أكد رئيس الوزراء البريطانى السابق، ديفيد كاميرون، خلال زيارته البحرين، فى نوفمبر 2012، أن أمن البحرين هو من أمن بريطانيا، نظرا لصداقة البلدين العميقة وعلاقاتهما الاستراتيجية. كما أكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ضرورة أن يكون صناع القرار أكثر تفهما لما تموج به المنطقة قبل وقوع الكوارث فيها، وليس بعدها من خلال استقاء المعلومات بشأنها من مصادرها الموثوقة، وليس بناء على معلومات مغلوطة تؤدى إلى رسم السياسات على أسس خاطئة. الجيش البريطانى، قرر فى 1 مايو 2013، البدء فى تجهيز قواعده العسكرية بدول الخليج العربى، بشكل قوى وسريع، وذلك فى خضم «مزاعم» مخاوف من حرب نووية إيرانية، إثر نشر وثيقة من إدارة المؤسسة البريطانية المتحدة «روسى» بعنوان: «هل الرجوع إلى قناة السويس، غاية القواعد البريطانية الخليجية؟»، وحللت الوثيقة المنشورة هذه الخطوة بأنها ذكية، لأنها ستمكن بريطانيا من إدخال جيشها وأسلحتها وإنزال قوتها العسكرية بشكل سلمي، مقنعة دول الخليج بأن وجود هذه القوات يأتى حماية لها من أى هجمة إيرانية مستقبلية، مبعدة أى احتمال توسعى بغاية الاستحواذ على آبار النفط الخليجية. ومعلوم أن القوات العسكرية البريطانية تراجعت من الخليج ودول المنطقة بعد قرار «السويس 1971»، لكن قواعدها العسكرية بقيت هناك معلنة وجودا ضمنيا كرقابة أمنية على المنطقة، خاصة أنها بؤرة مصالح اقتصادية عالمية. وتضيف الوثيقة أن وجود بريطانيا عسكريا فى دول الخليج، يجعل من الصعب استفزاز إيران لخوض حرب مع دول الخليج، بالإضافة إلى اعتباره ضمانا لسلامة إسرائيل من أى مواجهة مع أسلحة نووية. وتقول الوثيقة إن بريطانيا خصصت ميزانية كبيرة لنقل المعدات من أفغانستان إلى الخليج رجوعا إلى بريطانيا، وفى المقابل قررت تدريب المزيد من الجنود على مناورات الصحراء والقتال فى درجات الحرارة المرتفعة، فاتخذت استراتيجية الوجود العسكرى المحلى فى عمان، كون تضاريسها مناسبة ومثالية لتدريب الوحدات العسكرية على مهارات حرب الصحراء. ولعبت عمان، فى عام 2001 دور البلد المضيف لأكبر تدريبات عسكرية بريطانية فى التاريخ الحديث. علما بأن المبادلات التجارية بين الإمارات العربية المتحدةوبريطانيا تصل إلى 14 مليار جنيه استرليني، «21.7 مليار دولار»، ما يجعل التأثير على الإمارات كبيرا لقبول عودة الأساطيل البريطانية على شواطئ الخليج. ويقول محللون سياسيون إن الوجود العسكرى البريطانى على أراضى الدول الخليجية بأسلحة ثقيلة تؤمن المنطقة من ضربات إيرانية تتماشى مع صفقات اقتصادية خيالية تفوز فيها بريطانيا بالربح، الأمر الذى يعنى فى قول آخر استحواذ بريطانيا بطريقة مباشرة على آبار النفط. وهكذا أعلنت بريطانيا فى 6 ديسمبر 2014، عن اتفاق عسكرى مع البحرين، لإقامة قاعدة بحرية لها فى الدولة الخليجية، هى الأولى منذ انسحاب بريطانيا من المنطقة عام 1971. ووقع وزير الخارجية البريطانى السابق، فيليب هاموند، اتفاق الترتيبات الدفاعية، مع نظيره البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، على هامش منتدى حوار المنامة العاشر، الذى ينظمه المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية. وأوضح هاموند، أن: «من شأن هذه الترتيبات ضمان وجود البحرية الملكية البريطانية فى البحرين حتى المستقبل البعيد.. وأن توسيع وجودنا فى الخليج مبنى على سجلنا الممتد 30 عاما من الدوريات البحرية فى الخليج». وأضاف أن : «هذه القاعدة الجديدة تعتبر توسيعا دائما لمقر البحرية الملكية البريطانية، وستتيح لبريطانيا إرسال سفن أكبر حجما وأكثر عددا لتعزيز الاستقرار فى الخليج.. وبذلك سيكون لنا مجددا مقر فى الخليج على الأجل الطويل». من جانبه قال وزير الدفاع البريطانى السابق، مايكل فالون، إن هذه الخطوة ستساعد أسطول بلاده على تعزيز الاستقرار فى منطقة الخليج. وذكرت وزارة الدفاع البريطانية، فى بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إنه بموجب هذه الاتفاقية سيتم تحسين المنشآت الموجودة فى ميناء سلمان فى البحرين، حيث توجد 4 سفن حربية بريطانية صائدة «لألغام بشكل دائم». ويجب الإشارة إلى أن البحرين هى مقر الأسطول الخامس الأمريكي. وحضرت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، القمة الخليجية التى بدأت أعمالها بالعاصمة البحرينيةالمنامة فى 7 ديسمبر 2016، حيث التقت العاهل السعودى سلمان بن عبد العزيز، وقالت ماي، فى بيان تعقيبا على مشاركتها فى أعمال قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي: «مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، أنا مصممة على صياغة مستقبل لأنفسنا فى العالم يتسم بالقوة والثقة». وتعمل بريطانيا من أجل احتواء تهديد تنظيم داعش، فوجود قواعد عسكرية جديدة لبريطانيا فى دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وسلطنة عُمان، سيمكّن قواتها من إجراء مزيد من المناورات مع الجيوش الصديقة فى المنطقة كجزء من خطة طويلة الأجل لتأمين الاستقرار فى منطقة باتت تشكل تهديدا متزيدا للغرب. ويتزامن التحرك فى بناء القواعد العسكرية البريطانية فى منطقة الخليج العربي، مع نهاية العمليات العسكرية فى أفغانستان، وانسحاب القوات البريطانية من قواعد عسكرية دائمة فى ألمانيا. أما الدوافع السياسية التى تدعم هذا التوجه فهى سياسات الحكومات السابقة لجولدن براون وتونى بلير، والتى أثارت انتقادات حكام الخليج لها بإهمال العلاقات الثنائية مقابل التركيز على التوسع شرقًا نحو الصين وآسيا. وفى الوقت الحالى يكتسب الخليج أهمية بالغة فى صلب إستراتيجية المملكة المتحدة فى مجالى الأمن والاقتصاد أكثر مما كان عليه قبل عقد من الآن. لمزيد من مقالات د.جهاد عودة;