اكتفت الصحف الفرنسية بالإشارة إلي خبر وفاة الفيلسوف والمفكر الفرنسي الكبير روجيه جارودي- الذي رحل منذ أيام عن عمر يناهز98 عاما- علي أنه الفيلسوف المعادي للصهيونية. فعلي الرغم من أن الإعلام الغربي يدعي دائما حرية الرأي والفكر, فإن هذا الأمر لا ينطبق علي إسرائيل أو المساس بأفكارها. فمن حق أي شخص أن ينتقد أي شخصية سياسية أو فكرية, ولكن علي ألا يقترب بالنقد من إسرائيل, وإلا تحول إلي معاد للسامية. ويرجع ذلك إلي سيطرة اللوبي الصهيوني علي وسائل الإعلام الغربية. ففي الوقت الذي سمح فيه الإعلام الغربي لأمثال سلمان رشدي الهندي الانجليزي وتسليما تسرين البنغالية بالإساءة للإسلام والتطاول علي مقدساته, تحول روجيه جارودي إلي متهم يقف أمام القضاء لأنه شكك في عدد ضحايا المحرقة النازية لليهود المعروفة بالهولوكوست, ورأي أن رقم6 ملايين يهودي تعرضوا لهذه المحرقة هو رقم مبالغ فيه. فعبأت الصحافة الفرنسية والأقلام الصهيونية مشاعر العداء ضد المفكر الفرنسي الذي تجرأ علي التشكيك في المحرقة اليهودية في كتابة الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل أكثر أعماله إثارة للجدل, وقامت منظمات صهيونية برفع دعوي قضائية نظرتها المحاكم الفرنسية, وحكم عليه بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ, علي الرغم من تأكيد الكاتب الكبير احترامه للديانة اليهودية, ولكنه يرفض الفكر الصهيوني الذي استغل الهولوكوست لتحقيق حلمه في إقامة دولة إسرائيل علي حساب الشعب الفلسطيني الذي حرم من حقه في دولة مستقلة, وقد ولد جارودي لأسرة كاثوليكية ثم اعتنق المذهب البروتستانتي, ثم عاد مجددا للكنيسة الكاثوليكية قبل ان يعتنق الإسلام في نهاية الأمر, حيث وجد فيه طوق النجاة في تحقيق العدالة والسلام للبشر جميعا, واستيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة, وتقبله لمعظم الحضارات والثقافات في الشرق والغرب, وهو ما جعل الإسلام قويا ومنيعا, ويوما بعد يوم تتأكد سيطرة إسرائيل علي الإعلام والحياة السياسية في أوروبا والولايات المتحدة, فإلي متي تظل حرية الرأي والفكر في الغرب مجرد شعارات بالنسبة لإسرائيل؟ المزيد من أعمدة مها النحاس