلم الفنان شيئاً عن هوية القاضى، فرأى القاضى أمامه إنساناً دافئاً معطاءً بلا حدود، أقرب إلى القديسين وأولياء الله الصالحين، فتأكدت فحوى الرؤيا لديه وسعى قدر استطاعته أن يتخفف من شعوره بالذنب بمساعدة الفنان على العودة لوطنه ليضم ثراه جسده المنهك بعد شهور قليلة من عودته. ولا أدرى إلى أى حد استند صاحب الرواية إلى معلومة وثائقية فى هذا الصدد، أم أن الأمر برمته من وحى خياله، ولا يمت للواقع بأية صلة. فى كل الأحوال، نجح طلال فيصل، صاحب العمل المنشور، فى أن يقدم لنا، من خلال عدة شهود ورواة، لقطات متنوعة، من زوايا متعددة ومناظير مختلفة متباينة، أحياناً إلى حد التناقض - أن يقدم لقطات متعاكسة لوجه صاحب السيرة الفنان الكبير بليغ حمدى، ليعطينا فى النهاية عملاً مُركباً، يذكرنى إلى حد ما برواية «العائش فى الحقيقة» لنجيب محفوظ، حيث يحكى عدة أشخاص من معاصرى إخناتون حكايته، كُلٌّ من وجهة نظره، وتتباين وجهات النظر إلى حد التضاد التام.
الأمر ليس بنفس درجة القطبية الصفرية الحادة فى «بليغ»؛ إلا أن الروائى الشاب طلال فيصل، على عكس طلال الشخصية فى القسم الثانى، استطاع أن يقدم لنا عملاً يُشبع العقول التى تدرك مدى تعقدُّ الحقائق البسيطة وما تحويه الحياة من مفارقات، أحياناً تكون ساخرة؛ ولم يُعفِ حتى ذاته من السخرية! وهى سخرية لطيفة مهذبة، ناعمة وراقية، هادئة وماكرة وغير مباشرة، على عكس سخرية طلال الشخصية الروائية التى تتميز بالمرارة والعنف وبعض التشنج.
ولم يقتصر تعدد جوانب ومستويات العمل على شخصيتيه الرئيسيتين:
بليغ صاحب السيرة وطلال كاتبها وصاحب السيرة الذاتية الموازية, بل امتد أيضا إلى شخصية سليمان العطار والطبيب النفسى.. فكل الشخصيات تقريبا يمكن لنا تأملها من عدة زوايا ومناظير للرؤية, باختلاف الراوى والرائى.
وأخيراً: تحية للفنان الشاب طلال فيصل الذى أمتعنا بمكره الفنى, وأبدع لنا نموذجا نادراً لبلاغة المفارقة, حتى أنك قد تتساءل: هل «بليغ» اسم فنان أم صفة للعمل؟
لمزيد من مقالات بهاء جاهين;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.