لغسيل وتطهير الخزانات.. وقف ضخ مياه الشرب للوحدات السكنية بطور سيناء مساء لمدة 7 أيام اعتبارا من الغد    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    بدء امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل    أسعار اللحوم والفراخ في أسواق أسيوط اليوم الأربعاء    اليوم.. الليلة الختامية لمولد القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي    تأجيل محاكمة ترامب في قضية الاحتفاظ بوثائق سرية حتى إشعار آخر    عقب الإقصاء المهين.. سان جيرمان يتطلع لحقبة ما بعد مبابي    تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء    الحالة المرورية بالطرق والمحاور الرئيسية.. كثافات على كوبري أكتوبر «فيديو»    توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 8 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العقرب» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    يوم مفتوح بثقافة حاجر العديسات بالأقصر    بعد رفض قضاة تعيينهم، كلية حقوق كولومبيا تدعم خريجيها الداعمين لغزة    للمقبلين على الزواج.. تعرف على سعر الذهب اليوم    لسبب غريب.. أم تلقي طفلها في نهر مليء بالتماسيح    شاهد.. انتشار لافتات "ممنوع الموبايل والتدخين" في لجان امتحانات الترم الثاني بالمدارس    مظاهرات في إسرائيل تطالب بالتوصل إلى صفقة أسرى مع حماس    تعرف على المواعيد الجديدة لتخفيف أحمال الكهرباء    ياسمين عبد العزيز: فترة مرضي جعلتني أتقرب إلى الله    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    6 مقالب .. ملخص تصريحات ياسمين عبدالعزيز في الجزء الثاني من حلقة إسعاد يونس    حسن الرداد: مبعرفش اتخانق مع إيمي.. ردودها كوميدية    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد- 19 من جميع أنحاء العالم    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف إيلات الإسرائيلية    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وماذا بعد..؟
جبهة مصرية أوروبية للتنمية ومكافحة الإرهاب:زيارة إلى بلد المواقف الصريحة

بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى ولقاءاته مع رؤساء دول وحكومات فرنسا واليونان وقبرص وإيطاليا وأسبانيا المتوسطية التى تواجه تحديات الإرهاب كأحد تداعيات ما يسمى ب «ثورات الربيع العربى» جاءت زيارته قبل أيام للبرتغال الأطلنطية دولة الجوار الجغرافى للعالم العربى جنوب المتوسط التى تشارك مصر نفس التحديات والتهديدات ليكتمل بذلك عقد التنسيق والتعاون مع دول الجنوب الأوروبى فى مجالات التنمية والسلام ومكافحة الإرهاب.
بدايةًً.. جاءت حفاوة الاستقبال للرئيس عبد الفتاح السيسى والوفد المرافق فى لشبونة على قدر الدفء والمودة والعلاقات الطيبة بين بلدين يجمعهما الجوار الجغرافى وخبرات تاريخية كبيرة لبلدين يسطر لهما التاريخ صفحات مدهشة فى تاريخ البحرية العالمية والأساطيل التى صنعت تاريخا مختلفا للبشرية من الفراعنة إلى غزوات محمد على باشا وبينهما كان البرتغاليون سباقين فى اكتشاف العالم الجديد والنزول على شواطئه وهو ما لا ينساه العالم لبلد صغير جاءت صحوته يوماً ملهمة للعالم بأسره ومغيرة لجغرافيته.
حيوية الدول وعافيتها تظهر فى عواصمها، فلشبونة التى تقع فى شبه جزيرة إيبريا على المحيط الأطلنطى هى مدينة عالمية لها مكانتها فى التجارة والتعليم والسياحة وصناعة الترفيه والإعلام وهى أيضا العاصمة الوحيدة الواقعة على المحيط الأطلنطى بين كل دول أوروبا الغربية وواحدة من المراكز الاقتصادية فى القارة اليوم ويتمتع القطاع المالى فيها بمعدلات نمو عالية.. ويوجد بها واحد من أكبر موانئ الحاويات على ساحل المحيط الأطلنطى فى أوروبا، فيما تنافس العاصمة الجميلة المدن الكبرى فى جنوب أوروبا فى عدد السائحين الوافدين لزيارتها ويقترب عدد زوارها من مليونى شخص سنوياً. تلك بعض الملامح عن عاصمة وبلد يتسابق مع جيرانه على رفاهية شعبه وتمنحها الطبيعة حياة مرحة مبهجة على قدر رقى شعبها.
