علماء الأزهر: الموضوعية والوسطية والبعد عن الإثارة أبرز سمات الصفحة الدينية حصد صحفيو «الأهرام» 12 جائزة، وشهادة تقدير، فى مسابقة التفوق الصحفى لعام 2016 التى أعلنتها نقابة الصحفيين الأحد الماضي، حيث فاز بالجائزة الأولى فى الحوار الصحفى الزميل حسنى كمال، نائب رئيس قسم الشئون الدينية، عن سلسلة حوارات حول تجديد الخطاب الدينى وأسباب ظهور الفتاوى المتشددة ودور الأزهر الشريف. لم يكن جديدا أو مستغربا أن تحصد «الأهرام» هذا العدد من الجوائز، فتلك مكانتها و رصيدها وعهدها طوال تاريخها المديد، ولكن المفاجأة هذا العام تمثلت فى حصد الجائزة الأولى عن حوارات صحفية ذات صلة بملف تجديد الخطاب الدينى وتضارب الفتاوي، وذلك فى سابقة هى الأولى من نوعها بفوز صحفى من قسم الشئون الدينية ب «الأهرام» أو غيرها من صحف أخري، عن سلسلة حوارات صحفية مع كبار علماء الأزهر حول القضايا الدينية المثارة على الساحة. وعبر كبار علماء الأزهر الشريف الذين أخذت عنهم الحوارات عن سعادتهم البالغة، مؤكدين أن الفوز بتلك الجائزة هو تقدير ل«الأهرام» والمؤسسات الدينية معا، وأوضح العلماء أن حصول «الأهرام» على جائزة التفوق الصحفى بنقابة الصحفيين إنما يعود إلى قوة هذه الصفحة فى تناولها للقضايا والتى تستمدها من قوة جريدة «الأهرام» ذاتها، وانطلاقا من مكانتها الكبيرة بين الصحف المصرية والعربية والعالمية. وأشاد العلماء بالحرص على تناول القضايا الدينية برؤية عصرية دون مساس بثوابت الدين، كما حدث من وسائل إعلام أخري، والسعى نحو الوصول إلى الرأى إلى الرأى الدينى الصحيح المستند إلى أدلة التشريع وأهدافه ومقاصده. وأكد العلماء أن جريدة «الأهرام» خاضت هذا الملف الشائك انطلاقا من رسالة ومسيرة وعراقة «الأهرام» التاريخية، وعبرت عن آمال وتطلعات القراء دون مساس بثوابت الدين، أو ترويج لجمود أو فكر متطرف، رغم ما تموج به الساحة الدينية والفكرية من تيارات متعددة. كما سعت الجريدة كعهد القراء بها نحو الاستنارة وتقديم الخطاب الدينى الصحيح وإعادة الفتوى المغتصبة من أهلها سواء دار الإفتاء أو الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف. منبر دعوى قوي ويقول الدكتور رأفت عثمان، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أن الصفحة الدينية بجريدة الأهرام تعد أحد المنابر الدعوية القوية المعايشة للقضايا التى تجد فى حياة الناس وتتناولها وسائل الإعلام المختلفة. وترجع قوة هذه الصفحة فى تناولها للقضايا إلى أمرين، الأول: قوة «الأهرام» ذاتها ومكانتها الكبيرة بين الصحف المصرية والعربية بل والعالمية وعراقتها، فلا أعرف أن صحيفة من صحف العالم غير «الأهرام» مضى على تأسيسها أكثر من 140 عاما ومازالت تفيض بالقوة والحيوية والحركة الصحفية والمتابعات بالصور والتحقيقات والمقالات والآراء المعايشة للحياة الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية والفنية فى مصر والعالم. والثاني: الدأب فى الوصول إلى الرأى الصحيح من الناحية الدينية فى القضايا المطروحة حتى لو عرض الموضوع أكثر من مرة، فالهدف كما يظهر لنا هو الوصول إلى الرأى الدينى المستند إلى أدلة التشريع وأهدافه ومقاصده. وكان من الموضوعات المهمة التى تناولتها الصفحة موضوع تجديد الخطاب الدينى ولم تتناوله تناولا سريعا كأنه أحد الواجبات التى تريد أن تنفض يديها وتنتهى منها بسرعة، وإنما كان التناول متعددا يشارك فيه كبار علماء الأزهر الشريف وأهل الرأى بغية الوصول إلى المراد بالتجديد فى الخطاب الدينى وكيف يتحقق هذا التجديد، وأنتظر من الصفحة الدينية أن تفتح الباب للقضايا العلمية الجديدة فى عالم الطب والبيولوجيا والاقتصاد والسياسة وفقه الأقليات. غطت كل نواحى التجديد وفى سياق متصل، يقول الدكتور محمد جميعة، عضو المكتب الفنى لشيخ الأزهر، إن جريدة الأهرام هى أعرق الصحف المصرية ليس فقط على مستوى مصر بل على مستوى المنطقة بأكملها، والتى نالت إعجاب المثقفين والإعلاميين والمفكرين ومختلف فئات الشعب المصرى بطرحها الموضوعات التى تعالج كل شئون المجتمع الدينية والاجتماعية والرياضية والثقافية والعلمية وكل نواحى الحياة، فهى عريقة بكل معانى الكلمة، ولذا يتلقفها