التزم وزير الدفاع الأمريكى جيم ماتيس حرفيا بطلب الرئيس دونالد ترامب لتقديم إستراتيجية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابى خلال 30 يوما من دخول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض. وبحث كبار القادة العسكريين مع ترامب يوم الاثنين الماضي، الخطة الجديدة لمواجهة التنظيم الإرهابي، فى جلسة سرية لم يتم الإعلان عن تفاصيلها أو تفاصيل هذه المسودة، وكل ما قاله بعض المطلعين على الوثيقة إنها «مسودة أولية» قابلة للتعديل. الوثيقة الجديدة توضح تفاصيل الإجراءات العسكرية والدبلوماسية والمالية لزيادة انخراط الولاياتالمتحدة فى الحملة ضد داعش، إلا أن التسريبات حول مضمون الاستراتيجية الجديدة تشير إلى بعض الملامح والتحديات التى تواجه إدارة ترامب لتنفيذ هذه الخطة. فالمقارنة تفرض نفسها هنا بين خطة ترامب واستراتيجية الرئيس السابق باراك أوباما، على الرغم من أن الأخير فشل فى وقف الانتشار السرطانى للتنظيم الإرهابى وفى وقف عملياته فى كبريات العواصم العالمية. وقبيل صدور هذه الخطة التى تتضمن عشر نقاط أساسية، دشن ترامب أول عملية عسكرية فى اليمن أسفرت عن مقتل 14 شخصا، بينهم نوار ابنة أنور العولقى القيادى فى القاعدة الذى قتل هو الآخر فى غارة أمريكية فى 2011، بعد معلومات مخابراتية عن عمليات إرهابية لتنظيم القاعدة، وأشار مسئولون أمريكيون إلى أن هذه الغارة وفرت معلومات مخابراتية ثمينة. وعلى الرغم من نقاط التشابه مع خطة أوباما المتمثلة فى نشر قوات برية فى سوريا، ودعم بعض الجماعات المسلحة التى تقاتل داعش، والدعوة إلى إنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين، وهو ما ركز عليه ترامب خلال اتصالاته الهاتفية مع قادة الشرق الأوسط، ومحاولات التحالف مع دول من أجل القضاء على التنظيم فإن هناك جديدا فى إستراتيجية ترامب التى وضعها ماتيس. فالبيت الأبيض يبحث تفويض المزيد من السلطة لوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» لإعطاء الضوء الأخضر للعمليات ضد داعش، حيث منح ترامب الجنرال ماتيس «الملقب باسم الكلب المجنون بسبب عدم قبوله بهزيمة الولاياتالمتحدة أمام الأعداء»، الحرية لشن هجمات سريعة، لينهى بذلك العملية الطويلة التى كان يستغرقها أوباما للموافقة على مثل هذه العمليات، التى عطلت الكثير من المهام لوقت طويل. الجنرال ماتيس، الذى لا يحب النطق بكلمة فشل، وصاحب الخبرة الطويلة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأيضا مهندس الخطة التى وضعت جدولا زمنيا للقضاء على داعش خلال عام واحد، قام بزيارة للعراق وبمجموعة من الاتصالات بقادة عرب قبل كتابة مسودة الخطة. ويعتبر هذا التفويض الذى منحه ترامب للجيش الأمريكي، حلا لواحدة من كبرى المشكلات، فعلى الرغم من أن القادة العسكريين الأمريكيين لديهم السلطة لاتخاذ قرارات فى مناطق الحروب، لكن خارج هذه المناطق سواء تلك التى تمر بفوضى أو حالة من عدم الاستقرار، فإن الأمر يعود إلى البيت الأبيض لتحديد نوع العملية وفريق العمليات الخاصة التى سينفذها، وهو ما عطل الكثير من العمليات للقضاء على قادة للتنظيمات الإرهابية. ترامب أكد أنه يريد ممارسة دور الرئيس التنفيذى فى القطاع الخاص، ويمنح المزيد من السلطة لماتيس، كما تعهد بزيادة الميزانية المخصصة للدفاع. العديد من نقاط الإستراتيجية الأخرى ليست جديدة مثل هزيمة داعش عسكريا، ملاحقة التنظيمات الأخرى الموالية للتتظيم الإرهابي، تجفيف المصادر المالية التى تمكن التنظيم من القتال والتجنيد، وهزيمة الأيديولوجيا والدعاية الإرهابية على الإنترنت. وعلى الرغم من عدم تحديد حجم الانتشار العسكرى الأمريكى فى المنطقة، فإن الإدارة السابقة كانت قد حددت عدد القوات الأمريكية فى العراق بنحو 5262 جنديا. وأحد التغييرات الأساسية فى الخطة الجديدة تأتى فى شكل قطع بعض التحالفات القديمة وصنع تحالفات جديدة سواء مع الجماعات المسلحة داخل سوريا، أو إدخال دول جديدة فى التحالف الدولي، وتوقعات بمواجهات مع دول أخرى أبرزها روسيا وتركيا. ترامب تحدث خلال خطابه الأول أمام الكونجرس، الذى استخدم فيه ما وصف بلغة تصالحية، عن تحالف جديد مع دول العالم الإسلامى لتدمير داعش، الذى يمثل «شبكة من الوحوش الخارجين عن القانون الذين يذبحون المسلمين والمسيحيين، الرجال والنساء والأطفال من كل الأديان والمعتقدات». أحد التحديات التى تواجه ترامب، هى العلاقات مع أنقرة وموسكو، فماتيس يرى أن روسيا شريك لا يستحق الثقة، وتركيا لن تسمح باستمرار واشنطن فى دعم قوات سوريا الديمقراطية، التى تراها السلطات التركية على أنها جزء من منظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية. الخطة سوف تتضمن أيضا أذرع داعش فى دول أخرى مثل اليمن وليبيا وأفغانستان، فقد قال الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكيةإن «عدد المقاتلين الأجانب فى داعش بلغ 45 ألفاً من 100 دولة .. خطتنا كى تصبح ناجحة علينا أن نقطع النسيج الضام بين الجماعات الإقليمية التى تشكل الآن تهديدا عالميا». ومن النقاط المميزة أيضا لهذه الخطة أنها تركز على مرحلة ما بعد القضاء على التنظيم فى العراقوسوريا. وهكذا يمكن القول إن استراتيجية ترامب لهزيمة داعش تتضمن 10 نقاط أساسية : منح تفويض للجيش الأمريكى لمحو التنظيم الإرهابى فى سورياوالعراق، وتخفيف القيود أمام قيامه بعمليات خاصة، ورفع ميزانية الدفاع الأمريكية، ونشر قوات برية، وقطع أذرع التنظيمات الإرهابية فى الشرق الأوسط، وتجفيف منابع التمويل، ووقف الدعاية التكفيرية، وإقامة تحالفات جديدة، وبحث الحلول الدبلوماسية للأزمة السورية، ووضع خطة لمرحلة ما بعد القضاء على التنظيم.