تمر السنون ولا تغيير حقيقى يمس منظومة التعليم بشكل عام سواء فى التعليم قبل الجامعى أو الجامعى إلا من محاولات سابقة واجهتها مقاومة شديدة أقعدتها عن العمل وجعلتها تتخذ طريقا آخر وللأسف ضل بها السبيل وضعفت ولازمها الفشل وبعدت كليا عن مواكبة التطوير والتحديث نحو العالمية برغم ما قدم من أوراق منذ سنوات مضت تمثلت فى استراتيجيات ومشاريع قوانين أعدت بالكامل خلال وزارات الدكتور فتحى سرور والدكتور حسين كامل بهاء الدين والدكتور مفيد شهاب والدكتور هانى هلال والدكتور محمود أبو النصر وإن كانت ومازالت موجودة خاصة التى أعدها الدكتور هانى هلال وتعامل معها بعض الوزراء الذين جاءوا بعده خاصة الدكتور السيد عبد الخالق وتوقف بعده كل شىء. واليوم مع تسلم وزيرين جديدين المسئولية الدكتور خالد عبد الغفار للتعليم العالى والبحث العلمى والدكتور طارق شوقى للتربية والتعليم أصبح أمامهما العديد من الاستراتيجيات ومشاريع القوانين والتى مازالت صالحة ولكنها مخزنه داخل أرفف وأدراج الوزارتين ولا يحتاجان إلى أى مشقة للكشف عنها ويمكنهما الاتصال المباشر ولقاء هؤلاء الوزراء السابقين ليخففا عليهما الوقت والمجهود من أجل إعداد أوراق جديدة يضيع معها الوقت والجهد حيث أن أزمة التعليم كبيرة وتحتاج إلى تغيير شامل بعيدا عن الكلمات الرنانة بأن تعليمنا بخير والأحلام الوردية التى لا تحتاج فقط إلا للعمل الشاق والتنفيذ والتطبيق. أردت أن أوضح وأؤكد أن الوزارتين لا تحتاجان إلى استراتيجيات ولا مشاريع قوانين جديدة بكل صدق وأمانة مع العلم أن الثانوية العامة وسياسات القبول بالجامعات تقف فى مقدمة الفشل خلال السنوات الماضية وأن الأبحاث والرسائل العلمية «وهم» أفسد الدراسات العليا وأصابها بمرض التكرار والإنشاء وأن زحام المدرجات والفصول حول «فكرة» التعليم والتعلم إلى «فوضى» تعليمية وخريج مشوه. جامعة بنها برغم حداثتها إلا انها قد تنبهت إلى أن هناك أزمة حقيقية تواجه التعليم العالى ومرتبطة ارتباطا وثيقا بوزارة التربية والتعليم على أساس ان الجامعات والمعاهد تستقبل سنويا الآلاف من طلاب هذه الوزارة سواء من الثانوية العامة أو التعليم الفنى فنظمت بنها منتدى الحوار الأول للجامعات المصرية الحكومية والخاصة حول تطوير التعليم العالى فى مصر تحت شعار (نحو تعليم أفضل) بمشاركة 26 جامعة مصرية، بحضور الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى والدكتور السيد يوسف القاضى رئيس جامعة بنها وعدد من رؤساء الجامعات ودارت المناقشات –بمشاركة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم وممثلى المجتمع المدنى والخبراء – حول عدد من المحاور الرئيسية تمثلت فى: تشخيص الوضع الراهن لمنظومة التعليم الجامعى والتحديات، والشفافية والوضوح، وملاءمة التخصصات وسوق العمل، وأوضاع هيئة التدريس، ونظم القبول بالجامعات المصرية ووضع معايير جديدة، والكثافة وعلاقتها بالجودة، ومعايير الجودة المحلية والعالمية، وبرامج تدريبية حديثة لأعضاء هيئة التدريس والطلاب، والعدالة وتكافؤ الفرص والتميز اللامحدود، والمشاركة المجتمعية من كل أطياف المجتمع المستهدف، ووضع أطر للرقابة والتقييم بشكل مستمر. وانتهى التقرير النهائى والتوصيات -التى أعلن عنها الوزير ورئيس جامعة بنها لتفعيل المقترحات فى مؤتمر صحفى عقد بوزارة التعليم العالى منذ أيام قليلة- إلى ضرورة إعداد ورقة عمل وعقد لقاء بين ممثلى الجامعات والوزير لمناقشة التوصيات وللحوار وتبنى جامعة بنها ووزارة التعليم العالى الملتقى سنويا تحت شعار تطوير التعليم فى مصر تحت رعاية رئيس الجمهورية. وانتهى المنتدى إلى عدد من التوصيات شملت «روشتة» العلاج خلال