يحتفل الاتحاد الأوروبى فى 25 مارس بمناسبة مرور ستين عامًا على توقيع اتفاقية روما والتى كانت بمثابة الخطوة الأولى نحوأوروبا موحدة. منذ ميلاد المجتمعات الأوروبية فى 1957 وسقوط جدار برلين فى 1989 لطالما تمتع مواطنو الدول الأعضاء بعقود يعمها السلام والرخاء والأمن غير مسبوقى النظير. وعليه، فإن الاندماج الأوروبى يعتبر أكثر مشاريع السلام نجاحًا على مدى تاريخنا. غير أننا نعيش حاليًا فى أوقات من غير الممكن التنبؤ بما قد يحدث فيها. لذا تعد مناسبة مرور ستين عامًا على إبرام اتفاقية روما فرصة، ليست لإعادة تأكيد التزاماتنا تجاه القيم والأهداف التى قام عليها المشروع الأوروبى فحسب، وإنما أيضًا لاتخاذ خطوات عملية وطموحة لأجل المضى قدمًا إلى الأمام. لطالما كان الاتحاد الأوروبى شريكًا محوريًا رئيسيًا لمصر على مدى السنين. وتعد جهود مصر الرامية إلى تحقيق الاستقرار والرخاء والنمو الاجتماعى والاقتصادى المستدام فى جوهر مشاركة الاتحاد الأوروبى مع جارنا المهم على الجانب الآخر من البحر المتوسط.تتجسد علاقة الاتحاد الأوروبى بمصر فى اتفاقية الشراكة، والتى تعتبر أساس التعاون فى مجالات شتى. كذلك، فإن تبنى أولويات الشراكة القائمة ما بين الاتحاد الأوروبى ومصر، للفترة الممتدة من 2017 إلى 2020، يعد الأساس لتوجيه تعاوننا المستقبلي. يمر العالم بأوقات من عدم اليقين وذلك عندما تتعرض، من وقت إلى آخر، الأسس القائمة على القواعدالخاصة بالنظام العالمى لحالة من التشكك. من هذا المنطلق،يمثل الاتحاد الأوروبى قوة متزايدة الأهمية تساعد فى الحفاظ على النظام العالمى ودعمه. الاتحاد الأوروبى هو أكبر سوق عالمية والمستثمر الأجنبى الرائد فى معظم أنحاء العالم. لقد حققنا مكانة قوية من خلال العمل معا بصوت واحد على الساحة العالمية، والقيام بدور محورى فى إزالة الحواجز المفروضة على التجارة العالمية، فضلاً عن إبرام اتفاقات تجارية ثنائية مع العديد من الشركاء حول العالم؛ مثل مصر. الاتحاد الأوروبى هو أكبر جهة مانحة للتمويل المعنى بدعم التنمية، وبالتالى فقد كان لنا دورا فاعل فى التخطيط لأهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأممالمتحدة. كما أننا نقوم فعليًا بتنفيذ هذه الأهداف، إلى جانب العمل على تطوير الإجماع الأوروبى حول سياسة التنمية. وفى هذا الإطار،تتلقى نحو 150 دولة على مستوى العالم دعمًامن الاتحاد الأوروبى لأجل التنمية، ويشمل ذلك مصر، ونحن إذ نركز بشكل متزايد على الدول الأكثر حاجة. يتسم الاتحاد الأوروبي، وسيظل، بالقوة والتعاون وإمكانية الاعتماد عليه. يعلم شركاؤناالقضايا التى نساندها.فنحن نساند حقوق الإنسان، والتعاون الدولي، والتنمية المستدامة، والمجتمعات الشاملة، وسنظل نتصدر المساعى المتعلقة بمجابهة كل أشكال عدم المساواة. كما أننا ندعم قيام قواعد عالمية أفضل تحمى الأشخاص من التعرض للإيذاء وتتسع بنطاق الحقوق وترفع من مستوى المعايير. وبفضل مشاركتنا، نحن فى الاتحاد الأوروبى مع دولنا الأعضاء، استطاع المجتمع الدولى إبرام اتفاقات رائدة مثل اتفاقية باريس للمناخ وخطة عمل أديس أبابا حول التمويل من أجل التنمية. ومن ثّم فى عالم من سياسة القوة الناشئة، سوف يكون للاتحاد الأوروبى دور أكثر أهمية. إن المناخ العالمى الأكثر هشاشة يدعو إلى المزيد من المشاركة وليس القليل منها. لذا، سيستمر الاتحاد الأوروبى فى دعم الأممالمتحدة ومعاونتها؛ حيث يغطى التعاون فيما بيننا كلا من بعثات السلام، والجهود الدبلوماسية، وحقوق الإنسان، ومكافحة الجوع والجريمة. كما سيظل الاتحاد الأوروبى شريكًا قويًا وفاعلاً للمنظمات الإقليمية؛ مثل الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية. مهما يمكن أن يقع من أحداث فى المستقبل يوجد أمر واحد مؤكَدا وهو أن الاتحاد الأوروبى سيظل يتعامل مع السلام والأمن الدوليين، والتعاون الإنمائي، وحقوق الإنسان، والاستجابة للأزمات الإنسانية باعتبارها أمورا تكمن فى جوهر سياسات الاتحاد الأوروبى الخارجية والأمنية. لمزيد من مقالات السفير إيفان سوركوش;