ومن ثم جاءت زيارة الرئيس مثمرة سياسياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً بعد أن توافقت الرؤى فى مناح عدة فى أول زيارة لرئيس مصرى للبرتغال (زيارة دولة) منذ ربع قرن تقريبا وتحديدا منذ زيارة الرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 1991.
في مستهل الزيارة كانت الثقافة حاضرة، فقد وضع الرئيس إكليلا من الزهور على قبر شاعر البرتغال الأعظم ومجدد اللغة ورمز الثقافة والهوية البرتغالية »كامويوش« فى بداية زيارته.. وهو أمر ليس بمستغرب لشاعر يوم وفاته هو يوم وطني للبرتغال في العاشر من يونيو من كل عام، إلي جانب الاحتفال في الخامس من أكتوبر من كل عام بعيد إعلان الجمهورية في الخامس من أكتوبر 1910، كما لو كانت رسالة تذكر الشعوب الأخري، ونحن منها، أن نمنح مفكرينا حق قدرهم وأن نجل أصحاب الفكر فهم صناع التقدم والحضارة. كما كان استقبال الرئيس ومباحثاته مع الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا ورئيس الحكومة أنطونيو كوستا وعمدة لشبونة فى مقار كانت قصورا ملكية في الماضي حيث عمدت الحكومات المتتالية إلي الحفاظ عليها وصيانتها في اعتزاز.. ومن اللافت أن قصر الرئاسة به (فى المدخل) محل لبيع «سوفونير» أو هدايا تذكارية (تى شيرتات وساعات وكراسات وأطباق وأقلام وميداليات) عليها رسوم لأهم معالم وإنجازات البرتغال التاريخية.
بعد المحادثات، عكست تصريحات كبار المسئولين البرتغاليين نضجا في فهم ما يجري في مصر علي خلاف بعض بلدان غرب اوروبا، فقد تحدث الرئيس البرتغالي عن الرئيس السيسي الزعيم الذي أنقذ بلاده من الظلام ويحارب الإرهاب نيابة عن المنطقة والعالم ويقود عملية تنمية حقيقية لمصلحة شعب بلاده وأنه يستحق الدعم من زاويتين: الأولي مساعدة بلاده فى التنمية والثانية دعمها فى حربها ضد الإرهاب بكل الأشكال الممكنة.
لم يكن التركيز علي الجوانب الأمنية مسيطرا علي المشهد مثلما نتوقع في تلك الزيارات، فقد أوفد الرئيس قبل زيارته بثلاثة أسابيع الدكتور أحمد درويش رئيس هيئة تنمية محور قناة السويس لدراسة أحدث نظم إدارة المواني في البرتغال ولتبادل الخبرات وجذب الاستثمارات إلي محور القناة. كما ان البرتغال صاحبة تجربة رائدة في مجال استخدام بدائل نظيفة للطاقة الكهربائية، فقبل شهور قامت الحكومة بتجربة حيث تم وقف تشغيل محطات الكهرباء وإنارة البلد لمدة 4 أيام بالطاقة الجديدة والمتجددة (الشمسية والرياح). كما حرص رجال أعمال برتغاليون علي الترحيب بالرئيس بما عكس الجدية والثقة ومن ثم بحث الجانبان توقيع اتفاقية لمنع الازدواج الضريبى والعمل علي زيادة التبادل التجارى (حاليا حجمه 200 مليون دولار فقط) ورفع مستويات التعاون فى مجالات تكنولوجيا المعلومات وقطاع التشييد والبناء والاتصالات وتجديد اتفاقيات التعاون فى مجالات الثقافة والرياضة والشباب. وفى مجال التعاون أيضا، أكدت المباحثات حيث حرص الجانب المصرى على طرح الموضوع على الأجندة التعاون فى الفترة القادمة فى مجال السياحة والتبادل السياحى وبحث استئناف خط الطيران المباشر بين القاهرة ولشبونة الذى توقف منذ 25 يناير 2011.. وقد أكد مسئول برتغالى ل «الأهرام» فى هذا الصدد أن البطء يأتى من الجانب المصرى (!) وقال «نحن جاهزون» . كما أشار فى هذا الصدد إلى أنه كانت هناك تجربة تعاون سياحية مثمرة عام 2015 وقت وزير السياحة السابق هشام زعزوع حيث كان قد لفت نظره إلى أن عدد السائحين البرتغاليين لمصر يتراوح بين 10 و15 ألف سائح سنويا فقط.. وفى الوقت نفسه تستقبل البرتغال بضعة ملايين سائح من البرازيل وحدها حيث يوجد لشركة طيران البرتغال خطوط تشغيل لكل مدن البرازيل الرئيسية فأبرم الوزير اتفاقيات تضع مصر ضمن برامج شركات السياحة البرتغالية، ومن ثم زار مصر خلال فترة وجيزة ثلاثة آلاف سائح برازيلى لكن هذا البرنامج توقف؟!