المرحلة الحالية إذا كان هناك إرادة حقيقية ونوايا للإصلاح من خلال عقد ورش العمل والتطبيق الفورى فى ضوء هذه التوصيات التى تضمنت ما يخص تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد العليا وطالبت بتطوير سياسة القبول بالجامعات – والتى ترتبط بتطوير حتمى للثانوية العامة- بحيث لا يقتصر التنسيق على مجموع الثانوية العامة فقط -كما جاء فى التوصيات- وعمل مجموع اعتبارى لكل قطاع من قطاعات التخصص المختلفة مع إجراء اختبار قدرات موحد لكل قطاع من القطاعات المختلفة كشرط إضافى للقبول بالجامعات مع وضع ضوابط للرقابة عليها بما يحقق الجدية لدى الطلاب والقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية. كما أوصى بزيادة نسبة المقبولين بالجامعات من خريجى التعليم الثانوى الفنى لحث أكبر عدد من الطلاب على الالتحاق به مع تأهيلهم للدراسة بالجامعات وتقليل أعداد الطلاب بالكليات ذات الكثافة العالية وربط سياسة تحديد الأعداد بالكليات فى القطاعات المختلفة بالاحتياجات الفعلية للخرجين منها فى سوق العمل وتفعيل الإرشاد الاكاديمى لطلبة مرحلة الثانوية العامة، بهدف مساعدتهم فى اختيار التخصصات التى تتناسب مع استعداداتهم وقدراتهم وإنشاء كليات نوعية جديدة وكذا برامج دراسية لخدمة المجتمع وتلبية احتياجاته فى كل الجامعات مع تقليل أعداد المقبولين فى قطاع الدراسات النظرية والإنسانية وربط البرامج الأكاديمية وتخصصات الخريجين باحتياجات سوق العمل واستحداث آليات لتأهيل الخريجين وإكسابه المهارات اللازمة لسوق العمل من خلال التعاون مع النقابات المهنية المختلفة والمجتمع المدنى. وتناولت التوصيات ما يخص الطلاب وبرنامج الدراسة بالجامعات فأوصت بتحديث اللوائح الدراسية والبرامج الأكاديمية بشكل دورى مع تزويدها بمقررات وأنشطة دراسية تكسب الطلاب مهارات اللغات الأجنبية المختلفة ومهارات استخدام الحاسب الآلى وبرامجه، ومهارات تنمية القدرات الذاتية لدى الطالب (مهارات التواصل – مهارات المقابلات الشخصية -... وغيرها ) وعدم التركيز على الاختبارات التحريرية كوسيلة وحيدة للتقويم بالجامعة واستخدام أدوات تقويم أخرى مثل بطاقات الملاحظة، وقوائم التقدير، والاختبارات الشفهية والعملية وجعل التقويم تقويماً مستمرا وشاملاً لجميع مخرجات التعلم وإنشاء برامج تعليم إلكترونى متكاملة موازية وداعمة للتعليم النظامى تتضمن المنهج بعناصره المختلفة لتحقيق التعلم والتعليم بلغة العصر الحديث مع مراعات كل المتطلبات الأكاديمية وتطوير اللوائح الدراسية فى كل التخصصات بإدراج مقرر مشروع التخرج لتعميق التواصل مع قطاعات الإنتاج والخدمات وإكساب الطالب الخبرات اللازمة لسوق العمل وتأهيل البنية التحتية للجامعات بما يتناسب مع ذوى الاحتياجات الخاصة واكتشاف ودعم الموهوبين والمبدعين من الطلاب فى المجالات المختلفة والعمل على صقل مهاراتهم وتشجيع وتحفيز الطلاب على المشاركة فى الأنشطة الطلابية مع الحفاظ على كامل حقوقهم وإنشاء كيان راعى للمبتكرين من الطلاب وشباب أعضاء هيئة التدريس لتمويل براءات الاختراع وإنشاء فروع لها فى الجامعات ومراعاة توفير وحدات صحية مجهزة داخل كل كلية، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية للمرضى من الطلاب فى كل اقسام المستشفيات الجامعية والعمل على توفير المنح الدراسية للطلاب، وبرامج الشراكات، والتبادل الطلابى مع الجامعات الأهلية والخاصة والجامعات العربية والدولية وتطوير التشريعات بأن يكون للطلاب والهيئة المعاونة الحق فى التمثيل والمشاركة فى المجالس المختصة ( مجلس القسم – ومجلس الكلية – واللجان المنبثقة) فيما يخص موضوعات الطلاب والتعليم. وطالبت