أوجدت أزمة المهاجرين من دول الشرق الأوسط إلى أوروبا فرصة كبيرة لعصابات الجريمة المنظمة للمتاجرة فى هذه الأزمة، وتهريب إرهابيين بوثائق سفر مزورة إلى الدول التى يهاجرون إليها. هذه العصابات أنشأت مصانع مجهزة بمعدات حديثة للتزييف وإصدار جوازات سفر على أعلى مستوى من التزوير المتقن، مقابل أسعار تتراوح بين 2500 و 12 ألف جنيه إسترلينى للجواز المزور. واكتشفت السلطات اليونانية ما تفعله عصابات التزييف التى زودت إرهابيين من داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية بهذه الجوازات، لكى يتم دخولهم إلى دول الاتحاد الأوروبى بزعم أنهم مهاجرون. وكشف المحققون فى اليونان عن أن مئات من المهاجرين غير الشرعيين جاءوا من إيران وتم تهريبهم إلى بريطانيا عن طريق تركيا واليونان. كذلك أعلن كريس هوجان المسئول بالوكالة القومية لمكافحة الجرائم بالإتحاد الأوروبى، أن ما تم كشفه هو عبارة عن أضخم شبكة لتهريب الأفراد إلى أوروبا، وأن التعاون الوثيق مع المسئولين اليونانيين قد أدى إلى إلقاء القبض على العناصر الرئيسية من أعضاء هذه الشبكة، التى قامت بتهريب مئات من الإيرانيين إلى بريطانيا بزعم أنهم مهاجرون. وقد اعتقلت السلطات البريطانية مؤخرا تسعة من هؤلاء، وسيتم تقديمهم للمحاكمة، وبذلك وصل عدد الذين ألقى القبض عليهم فى بريطانيا واليونان إلى 33 شخصا مشتبها فيهم، ضمن الجهود التى تتخذ الآن للقضاء على شبكة التهريب إلى أوروبا. وشاركت وكالة مكافحة الجريمة فى بريطانيا وإدارة الشرطة اليونانية لمكافحة الجريمة والإنتربول فى جهود مشتركة لملاحقة هذه العصابة. وهذه الجوازات المزورة هى فى الأصل جوازات حقيقية تمت سرقتها من أصحابها، ثم جرى تعديل بياناتها، وتجهيزها لسفر من يحملونها بعد ذلك إلى دول أوروبية منها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا. وتقول صحيفة «التايمز» البريطانية أن العصابات ركزت اهتمامها على الإيرانيين بسبب ثرائهم النسبى وقدرتهم على دفع الثمن المطلوب لكل جواز مزور بالقارنة بالمهاجرين من دول أخرى. وتبين أن من بين المقبوض عليهم شخص يشتبه فى أنه من تنظيم داعش، وهو ما أثار المخاوف من أن تكون هذه العصابة قد ساعدت المتعاطفين مع داعش أو من تم تجنيدهم على السفر إلى دول أوروبية. أيضا ألقت السلطات اليونانية القبض على جزائرى يقوم بتهريب جوازات سفر مزورة ووثائق أخرى، من إسبانيا إلى اليونان، واتهمته بأنه عضو فى منظمة إرهابية. ومازالت التحقيقات مستمرة فى دول أوروبية أخرى، بالإضافة إلى مطاردة 12 من المشتبه فى أنهم إرهابيين. وتقول صحيفة «التايمز» أنه يعتقد أن حوالى 1100 شخص من المهاجرين قد تعاملوا مع هذه العصابة، لكى تسهل دخولهم إلى أوروبا. ويعتقد حتى الأن أن جزءا من عصابات تزوير جوازات السفر تعمل من داخل إيران. وكان القلق من تجارة جوازات السفر المزورة قد ازداد فى العام الماضى، بعد أن عثرت السلطات فى اليونان على جوازات سفر مزورة فى مخيمات اللاجئين تخص أفرادا من تنظيم داعش. إن هذه القضية كشفت عن العلاقات المتزايدة بين المنظمات الإرهابية وفى مقدمتها داعش، وبين عصابات الجريمة المنظمة التى تقدم لمنظمات الإرهاب تسهيلات لنشاطهم الإرهابى مقابل الأموال الضخمة التى تقدمها المنظمات الإرهابية لهذه العصابات، وهى العلاقات التى كانت قد زادت قوة بينهما عندما أصبحت هذه العصابات وسيطا للإرهابيين فى إقامة أسواق سوداء لبيع الثروات البترولية التى تنهبها داعش وتهربها من العراقوسوريا عن طريق تركيا، وأيضا السوق السوداء لبيع الآثار القديمة التى إستولت عليها المنظمات الإرهابية من سورياوالعراق، وتباع فى دول أوروبية. وقد تبين من ذلك أن العصابات المتخصصة فى الجريمة المنظمة، والتى يجرمها القانون فى أى دولة قد تحولت إلى طرف أساسى فى شبكة دولية تجمع الإرهابيين وعصابات الجريمة المنظمة فى تحالف مشترك يضمهمها معا.