أولاً: الرؤية الإستراتيجية المشتركة
حملت زيارة الرئيس أبعادا مهمة تجلت فى كلمته وكلمة رئيس البرتغال عقب المباحثات الثنائية، فقد ركزت على تشابه الأوضاع السياسية والاقتصادية، فقد مرت البرتغال بتجربة أزمة اقتصادية واجتماعية مثل مصر، خرجت منها، ومصر على طريق الخروج منها بالتنمية وزيادة الإنتاج والعمل على زيادة الصادرات وتشجيع الاستثمارات وبالاتفاق مع صندوق النقد الدولى وعلاج عجز الموازنة ببرامج إصلاح اقتصادى لتقليل أعباء الموازنة وزيادة إجمالى الناتج المحلى. ومواجهة تحديات تتعلق بالحقوق الاجتماعية وعلاج الفقر بضغط الإنفاق من ناحية وتنفيذ برامج رعاية اجتماعية والتعامل بحكمة وفى إطار القانون مع قضية الحريات وحقوق الإنسان باحترام الحريات فى مجتمع متعدد.
أحد الأبعاد المهمة تجلت كذلك فى كلمة الرئيس السيسى حيث عبر عن تقديره وأشاد بدعم وتأييد البرتغال لجهود مصر لبناء دولة مدنية حديثة ولآمال الشعب المصرى فى التقدم والتنمية، وهى لم تكن رسالة تحية وتقدير للبرتغال بقدر ما كانت أيضا رسالة لدول كبرى ودول أوروبية وإقليمية أخرى حيث يجمع القاهرة ولشبونة وعي مشترك بالتحذير من خطورة مخططات تدمير الدول وتفكيك مؤسساتها التى أثبتت الأحداث كارثيتها السياسية والإنسانية والاجتماعية الاقتصادية التى خططت لها ونفذتها وتورطت فيها دول كبرى ودول أوروبية وإقليمية.
فى هذا الصدد، يشيد المسئولون الذين التقيناهم فى لشبونة بخطاب الرئيس فى الأزهر فى ديسمبر 2014 فما زالت أصداء هذا الخطاب وطرحه لتجديد الخطاب الدينى تتردد فى أنحاء أوروبا كأساس للتفرقة بين الإسلام وبين جماعات التطرف والإرهاب حاضرة بقوة، ومثلما قال الرئيس البرتغالي »مصر لها موقع جيو-استراتيجى فرض عليها مواجهة تحديات كبيرة ونحن نتضامن معها ونشاركها التهديدات والتحديات«. ومن جانبه، تناول السيسي برؤيته الصلبة المعهودة في محاضرته بالأكاديمية العسكرية عندما وجه حديثه لكل أوروبا قائلا: ما انطبق على المنظمات الإرهابية التي نشطت في الدول الغربية وأوروبا في مراحل سابقة، ينطبق بدوره على المنظمات التي تتخذ من الدين الإسلامي ستاراً زائفاً لأعمالها، مضيفا أنه رغم تنوع أسمائها وتوزيع الأدوار الظاهري بين أجنحتها، فلا يوجد فارق جوهري في الأفكار التي تؤمن بها، حيث تتخذ من ذات المرجعيات الفكرية المتطرفة منهجاً لعملها، وإطاراً لنظرتها إلى مجتمعاتها والعالم، وكذا لخطابها ورسائلها الإعلامية القائمة على الإقصاء والعداء ونبذ الآخر وتكفير المجتمع، وهى جميعها مفاهيم مشوهة تتنافى مع روح الدين الإسلامي الحنيف ورسالته الحضارية السمحة التي تنبذ الانعزال والتطرف والعنف، وتدعو إلى التسامح والتعارف وقبول الآخر«.
