بعد أيام من إعلان أربع جماعات متطرفة فى منطقة الساحل والصحراء الإفريقية اندماجها تحت مسمى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتوقعات بشنها موجة عمليات إرهابية جديدة لإثبات الوجود والانتقام، تكتلت فى ليبيا عدة جماعات متشددة وإرهابية تحت مسمى سرايا الدفاع عن بنغازى واستولت على ميناءى السدرة وراس لانوف المهمين لتصدير البترول وعلى خمس مدن محيطة فى تطور ينذر بموجة قتال أعنف وبتعقيد أكبر لجهود حل الأزمة سلمياً ويؤشر إلى أن منطقتى المغرب العربى والساحل والصحراء مقبلتان على أيام صعبة قد تكلف دولهما الكثير اقتصادياً وإنسانياً وربما سياسياً ما لم تتعاون معها بشكل أكثر فعالية الدول الكبرى المهتمة بمكافحة الإرهاب. سرايا الدفاع، التى تشكلت فى يونيو 2016 بمدينة الجفرة الجنوبية من فلول ما كان يُسمى بمجالس شورى ثوار بنغازى وإجدابيا ومجاهدى درنة هى جماعات موالية لتنظيم أنصار الشريعة المصنف من مجلس الأمن الدولى بالجماعة الإرهابية وسبق أن تبنت عمليات تصفية واغتيالات وتفجير سيارات ضد خصومها وتلقت دعماً بملايين الدولارات من البرلمان المنتهية ولايته فى طرابس(المؤتمر الوطنى العام)وحكومة الإنقاذ التابعة له لوقف تقدم قوات خليفة حفتر من الشرق.ولما نجح حفتر فى بسط سيطرته على إجدابيا ومعظم بنغازى وحاصر درنة من كل الجهات نهض تنظيم إخوان ليبيا والجماعة الليبية المقاتلة وما يُسمى بالمجلس العسكرى لمصراتة المنتمى للإخوان وبقايا حرس المنشآت البترولية لدعم السرايا مالياً ولوجتياً لتسيطر على منطقة الهلال النفطى التى تنتج 80% من البترول مصدر العملة الصعبة الوحيد تقريباً للدولة وتسخير العائد لهم ولحكومة الإنقاذ غير المعترف بها دولياً.ورد البرلمان بإلغاء اتفاق الصخيرات مما يعيد جهود الحل إلى نقطة الصفر وسط توقعات بنشوب معارك طاحنة قريباً لكى تستعيد قوات حفتر سيطرتها على الميناءين وما سيترتب على القتال من دمار وتخريب يؤدى إلى عودة انخفاض الصادرات البترولية وتفاقم حدة الأزمة الاقتصادية وتدهور الخدمات اليومية للمواطنين لعدم توافر التمويل الكافي. غير بعيد عن الحدود الليبية وربما فى الجنوب الغربى الليبى نفسه تنشط الجماعة الإرهابية الجديدة(نصرة الإسلام والمسلمين)التى تتكون من جماعات إمارة الصحراء وأنصار الدين و(المرابطون)وكتائب ماسينا، ومن المتوقع أن تزداد ضرباتها عنفاً ووحشية بعد أن أكد قادتها مبايعتهم لأيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة وأبومصعب عبدالودود، أمير فرع القاعدة فى المغرب الإسلامى والملا هيبة الله أمير حركة طالبان وأسامة بن لادن الزعيم المؤسس للقاعدة وأمَّروا عليها إياد آغ غالى زعيم أنصارالدين..تلك الجماعات شنت قبل الاندماج سلسلة هجمات داخل مالى والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وسيطرت مع حركات انفصالية عام 2012 على الشمال المالى الذى يزيد على نصف مساحة مالى قبل أن يستنجد رئيسها بفرنسا لطردها فى العام التالى فركزت نشاطها فى الهجمات الخاطفة على الأجانب وقوات حفظ السلام الدولية والفنادق والمواقع العسكرية الضعيفة والنائية وأحدثت خسائر بشرية بالغة.وكانت أحدث تلك الهجمات على مركز للدوريات المشتركة فى مدينة جاو أكبر مدن شمال مالى راح ضحيته أكثر من 80 قتيلاً وتبنته القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى والمرابطون، مؤكدتين مواصلتهما استهداف قوات الأممالمتحدةوفرنسا وكل من يتعاون معها. اندماج الجماعات الأربع، تم الإعلان عنه بعد أيام من اتفاق دول الساحل الخمس(موريتانياوتشاد ومالى والنيجر وبوركينا فاسو)على تشكيل قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب ومناشدة الرئيس التشادى إدريس ديبى الدول الأوروبية تزويدها بوسائل مكافحة الإرهاب ليتفادى الأوروبيون مقتل جنودهم فى المنطقة محذراً من أن هجمات الإرهابيين زادت فى الآونة الأخيرة وإذا لم يحدث تحرك سريع ستتحول إلى معقل للإرهاب.فالمنطقة يتمركز فيها بالفعل تنظيم القاعدة فرع المغرب الإسلامي، الذى أطلق على نفسه إمارة الصحراء وأعلن مسئوليته عن أكثر من هجوم دموي،وإذا لم تحصل قوة مكافحة الإرهاب الجديدة على التمويل والمعدات والتدريب اللازم لمهمتها فلن تستطيع أداءها بكفاءة وستلقى مصير محاولات سابقة لعدم قدرة الدول الخمس وحدها على توفيرها لها.ولعل المؤتمر المقرر أن تستضيفه فرنسا قريباً لدعم تشاد، يكون فرصة لذلك وأن ينفذ الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب وعده بضرب الإرهاب أينما وُجد فيقدم لتلك الدول مع ليبيا والصومالونيجيريا دعماً أكبر وأكثر قوة لمواجهة الجماعات الإرهابية.فقد ذكر تقرير مؤشر الإرهاب العالمى الصادر فى نوفمبر 2016 عن معهد الاقتصاد والسلام أن داعش وبوكو حرام شكَّلا أخطاراً جديدة بتوسعهما فى دول عديدة بإفريقيا وأن نيجيريا أصبحت ثالث أكثر دول العالم معاناةً من الإرهاب بعد العراق وأفغانستان واحتل الصومال المركز السابع، وقال رئيس أركان الجيش النيجيري: إن أكثر من 60% من أفراد بوكو حرام أجانب.ومازالت تتشكل جماعات جديدة مثل جبهة شرق إفريقيا التى بايعت داعش فى القرن الإفريقى ونصرة الإسلام التى انشقت عن بوكو حرام فى نيجيريا والتحالف الوطنى لحماية هوية شعب الفولانى فى مالى لتزيد الحكومات الإفريقية رهقاً والشعوب بؤساً. لمزيد من مقالات عطية عيسوى