القراء كل صباح باكر، وهى قامت بأوفر تغطية فقد غطت كل جوانب تجديد الخطاب الدينى على مدار حلقات متنوعة خلال الفترة الماضية والتى تابعها الجميع بإعجاب وتقدير لعمق الأفكار التى طرحت وتحليلها، واستشراف كل جديد فى هذا الموضوع. فضلا عن تعاملها بحكمة فى ملف الفتاوى المتضاربة التى تشيع جوا من البلبلة فى وجدان الناس فحاولت أن توضح الصورة النقية للإسلام من خلال عرض الآراء الصحيحة المتفق عليها، والتى يحمل لواءها الأزهر صاحب الفكر الوسطى المعتدل. وقال الدكتور جعفر عبدالسلام، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية: إن حوارات صفحة الفكر الدينى التى فازت بالجائزة كان أحدها معي، وكان بعضها مع علماء آخرين، وتميزت «الأهرام» باختياراتها الدقيقة للشخصيات التى يتحاور معها، وتناولت موضوعات تجديد الخطاب الدينى بشكل جيد ومتميز بدليل أن هذا الموضوع وجد اهتماما من نقابة الصحفيين، وحصل على الجائزة الأولي، كما أن «الأهرام» تتميز بالموضوعية وعدم المبالغة والمصداقية، ومعقولة فى كتابتها، وتقدم الخطاب المفصل فى تطوير الخطاب الدينى والذى يناسب العقول التى تحرص على قراءتها كى يصل إليها هذا التطوير. لا للإثارة والتسطيح ويقول الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر: لقد سعدت كما سعد غيرى من علماء الأزهر الشريف الذين أخذت عنهم الحوارات بالجريدة الغراء، حول موضوع تجديد الخطاب والفتاوى المتضاربة على الفضائيات وأسباب انتشارها، لاسيما أنها سببت بلبلة فى أفكار الناس، والإجابة على تساؤلات الناس عن سر تناقض وتضارب الفتاوي، لأن بعضها يخالف جمهور العلماء، والبعض الآخر يخالف ما أجمع عليه المفتون فى فتاوى دار الإفتاء المصرية من عهد الإمام محمد عبده حتى الآن، فكانت تلك الحوارات بلسما شافيا، يشفى صدور القراء. من جانبه قال الدكتور محمد مهنا، المشرف على الرواق وعضو المكتب الفنى لشيخ الأزهر، إنه من خلال الحوارات التى أجرتها الصحيفة مع كبار علماء الأزهر أستطيع أن أقرر أن الفائز مستحق لهذه الجائزة بجدارة، ونحن أحوج ما نكون اليوم إلى صحفيى الفكر والعلم والثقافة لا إلى صحفيى الإثارة والتسطيح وخداع الجماهير وصناعة الصور الذهنية الكاذبة للأشخاص والمؤسسات والوقائع والأحداث. جرعة دينية مكثفة ويقول الدكتور عبدالفتاح محمود إدريس، أستاذ الفقه المقارن: لا ينكر أحد ما لصحيفة الأهرام من فضل على المستوى الفكرى والسياسى والاجتماعى بوجه عام، وصفحة الفكر الدينى بها على وجه الخصوص التى تتفاعل مع مجريات الأمور فى المجتمع وتثرى الحوار المجتمعى بجرعة دينية مكثفة غير مبالين بما يلاقونه من صعاب وكلل وفى بعض الأحيان نقد ولوم من البعض الذى لا يريد منهم إظهار الصورة الحقيقية دون رتوش، وإظهارها للقارئ فى أبهى صورة، وكانت الصفة الغالبة على هذه الزاوية تناول المستجدات فى المجتمع سواء فى ذلك الفتاوى التى تثير كثيرا من الفتن وقضية تجديد الخطاب الدينى التى شغلت ومازالت تشغل قطاعا كبيرا من الرأى العام فى المجتمع، بالإضافة إلى القضايا الاجتماعية التى شغلت بال الكثيرين، وتناول هذه القضايا من وجهة نظر دينية تنهج منهج الإسلام الوسطي، وتبين للناس صحيح الدين من خلال استطلاع آراء ثلة من علماء المجتمع المشهود لهم بالكفاءة والتميز فى علوم الشريعة. تطور إيجابي وفى سياق متصل، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن «الأهرام» تتناول القضايا الدينية من منطلق الموضوعية والواقعية، والبعد عن الإثارة، والمنهجية فى الحوار، مع حسن اختيار الموضوعات التى تتصل بفقه الواقع والمصالح والمقاصد، بالإضافة إلى أمانة إعلامية فى النقل عن العلماء دون زيادة أو نقصان، والتنوع فى الحوار من موضوع لآخر مما يدل بيقين على إلمام بالقضايا ذات العلاقة بالشأن الديني، وإثراء للعمل الصحفى الذى تتميز به «الأهرام» منذ نشأتها، وتطورت تطورا إيجابيا فلا يكاد يخلو تناول من خبر هادف أو حوار بناء حتى النقد يكون فى حدود المباح بأخلاقيات النقد الموضوعي، ويضاف إلى ذلك ما لوحظ فى الآونة الأخيرة أن الفتاوى صارت مقصورة على دار الإفتاء المصرية، وهذه محمدة لأن الإفتاء له رجاله وأهله مع الاحترام لباقى التخصصات.