وأوضح الرئيس أن تحديات صعود ظاهرة التطرف الفكري الذي يؤدي إلى الانخراط في أعمال إرهابية تحتم علينا جميعاً كمجتمع دولي وضع استراتيجية متكاملة الأبعاد لمواجهة الأفكار المغلوطة والدعاوى المغرضة لقوى الإرهاب، والتي باتت منتشرة على المواقع الإلكترونية المختلفة، مما ساهم في اكتساب هذه الأفكار مزيدا من الأتباع على مدار السنوات الماضية. وأكد ضرورة التوصل إلى توافق دولي حول اتخاذ التدابير اللازمة والجادة لتجريم ومنع التحريض على الكراهية والعنف في المواقع الالكترونية ووسائل الاتصالات الحديثة.
تلك هي الرسالة التي حملها الرئيس السيسي في كل جولاته الخارجية والتي أثبتت الأيام أنه علي حق فيما طرحه في السنوات الثلاث الماضية.
ثانياً: التعاون الإقليمى فى الشرق الأوسط وإفريقيا
تعد البرتغال من الأصوات الداعمة لمصر فى الاتحاد الأوروبى وهو ما ظهر فى مناسبات عديدة، من أهمها دعم خيار الشعب المصرى في ثورة 30 يونيو، وقد أكدت محادثات لشبونة علي رؤية ثاقبة من كبار رجال الدولة لضرورة التعاون المشترك فى مكافحة الإرهاب وتأييدهم المطلق لآراء الرئيس السيسي بأن الإرهاب والتطرف أساس مشاكل المنطقة التى تصدر إلى أوروبا، فالإرهاب وراء الخراب والتدمير وتراجع مؤشرات التنمية وتراجع السياحة والاستثمارات والخوف والرعب والذعر الذى يؤثر على البشر ويمنع تحقيق الاستقرار والأمان ومناخ العمل والاستثمار. كما تؤيد السياسة البرتغالية بجميع أحزابها الرئيسية، الحزب الاشتراكى الحاكم وأحزاب الائتلاف الحاكم (الشيوعى وكتلة اليسار وحزب الخضر) والمعارضة (الحزب الديمقراطى الاجتماعى) ضرورة تحقيق السلام فى الشرق الأوسط والتوصل إلي تسوية سلمية فى القضية الفلسطينية والتوصل إلي حلول لكوارث سوريا وليبيا واليمن بالوسائل السياسية ووقف ومحاصرة تمويل الإرهاب وضرورة الكشف والتصدى لمؤامرات تهدف- أو هدفت للأسف- إلى تفكيك دول المنطقة لما لها من آثار سلبية علي تنامي الهجرة غير الشرعية. وضرورة اقتناع حكومة إسرائيل بأن أمنها على المدى الطويل لا يتحقق بتفكيك وتدمير دول الجوار بل بالسلام والأمن للجميع وإحلال التعاون لمصلحة الشعوب محل الصراعات وأن الإرهاب سيطول الجميع.
فى البرلمان، كان رئيس البرلمان وقياداته ومسئولو لجنة العلاقات الخارجية حريصين على الاستماع إلى وجهات نظر الرئيس السيسي في وقت مازالت البرتغال تشعر بالفخر والسعادة لاختيار رئيس الحكومة السابق أمينا عاما جديدا للأمم المتحدة اعتبارا من يناير المقبل. وكان لافتاً ما قاله الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي مع نظيره البرتغالي حول تولي السيد أنطونيو جوتيريش منصب الأمين العام للمنظمة العالمية والمسئوليات الملقاة على عاتق رجل دولة، مشهود له بالكفاءة، من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين وأيضا كونه جاء من دولة قريبة من المنطقة وتعيش مشاكلها وتداعيات مشاكلها على أوروبا.. ومن دولة لها روابط تاريخية وثقافية مع دول المنطقة ولها علاقات صداقة مع جميع دول المنطقة.. ومن دولة لها أيضا مواقف متميزة ومتقدمة من قضايا الشرق الأوسط مما يمنحه رؤية أبعد للحالة الإقليمية الراهنة.
فى محاضرته بالأكاديمية العسكرية العليا، أكد الرئيس السيسى الاقتراب السياسى المهم بين مصر والبرتغال وتفهم الأخيرة كدولة متوسطية ليس بالوجود الجغرافي وإنما كدولة صاحبة حضارة ومشترك ثقافى وتاريخى مع المنطقة، وكيف كانت البرتغال من أوليات دول العالم التى أعلنت تأييدها المطلق وغير المشروط وانحيازها للإرادة المصرية الشعبية فى ثورة 30 يونيو.
