افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    حصاد الاسبوع    وادي النطرون يستضيف بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط    تفكيك القطاع المصرفي .. حكومة الانقلاب تتراجع عن بيع بنك القاهرة بعد عروض "هزيلة" من الإمارات    وزير الكهرباء يتفقد محطتي محولات باسوس و توليد شبرا الخيمة    أمل عمار: استهدفنا 30% من الشباب في مشروع معالجة دوافع الهجرة غير الشرعية    بعد نهب 3 تريليونات دولار من أموال الخلايجة..ترامب يطلب إدارة مؤقتة فى غزة بقيادة حاكم أمريكى    استثناء المرتبات.. طلب عاجل من «النواب» ب إيقاف المعاملات البنكية وتجميد الحسابات في ليبيا    كوريا الشمالية.. تدريبات جوية ويدعو لرفع حالة التأهب القتالي للجيش    الجامعة العربية: مستوى التمثيل في القمم لا يجب أن يُقاس بالمثالية    موعد مباراة الدرع الخيرية بين ليفربول وكريستال بالاس    إمام الأفضل والشناوي الأقل.. تقييم لاعبي الأهلي أمام البنك في الدوري المصري    حملة رقابية مفاجئة على مصانع تعبئة أسطوانات الغاز ببلقاس    بعد إحالته للجنايات.. القصة الكاملة لجرائم "سفاح المعمورة" - تسلسل زمني    محافظ المنيا يشارك حجاج الجمعيات الأهلية فرحتهم قبل السفر للأراضي المقدسة -صور    مصرع ربة منزل سقطت عليها نخلة بالقليوبية    مصر تتألّق في مهرجان كان السينمائي وتحصد جائزة أفضل جناح في دورته ال78    قبل حفلهما الغنائي.. تامر حسني يفاجئ محبيه بمقطع طريف مع كزبرة | شاهد    هل سماع سورة البقرة يغني عن قراءتها من المصحف وهل تقي من السحر؟    هل اللسان الأبيض علامة على الجفاف؟    فرحة في الأوليمبي بعد صعود فريق السلة رجال لدورى المحترفين رسمياً (صورة)    مصر تفوز بجائزة أفضل جناح فى مهرجان كان 78.. حسين فهمى: التتويج يعد اعترافا عالميا بالمكانة التى تحتلها السينما المصرية اليوم.. ووزير الثقافة: الفوز يسهم فى إبراز مصر كوجهة جذابة للتصوير السينمائى    لميس الحديدي: الرئيس السيسي عبر عن موقف مصر في قضايا المنطقة بكل وضوح    موعد عيد الأضحى 2025 ووقفة عرفات فلكيًافي مصر والدول العربية    رئيسة القومي للمرأة: تمكين المرأة اقتصاديًا حجر أساس في مواجهة التحديات    زواج سري أم حب عابر؟.. جدل قديم يتجدد حول علاقة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    محمد رمضان يكشف عن صورة من كواليس فيلم أسد وعرضه بالسينمات قريبا    السودان يتهم الإمارات بطرد واحتجاز دبلوماسيين بالمخالفة ل اتفاقيات فيينا    رئيس جامعة الأزهر يفسر آية «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    سوء الأحوال الجوية في دمياط.. إصابة سيدة جراء سقوط لافتة إعلانية    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية    المسار الأخضر نقطة انطلاق الصناعة المصرية والصادرات    ضحية الانتقام بكرداسة    كواليس جلسة الرمادي مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بتروجيت    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    قائد تشيلسي: مصير المشاركة في دوري أبطال أوروبا بأيدينا    تشييع جثمان ابن شقيقة الفنان الراحل عبدالوهاب خليل بكفر الشيخ (صور)    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    فابريجاس: تحدثت مع أندية أخرى.. وهذا قراري بشأن مستقبلي    