هل يمكنك ان تتولى وظيفة تقتضى العمل طوال الساعات الاربعة والعشرين وكل ايام الاسبوع دون يوم واحد اجازة وبلا مقابل ؟ هل تستطيع ان تقوم بدور المدرس والطبيب وخبير التغذية والاخصائى النفسى والطاهى وغير ذلك اذا اقتضى الامر؟ لا اعتقد انه من السهل قبول مثل هذه الوظيفة ، إلا أن كل أم تقبلها عن طيب خاطر. هذه كانت اجابتى على سؤال من شاب من اسرتى حول سبب ان اوصى النبى صلى الله عليه وسلم على الام اكثر من الاب .صحيح ان الاب يتعب كثيرا ويتحمل مسؤلية الانفاق على اسرته والمشاركة فى تربية الابناء الا ان ما تقوم به الام وما تتعرض له اثناء الحمل والولادة من الم ومشقة لا يمكن ان يتحمله الرجل . فقد اثبتت الابحاث العلمية ان الرجل الذى هواقوى عضليا من المرأة لا يستطيع ان يتحمل الام الوضع على سبيل المثال، ولا يمكنه القيام بأعماله اليومية اذا حرم من النوم لساعات طويلة ..الا ان الام تستطيع بما منحها الله من قدرة على التحمل . كما انه من المعتاد ان ترى المرأة تؤدى عدة اعمال فى نفس الوقت .كأن تطهوالطعام وتذاكر للاولاد وتنظم البيت وترد على التليفون اذا اقتضى الامر دون ان تفقد تركيزها .اما الرجل فلا يستطيع بحكم طبيعته ان يؤدى سوى عمل واحد فى كل مرة . اما الام العاملة فهى لا شك تقوم بجهد مضاعف فى عملها خارج البيت وداخله واذا منحت الفرصة تثبت تفوقها بفضل احساسها الكبير بالمسؤلية واصرارها على النجاح . ومن المؤسف ان هذا الجيل من الابناء ربما لا يقدر هذا الجهد الذى تقوم به امهاتهم وقد تكون المبالغة فى تدليلهم وراء ذلك مما جعلهم اعتادوا على ما يأخذون من الوالدين فلا يشعرون بقيمته الحقيقية . كما ان النماذج التى تقدم فى الاعمال الدرامية تظلمها الى حد كبير .صور المرأة غالبا ما تكون سلبية ...فهى اما مادية اوخائنة اوسيئة السمعة ، ونادرا ما نرى على الشاشة المرأة والام التى تعيش بيننا . التى تعمل وتجتهد وتضحى من اجل اسرتها واولادها. ولم يعد هناك الاهتمام بأظهار مشاعرها نحوهم وكأنها لاتفكر سوى فى مصلحتها الشخصية وهذا غير حقيقى على الاطلاق. واذا كنا كثيرا ما نتحدث عن تحديث الخطاب الدينى هذه الايام ،فلابد ان يهتم رجال الدين فى المساجد والكنائس باعادة قيم تقدير الام والاب والحث على احترامهما خاصة ان اسلوب تعامل الاجيال الجديدة من الابناء بات ينقصه الكثير من ذلك . وهذا الدور لا يقتصر على رجال الدين بل يجب ان يقوم به كل مرب فى البيت وفى المدرسة فهذا هواساس تنشئة انسانا سوى وبالتالى مجتمع سوى .. وهذا هوبلا شك من صميم كل الاديان . وياليت الابناء يقدمون مزيدا من الحب والاهتمام والتقدير لكل ام فى عيدها ولا يكتفون بهدية مادية تشعرهم بأنهم ادوا ماعليهم من واجب .كل عام وكل ام بخير وصحة وسعادة لتنير حياة اسرتها وتشارك فى بناء مجتمعها وتعمل على رفعته.