فى إطار تصعيد المواجهات الدبلوماسية بين أنقرة وأوروبا، قررت الحكومة التركية عدم السماح بعودة السفير الهولندى إلى أنقرة إلى أن تنفذ أمستردام المطالب التركية بالاعتذار وإجراء تحقيق مع المسئولين عن الانتهاكات التى طالت المواطنين الأتراك الذين احتجوا على منع فاطة بتول قايا وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية من دخول القنصلية التركية فى روتردام، قبل إبعادها من هولندا. وتزامنت هذه الإجراءات المتلاحقة، مع إعلان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أنه «يعتزم عقد اجتماع مع رئيس وزرائه بن على يلدريم، لبحث خيارات فرض عقوبات دبلوماسية على هولندا»، مهددا بأن «المسئولين الهولنديين سيدفعون الثمن عاجلاً أم آجلاً، وستتم محاسبة أمستردام على فعلتها بشكل سريع على الصعيد الدبلوماسي». وأوضح أردوغان فى حديث تليفزيونى أن الأوروبيين «أظهروا الوجه الحقيقى للغرب الذى لم نكن نرغب فى رؤيته، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تقف إلى جانب هولندا، إذاً أنتم تحملون نفس الأفكار، وما تفعلونه لا يتوافق بتاتاً مع مكتسبات الاتحاد الأوروبي»، كما اتهم «بعض» الدول الأوروبية بأنها لا تتقبل نهضة تركيا، موضحاً أن «ألمانيا للأسف تتصدر تلك الدول، وهى تقدم الدعم للإرهاب بلا هوادة» ثم مضى مسترسلا «أقول مرة أخرى للسيدة ميركل، ساندى الموقف الهولندى كما تشائين، فأنت تقدمين الدعم للإرهابيين، قدمنا لك 4 آلاف و500 ملف حول قضايا تتعلق بالإرهاب، ولم تبلغينا أى شيء عن تلك القضايا". ووصف أردوغان خِييرت فيلدرز زعيم حزب "الحرية" الهولندى اليمينى المتطرف بأنه "عنصرى بكل معنى الكلمة، ويهدد الأتراك ويدعوهم إلى ترك هولندا" وخاطب فيلدرز قائلا: "هل أنت جلبتهم إلى هولندا لكى تقول لهم أتركوها؟ اعرف حدودك". وفى الوقت ذاته، أعلن نعمان توركلموش نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة التركية تعليق كل اللقاءات الرسمية رفيعة المستوى والمخطط لها مسبقا مع هولندا، بالإضافة إلى سحب تصريحات هبوط وعبور طائرات الرحلات الدبلوماسية اعتبارا من أمس الأول الاثنين وعدم السماح لها باستخدام المجال الجوى التركي، إلى جانب إصدار توصية للبرلمان بإلغاء جمعية الصداقة التركية – الهولندية. يأتى ذلك فى الوقت الذى اعتبرت فيه وزارة الخارجية التركية مساندة الاتحاد الأوروبى لهولندا بهذا الشكل بأنه لا جدوى منها، مشيرة إلى أن هذا الموقف هو محاولة لتشويه حقيقة ما حدث، ويعمل على تأجيج حدة كراهية الأجانب والعداء تجاههم. كما وصف بيان الخارجية التركية دعوات الاتحاد الأوروبى لأنقرة بالتهدئة وعدم اصدار تصريحات مبالغ فيها بأنها “لاقيمة لها” . ومن ناحيتها، أكدت صحيفة “جمهوريت” المعارضة أن الموقف الهولندى خاطئ ويتعارض مع اتفاقية فيينا ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والفكر، إلا أنها انتقدت فى الوقت نفسه موقف الحكومة التركية واعتبرته تحريضيا لكسب أصوات القوميين قبل موعد الاستفتاء الشعبي. وفى الوقت ذاته، ذكرت شبكة “سى إن إن تورك” أن إيران اتخذت جبهة ضد تركيا بعد الموقف الهولندى والألماني، حيث اعتبرت طهران بعض تصريحات أنقرة فى الآونة الأخيرة تتعارض مع حسن الجوار. كما دعت وزارة الخارجية الإيرانية رعاياها فى الخارج إلى عدم السفر إلى تركيا، إثر الأزمة الدبلوماسية مع هولنداوألمانيا. وفى فيينا، أعلن المستشار النمساوى كريستيان كيرن أنه سيعمل على منع الوزراء الأتراك من عقد أى تجمعات داخل النمسا لصالح الاستفتاء التركى على توسيع سلطات أردوغان.