مصرع طفل غرقا فى نهر النيل بمنطقة الحوامدية    الضفة.. الاحتلال الإسرائيلي يصيب مسنا فلسطينيا قرب مخيم جنين    اليوم وغدا.. قصور الثقافة تحتفي بسيد حجاب في مسقط رأسه بالدقهلية    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    هل يجوز سفر المرأة للحج دون مَحْرَم.. الأزهر للفتوى يجيب    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    جامعة الفيوم تطلق الحدث الريادي الأول "ستار أب" لدعم رواد الأعمال والشباب الخريجين    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير في منطقة السيدة عائشة وطريق صلاح سالم    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    «لو روحتوا أمريكا هينصفوا الأهلي».. عمرو أديب يوجه رسالة لمجلس الزمالك    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتقال السلطة والتغير في السياسة الخارجية

بين انتقال السلطة والتغير في السياسة الخارجية علاقة تبدو وثيقة‏;‏ ذلك أن انتقال السلطة يعني حرفيا تغير شخص الحاكم‏,‏ ومن ثم فمن المتوقع أن تتغير السياسات مع تغير هذا الحاكم‏.‏ هذا الافتراض صحيح مبدئيا‏...‏ يجد سنده في الواقع‏,‏ وتؤيده المقولات النظرية‏.‏ فمن الناحية الواقعية يراهن الجميع مع كل انتخابات رئاسية جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية يراهنون علي التغير الذي سوف يطال سياستها الخارجية, وبنفس المنطق يحدث ذلك مع دول أخري كثيرة; وذلك علي قدر مكانتها في المجتمع الدولي وفي حدود قدرتها علي التأثير في محيطها الإقليمي, وبذات المنطق تصبح مصر الآن محل اهتمام العالم لاسيما فيما يتعلق بمدي التغير الذي سيلحق بسياستها الخارجية علي أيدي أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة مجيدة, كذلك تؤيد المقولات النظرية صحة هذا الافتراض, فقدوم حاكم جديد يعني رؤية جديدة للبيئة الدولية والإقليمية وبالتالي أسلوب مختلف في التعامل معها, وقد يعني نمط قيادة جديد يترتب عليه سياسات جديدة. أيضا فإن انتقال السلطة يتم في معظم حالاته بهدف التغيير..
هناك قيود وتحفظات ترد علي هذا الافتراض فتشكك في مدي مصداقيته, خصوصا إذا كان التغيير المقصود في السياسة الخارجية يتعلق بمضمونها, أي بالأهداف ووسائل تحقيقها, وليس مجرد الأداء العام أو الروتيني.... هذه القيود يمكن تلخيصها في مجموعة من النقاط أبرزها, أنه قد تتم اجراءات نقل السلطة في أي دولة علي قدم وساق دون أن يتمخض عنها قدوم حاكم جديد, فيما يعني أن السلطة تعود مرة أخري إلي نفس شاغلها أو أن يعاد انتخابه مرة أخري. وفي مثل هذه الحالة من الصعب أن ننتظر حدوث تغيير; علي الأقل لأن الرئيس الذي أعيد انتخابه يظن أو هكذا يتعلل بأن ما حظي به من تأييد في الانتخابات إنما يعزي إلي سياساته التي ارتضاها الناخب ويريد لها أن تستمر. كما أن هناك مواقف ومعطيات دولية وإقليمية لا نتوقع فيها قولين, أي لانتوقع أن يختلف فيها سلوك حاكم عن آخر... بعبارة أخري ثمة مواقف محكمة لدرجة أنها لاتترك خيارا لصانع القرار. وهناك مواقف تخضع لحسابات رشيدة, وفي الحسابات الرشيدة لاتتباين الآراء, اللهم إلا إذا كان هناك ماهو خارج دائرة هذا الرشد بمعناه المعروف. ثم هناك مواقف يجد الحاكم الجديد نفسه مرغما علي استكمال استراتيجية أو برنامج أو خطة سبق أن بدأها سلفه ولامناص من أن تكتمل.
