اعتدنا أن يفوز بالجوائز الكبيرة مبدعون مشهورون أو على الأقل لهم إنتاج أدبى كبير؛ لكن جاء فوز المصرى أحمد الزناتى بجائزة الشارقة للإبداع العربى فى دورتها العشرين فى مجال الرواية مفاجئا للجميع، حيث إن الزناتى لم يصدر، حتى الآن، أى عمل مطبوع، وشارك بروايته الفائزة «البساط الفيروزى.. فى ذكر ما جرى ليونس السمان» كمخطوطة وليس رواية مطبوعة. وأحمد الزناتى «38عاما» خريج كليه الألسن قسم اللغة الألمانية، درس الأدب الألمانى والانجليزى، وعمل فى مجال الترجمة الفورية لفترة، ثم درس إدارة الأعمال وحصل على درجة الماجستير فيها، ويعمل مدير موارد بشرية فى إحدى الشركات المصرية. ما فكرة رواية «البساط الفيروزى» التى فازت بالجائزة ؟ الرواية تحكى قصة شاب مصرى يسافر إلى النمسا فى منحة لدراسة الآداب الشرقية، وهناك يلتقى ببروفيسير نمساوى، هو المشرف على رسالته العلمية، وتتلاقى مصائرهما بشكل ما، حيث يفقد يونس إنسانا عزيزا عليه، فيحزن جدا، وكذلك يعلم أن أستاذه قد سبق وفقد ابنته الوحيدة، فيقرب منه تلميذه ويحكى له ما ساعده على الاستمرار فى الحياة بعد هذه الصدمة، وتتكرر نفس أحداث حياة الأستاذ فى حياة تلميذه مرة أخرى. كيف تقدمت للجائزة؟ قرأت خبر المسابقة مصادفة على «الفيسبوك» وجاء ذلك فى وقت كنت أكتب فيه الرواية منذ حوالى ثلاث سنوات وكنت قد أنهيت ثلاثة أرباعها تقريبا، وكنت أكتبها حبا فى الكتابة، وليس بهدف الشهرة أو نيل الجوائز، ولكن فى لحظة معينة شعرت أن أحداثها ستقضى علىَّ إن لم أنتهِ منها، وكنا وقتها فى شهر أبريل، وكان آخر موعد لتلقى الأعمال هو شهر نوفمبر، فاجتهدت وانتهيت من كتابتها وأرسلتها فى الأيام الأخيرة قبل انتهاء الموعد. هل توقعت الفوز؟ لم أكن أتوقع الفوز، كنت فقط أتمناه. ولم يكن الهدف فقط هو الجائزة فى حد ذاتها، ولكن لأن الرواية أخذت منى وقتا طويلا ومجهودا كبيرا فى البحث فى الأساطير العربية والفارسية القديمة والتاريخ الإسلامى، فكان رجائى من الفوز أن تصل الرواية للناس ليكلل تعبى بالنجاح. هل لك أعمال أدبية غير منشورة غير هذه الرواية؟ «البساط الفيروزى» هو عملى الروائى الأول، لكن لى ثلاث مجموعات قصصية تحت الطبع فى بعض دور النشر الخاصة، حيث تم وضع اسمى على قوائم الانتظار لأنى لست كاتبا معروفا. ذكرت أنك تكتب حبا فى الكتابة وليس للاحتراف. فهل هناك فارق بين الكتابة كهاو، والكتابة كمحترف؟ أنا أرى أن الكتابة إذا تحولت إلى مهنة يكون عليها قيود من ناحية الوقت والموضوعات التى يختارها الكاتب. وأنا متأثر بكاتب إيطالى هو «أمبرتو إيكو», كان يكتب مذكراته، ويسافر ويتأمل فى موضوعات معينة، ويقرأ عنها لمدة سنة أو أكثر ليكتب عنها بشكل جيد. لهذا أرى أن الكاتب عندما يكتب بشكل متحرر بعيدا عن تحديد الوقت والموضوع فإنه يكتب بشكل أفضل، لذلك فسأظل كاتبا هاويا. ألا ترى أن 38 عاما سن متأخرة لإصدار اول عمل لك ؟ هناك كتاب عظام بدأوا فى سن متأخرة. فمن الممكن أن يكتشف الإنسان حبه للكتابة من خلال قراءته لرواية ما أو وقوع حادث، وهذا أمر لا يتعلق بالسن.. فشغفى بالكتابة جاء بعد فقد شخص عزيز، فكنت ارسم عالما خياليا لأخفف من أحزانى عن طريق الكتابة التى اتخذتها وسيلة للتعبير عما يدور بداخلى من أفكار ورؤى، وهدفا فى حد ذاته بعيدا كل البعد عن الشهرة. يوجد تشابه بينك وبين «يونس السمان» بطل روايتك، فكلاكما تغيرت حياته بعد فقدان شخص، فهل كتبت نفسك فى شخصيته؟ يوجد ملمح وحيد أزعم أنه مشترك بينى وبين يونس السمان: هو ملمح انفعالى عاطفى يوضح مشاعر وحياة الإنسان بعد فقدانه لشخص عزيز عليه، لكن باقى العمل مجرد تخيل أدبى وروائى يجمع العديد من الشخصيات غير الحقيقية، بعضها شخصيات من التراث العربى والإسلامى القديم والتراث الصوفى، ومن الأساطير الغربية والأدباء العرب، حاولت من خلالها تجميع معظم المعارف التى درستها فى شكل روائى متناغم يخدم النص. من هو مثلك الاعلى فى الكتابة؟ أنا أتأثر بالمدارس الأدبية أكثر من تأثرى بالأفراد، وأنا متأثر بالاتجاه الأدبى الخاص بالكاتب الإيطالى أمبرتو إيكو والكاتب الأرجنتينى خورخى بورخيس؛ فهذا الاتجاه يمزج بين الحقيقة والأسطورة والتاريخ والخيال لدرجة أن القارئ لا يستطيع أن يفرق بين الأحداث الواقعية والخيال فى أعمالهم. اما على المستوى المصرى فأنا أعتبر الكاتب مصطفى ذكرى أحد أعظم الكتاب المصريين المعاصرين.