فيما يخص الجامعات وأعضاء الهيئة التدريسية ومعاونيهم بضرورة التأكيد على تهيئة بيئة العمل المناسبة لأعضاء هيئة التدريس والعمل على زيادة الأبحاث التطبيقية وتشجيع الأبحاث التى تسهم وتتماشى مع المشروعات القومية الجديدة وإنشاء مركز لتسويق البحوث فى كل جامعة وإقامة شراكة بين الجامعة والمؤسسات المجتمعية للخدمات والإنتاج لدعم مشاريع التخرج وتسويقها وإنشاء مركز لرصد مشكلات المؤسسات الإنتاجية والتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية فى دراسة هذه المشكلات وبحثها واقتراح الحلول المناسبة وعقد الاجتماعات التنسيقية بشكل منتظم بين لجان البيئة بالكليات ومجالسها بالجامعات مع رجال الأعمال والصناعة وذلك للتعرف على معوقات الإنتاج وإثارتها كنقاط بحثية مع إشراكهم بها وإنشاء قواعد بيانات للمعامل البحثية والأجهزة العلمية المتاحة بالجامعات والمراكز البحثية التابعة لها مع إعلانها على موقع الكليات والجامعة وزيادة المخصصات المالية للجامعات بما يتناسب مع أعداد الطلاب المتزايدة واحتياجاتهم من مبان وقاعات دراسية ومعامل ومختبرات وورش، ونماذج تدريبية....إلخ. مع مراعاة تعظيم الاستفادة من المنشآت الجامعية الموجودة بالفعل وتشجيع المجتمع المدنى والشركات الإنتاجية والخدمية على دعم موازنات الجامعات ووضع المحفزات والقوانين الداعمة لذلك وتحديد الاحتياجات التدريبية لأعضاء هيئة التدريس مع التأكيد على جدية دورات تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والبعد عن النمطية والتكرار والمحتويات الموحدة فى البرامج التدريبية لكل الدارسين على اختلاف تخصصاتهم والعمل على استكمال الهياكل الأكاديمية والإدارية بالجامعات وفقا لمعايير الجودة القومية وربط الخطة البحثية للكليات والجامعة بالخطة البحثية القومية (اشتراط توافق موضوعات الرسائل العلمية مع الخطة البحثية القومية كشرط للتسجيل) واشتراك مكتبة الجامعة فى جميع الدوريات العلمية العالمية وزيادة الدعم المخصص لتمويل البحث العلمى بالكليات والجامعة وتفعيل لجان أخلاقيات البحث العلمى وإصدار التشريع الموحد للتعليم العالى والخاص بالبحث العلمى وتوفير عناصر القدرة والجاذبية لمنظومة التعليم العالى لاستيعاب الطلاب الوافدين والانتشار خارج الحدود على مستوى الأفراد والمؤسسات. أوصى المنتدى بضرورة الحفاظ على الهوية العربية فى مؤسسات التعليم العالى وتعديل قانون تنظيم الجامعات الجديد ليشمل معاونى أعضاء هيئة التدريس بدلا من الوضع الحالى من حيث تطبيق قانون (الخدمة المدنية) عليهم مع ضمان تكافؤ الفرص فى شغل وظائف المعيدين بالجامعة وتوسيع إطار الرعاية الصحية ليشمل برامج تغطى معاونى أعضاء هيئة التدريس وأسرهم، ورفع الحد الأقصى المسموح للهيئة المعاونة والتوعية بأهمية البعثات الخارجية وضرورة تنوع البعثات فى مختلف التخصصات والمنح، بما يخدم المجتمع واحتياجات سوق العمل ومراعاة التوزيع النسبى لأعداد المبعوثين، والاهتمام بإيفاد المبعوثين إلى الجامعات الحاصلة على تصنيف عالمى متقدم ووضع إطار تشريعى مناسب لجداول مكافآت الإشراف على الرسائل ومناقشتها وإعادة النظر فى معاشات ومستحقات أسر أعضاء هيئة التدريس المتوفيين وغير القادرين على العمل (يوجد حالات مأساوية حاليا بالجامعات) وتهيئة المناخ البحثى للمبعوثين بعد عودتهم إلى مصر لضمان الاستفادة القصوى من خبراتهم التى اكتسبوها والارتقاء بنظام العمل فى الجهاز الإدارى للجامعات بما يضمن تبسيط وميكنة المستندات والإجراءات المطلوبة. بذلك نقول فى النهاية إن منتدى الجامعات الذى نظمته جامعة بنها قدم «روشتة» الإصلاح.. ولكن متى يبدأ العمل للحاق بركب العالمية؟