إذا كان التعويل في تغير السياسة الخارجية ينصب علي تغير نمط القيادة, علي اعتبار أن نمط قيادة جديد لابد أن يضخ سياسات جديدة, فإنه قد يحدث أن يتغير شخص الحاكم دون أن يتغير نمط القيادة, وهنا يسير الحاكم الجديد علي ديدن سلفه, وللمفارقة والدهشة قد يتغير نمط القيادة مع نفس الحاكم بما يرتب تغييرا ربما يكون جذريا. تاريخيا حدث ذلك مع الرئيس جمال عبد الناصر; حيث تغير نمط قيادته بعد1967 عما قبلها دون أن يتغير شخصه, وحدث كذلك مع الرئيس أنور السادات; فقد تغير نمط قيادته بعد1973 عما قبلها, وجدير بالذكر أن الفترة من1967 وحتي1973 قد شهدت نفس النمط القيادي رغم تغير شخص رئيس البلاد, أو علي الأقل فإن مافعله الرئيس السادات قبل1973 كان استكمالا لما بدأه الرئيس جمال عبد الناصر بعد.1967 هذه القيود ربما تعطل عمل العلاقة بين انتقال السلطة والتغير في السياسة الخارجية. من أجل ذلك قد نتصور أن هناك متغيرات دخيلة تتوسط في هذه العلاقة; فعلي سبيل المثال قد يري البعض أن نمط انتقال السلطة هو المسئول; بمعني أن كيفية وصول الحاكم إلي السلطة هي التي تحدد قدرته علي التغيير. فالحاكم الذي اعتلي السلطة من خلال ثورة شعبية يختلف في وضعه عن هذا الذي اغتصبها عن طريق الانقلاب, وهذا بدوره يختلف عن ذلك الذي وليها بالتعيين من جانب سلفه, أو عن الذي امتطاها بالوراثة, أو عن الذي وصل إليها بالانتخاب. ووفقا لهذا الرأي فإن الحاكم الذي جاءت به ثورة شعبية إلي سدة الحكم هو الأكبر فرصة والأكثر قدرة علي إحداث تغييرات جذرية في السياسة الخارجية, يليه الرئيس المنتخب. ومعني ذلك في الحالة المصرية أن الرئيس محمد مرسي تتوافر لديه كل المعطيات التي تسمح له بإعادة هيكلة سياسة مصر الخارجية, فهو رئيس منتخب أفرزته ثورة شعبية. لكن في تقديري أن الفعل- هنا- ليس لشخص الحاكم, وإنما لطبيعة الموقف وظروف المرحلة والتي قد لاتترك مجالا للاختيار.
إذن المسألة مرتبطة أكثر بالظروف المحيطة, خصوصا وأن نمط انتقال السلطة هو من صميم صنع هذه الظروف. في ضوء هذا التصور نستطيع أن نتحدث عن ثوابت في سياسة مصر الخارجية يصعب الخروج عليها... أول هذه الثوابت هو ما أشار إليه الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي في بيانه بعد فوزه بالرئاسة من ضرورة التزام مصر بجميع تعهداتها الدولية, فهي دولة عريقة لها ثقلها وتحترم نفسها, ومن ثم فهي حريصة علي التزاماتها بقدر حرصها علي وجودها وعلي مكانتها, وتلك مسألة بديهية فإذا كانت الثورة قد أسقطت النظام فإن الدولة لم تسقط ولايمكن أن تسقط, وأن الاتفاقيات التي أبرمت في العهود السابقة قد أبرمت باسم الدولة ولا يصح أن تنسب للنظم أو الحكومات السابقة.
ثاني هذه الثوابت هو أنه لايمكن المساس بعلاقات مصر الخارجية في اتجاه خلق توتر مع أي جهة خارجية, لاسيما ونحن في مرحلة ترتيب البيت من الداخل. لكن ذلك لايعني عدم التغيير في السياسة الخارجية, إنما يعني التغيير في اتجاه تحسين العلاقات مع جميع الأطراف الخارجية, وذلك علي أساس ثلاثة مباديء: المبدأ الأول هو استقلالية القرار الوطني المصري, والمبدأ الثاني هو توازن المصالح مع الأطراف الخارجية ومراعاة التكافؤ مع هذه الأطراف, والثالث هو استعادة مصر لمكانتها الريادية ودورها الإقليمي علي أسس جديدة قوامها التشارك مع الجميع وتوزيع الأدوار بما يتناسب مع امكانيات كل طرف في المنظومة الإقليمية.. من الطبيعي أن يستغرق ذلك وقتا غير قصير, لكن المقصود في هذه المرحلة هو تشجيع كل خطوة تسير في هذا الاتجاه.
المزيد من مقالات د.صلاح سالم زرنوقة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.