تبرز هنا مسألة غاية فى الأهمية بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية وهى أنه بزيارة الرئيس السيسى للبرتغال تكون السياسة الخارجية والدبلوماسية المصرية قد أكملت عقد التعاون مع دول شمال المتوسط الأوروبية بعد زيارات الرئيس ولقاءاته مع رؤساء دول وحكومات قبرص واليونان وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا لبناء جبهة مصرية أوروبية (ليس محورا) للتعاون فى مجالات التنمية والسلام ومكافحة الإرهاب وعلاج تداعيات الحروب والتطرف فى المنطقة وفى مقدمتها مشكلة الهجرة غير الشرعية.
فى مجال التعاون الإقليمى، أيضا وعلى الصعيد الإفريقى، هناك آفاق لتعاون البلدين فى القارة من خلال استثمارات مشتركة واستفادة كل بلد من خبرات الدولة الأخرى ويمكن أن يكون لوكالة الشراكة المصرية للتعاون الفنى مع إفريقيا بوزارة الخارجية دور فى هذا الصدد.
على الصعيد العربى، تجلى الموقف البرتغالى المهتم بدعم العلاقات مع مصر والمنطقة العربية فى حرص الرئيس البرتغالى على افتتاح المؤتمر السنوى لغرفة التجارة العربية البرتغالية الذى عقد هذا العام فى لشبونة مطلع شهر أكتوبر الماضى. كما حرص وزير الخارجية أوجوستو سانتوس سيلفا على حضور الجلسة الختامية للمؤتمر.
ثالثا: تجربة البرتغال فى التسامح الدينى ومكافحة التطرف
تمتلك البرتغال تجربة وخبرات فى هذا المجال فهى دولة متعددة الأعراق والديانات وقبل ذلك هى «دولة قانون».. والدولة لا تسمح أساسا بأى ممارسات ضد الآخر وتتمتع بقبول الآخر بدرجة كبيرة، يوجد في البرتغال نحو 50 ألف مسلم من أصل 11 مليون نسمة (هناك نحو خمسة ملايين برتغالى بالخارج منهم مليون فى فرنسا وحدها) ويخدمهم المركز الإسلامى فى لشبونة الذى يقدم خدمات متنوعة للمسلمين اجتماعية وثقافية وخلافه، وخدماته متاحة لغير المسلمين أيضا. والغالبية العظمى من المسلمين البرتغاليين (يحملون الجنسية) من أصول إفريقية وآسيوية، ومن يحملون الجنسية من أصول عربية عددهم ضئيل للغاية ولا وجود للتطرف الدينى فى البرتغال.
ومن مظاهر التعايش الراقي في البلاد، قيام الرئيس البرتغالى في يوم تنصيبه بزيارة غير مسبوقة للمركز الإسلامى إذ أطلق من المركز رسالة سلام وتسامح لكل أصحاب الديانات من أبناء الشعب وفى حضور رموزه الدينية من المسيحيين الذين يحرص قادة المركز على دعوتهم لزيارة المركز فى مثل هذه المناسبات الوطنية. وفى موقف يعبر عن التسامح الدينى ورفض موقف المجر المناهض للمسلمين وفى إطار اهتمام البرتغال الإنسانى بقضايا المنطقة.. فللبرتغال موقف متميز فمع قلقها من مشكلة الهجرة غير الشرعية أعلنت رفضها موقف المجر المناهض للمسلمين. وأعلنت استعدادها لاستقبال مهاجرين من المنطقة خاصة سوريا أضعاف العدد الذى حدده الاتحاد الأوروبى. كما اتخذت البرتغال مبادرة تستضيف بمقتضاها الطلبة السوريين الدارسين لنيل درجتى الماجستير والدكتوراه لاستكمال دراستهم بالبرتغال.
وبالمناسبة، فإن الجالية المصرية فى البرتغال تبلغ نحو 300 فرد منهم 25 من الدارسين بالجامعات (دراسات عليا) البرتغالية وفى تخصصات علمية والباقون يعملون فى مجالات مختلفة فى مقدمتها مجال السياحة. والدارسون موجودون فى إطار تعاون ثقافى وعلمى بين البلدين شهد قفزة فى الفترة الأخيرة، حيث تم افتتاح قسم لدراسة اللغة البرتغالية بجامعة عين شمس فى وقت تشهد البرتغال اهتماما بعلم المصريات والحضارة المصرية القديمة.
البرتغال لها مواقف صريحة وواضحة ومبدئية في كل القضايا المطروحة علي الساحة الدولية وفي الإقليم وفي الملفات التي كانت علي أجندة مباحثات الرئيس.. فهي بلد صديق حقيقي لمصر وللعرب.
لمزيد من مقالات محمد عبدالهادى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.