الخلاف الهائل الذى اندفع فى طرابلس بين قوات الحرس الرئاسى ورئيس حكومة الوفاق الوطنى فائز السراج التى نشأت بموجب اتفاق منتجع الصخيرات فى المغرب وبين ميليشيات خليفة الغويل رئيس حكومة السلطة غير الشرعية فى طرابلس، يبدو إجهازا على سلطة السراج التى لا تستند إلى جسم دستورى حقيقى وانحسر وجودها فى منطقة ضيقة بالعاصمة الليبية، فضلا عن أن قوات خليفة الغويل المستندة إلى المؤتمر الوطنى العام السابق نجحت مؤخرا فى الاستيلاء على مقر المجلس الأعلى للدولة ودخلت فى مفاوضات مع السلطة الليبية فى بنغازى المعترف بها دوليا فى حينها برئاسة عبدالله الثنى المستند إلى جسم دستورى حقيقى هو برلمان طبرق برئاسة عقيلة صالح، وبالتالى رأينا فى ليبيا ثلاث سلطات، أحدها هى سلطة المجلس الرئاسى بقيادة فائز السراج وتؤيدها الأممالمتحدةوأمريكا، وسلطة الحكومة المؤقتة برئاسة خليفة الغويل ويرأس برلمانها نورى أبو سهمين، وسلطة شرق ليبيا برئاسة عبدالله الثنى ورئاسة برلمان لعقيلة صالح. والجيش الوطنى بقيادة المشير خليفة حفتر يتبع قائده الأعلى خليفة صالح، وفيما عدا ذلك تنتشر ميليشيات هائلة معظمها يتبع الإخوان وجماعة أنصار الشريعة، والمعركة تدور حول (دولة) أو (لا دولة)، ولذلك كان خليفة الغويل بارعا حين دخل مفاوضات مع عبدالله الثنى رئيس وزراء طبرق محاولا خلق جبهة فى مواجهة فائز السراج، وقد نفض الغويل عن نفسه توطئة لذلك غبار الارتباط بالجماعات المتأسلمة، وفى نفس الوقت سعى فائز السراج إلى عقد مفاوضات مع المشير خليفة حفتر لأنه يعرف أن سلطته لن يصبح لها قيمة إلا بعلاقة مع الجيش الوطنى المستند إلى جسم دستورى هو برلمان طبرق. الجميع يحاول هندسة أوضاع تفضى إلى تشكيل حكومة جديدة يقبل بها برلمان طبرق الشرعي، والجميع باتوا يعرفون ويعترفون بالجيش الوطنى كقوة حاكمة نجحت فى انتزاع مواقع القوة البترولية فى البريقة وراس لانوف والزويتينة بنفسها وليس بمعونة أمريكا التى تقصف سرت لصالح فائز السراج ووزير دفاعه ربيب قطر مهدى البرغثى! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع;