رغم أنه كان بقريش أولو نُهى وأصحابُ رأى إلا أنهم لم يُصدقوا أن النبي أُسرى به من مكة إلى القدس وعاد من ليلته؛ لمُخالفة ذلك طاقات البشر آنذاك، وقياسا مع الفارق فإن تصريح الفنانة سما المصري بتقديم برنامج ديني بعنوان ( عقوق الوالدين ) على إحدى الفضائيات في شهر رمضان، لاقى كثيرا من الدهشة والاستغراب من العامة قبل الخاصة من علماء الأزهر الذين أكدوا أن مصر لم تُعدم علماءها، لتأتى راقصةٌ تُقدم برنامجا دينيا في شهر رمضان المبارك . والحقيقة أن هذه الزوبعة من قبل الشارع والمُتخصصين حول هذا التصريح لها ما يُسوغها من عدة وجوه: أولها أن الفنانة (اللوذعية)، أعلنت أنها ترفض لبس الحجاب، وستُقدم برنامجها بهيئتها الحالية، التي هي عبارة عن زيٍ يكشف أكثر مما يستر، بحضور علماء يجيبون عن أسئلة المشاهدين، ويقدمون صحيح الدين، وهذا هو العجبُ بعينه، إذ إن من دوافع قبول النصيحة أن يكون مُقدمها قدوة لمُتلقيها، فكيف تُقدم فنانة - من أهم سماتها بحكم مهنتها العرى - نصائح في الدين الإسلامي القائم على الطُهر والحشمة والعفاف؟ وزعمُ سما المصري، بأن العُرى في الفكر وليس في الجسد مردودٌ عليه، بأن كليهما عرى، أحدهما مادىٌ وهو عرى الجسد، والآخر معنوي وهو عرى الفكر، وبالتالي فلا يصح أن نستر الفكر الفاسد، ونُحلق بالفكر الراقي في الآفاق، تاركين الجسد عاريا، تسبح في تضاريسه عينُ كل من هب ودب! وتصريح الفنانة بأن المُطالبة بالحجاب رجعية، يجعلُني أهمس في أذنيها بأنك مُخطئة؛ لأن الرجعية الحقيقية في العرى، الذى تعتبرين من سفرائه، وهو ما أخبرتنا به دراسةُ التاريخ، حيث ولد الإنسانُ عاريا مُتكشفا، ولما عرف الحضارة تستر ولبس الزى، فدعوتك للتكشف وخلع الحجاب، هي مُطالبة بعودتنا للعصور الحجرية. إضافة إلى ما سبق لو اعتبرنا - كما زعمتِ - أنك ستكونين مجرد وسيط بين الجمهور والعلماء، ولن تتكلمي في الدين، فنقول لك - شاكرين مسعاك النبيل - أريحي نفسك فهناك كثيرٌ غيرُك يُمكنهم القيام بهذا الدور؛ لأنهم مؤهلون علما وثقافة، هيئة وحضورا، حشمة ووقارا؛ ومن ثم فإن حديثهم في الدين سيصل إلى القلب؛ لأنه بلا شك سيكون نابعا من القلب، وليس بغرض الدعاية الرخيصة، والشهرة الزائفة. واختيارُك تقديم هذا البرنامج في شهر رمضان يُعتبر الطامة الكبرى، إذ إن مُشاهدة الصائم لبرنامجك بعد امتناعه عن الطعام والشراب وجميع المُفطرات سيكون الحمقَ بعينه؛ إذ سيصدُق عليه لا محالة قولُ النبي : رُب صائمٍ ليس له من صومه إلا الجوع والعطش؛ وذلك لما سيراه ويسمعه من أفعال تتنافى وأخلاقيات ذلك الشهر. وهذا لا يعنى أن نُسلبك حقك في النصيحة في الدين، فهذا هو الجهلُ بعينه؛ لأنه كما أخبر النبيُ الدينُ النصيحة، ولكن لا بد أن تتحلي بآدابها أولا، ثم تُقدمي على بذلها بعد ذلك؛ لأن فاقد الشيء لا يُعطيه. وإذا كان من قول النبي : إذا لم تستحى فاصنع ما شئت، فإن الأمر مع تصريح سما المصري وفى بلد بحجم مصر والأزهر، يختلف تماما.. إذ لا يصح أن تصيح الجرذان في وادى السباع! Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى;