كليات التربية تحتاج إلى تطوير واهتمام أكبر باعتبارها المعد الأول والمصنع الذى يخرج المعلمين التربويين الذين يتعاملون ويؤسسون بنيان الطالب ويعدونه للمستقبل هذا ما أكده المجلس الأعلى للجامعات حيث أوصى بتشكيل لجنه لدراسة وضع كليات التربية بمختلف الجامعات وكيفية تطويرها ومن خلال هذا التحقيق نحاول أن نلقى الضوء على بعض نقاط القصور التى تحتاج إلى اهتمام . فى البداية قال الدكتور على الجمل عميد كلية التربية بجامعة عين شمس الأسبق انه من أجل تطوير كليات التربية لابد اولا من تغيير برامج الإعداد وتطويرها نظرا للتغيرات المجتمعية الموجودة واحتياجات سوق العمل متسائلا هل من المعقول أن يضم الوطن العربى اكثر من 200 كلية تربية ليس فيها برامج تستطيع أن تسهم فى تخريج معلم يدرس فى المدارس الدولية؟ وأضاف انه تم بالفعل إعداد العديد من المشروعات التى تهدف إلى تطوير كليات التربية ولكنها تحتاج إلى التنفيذ والمتابعة والاهتمام ومن أهم هذه المشروعات مشروع تم إعداده فى عام 2013 لتطوير برامج إعداد المعلم بكليات التربية وفقا للمعايير الدولية وشارك فيه أكثر من دولة عربية وتم عمل لجان شارك فيها ما يقرب من 100 أستاذ بكليات التربية المختلفة على مستوى جمهورية مصر العربية. وأشار إلى أن هذا المشروع تضمن 15 محورا بدءا من سياسة القبول والالتحاق بكليات التربية وحتى الحصول على الرخصة والقيام بمهنة التدريس وتم عرض الرؤى المختلفة فى كل محور من هذه المحاور وأوضح أن مثل هذه المشروعات تحتاج وتتطلب دفعة قوية من المجلس الأعلى للجامعات ومن مؤسسات المجتمع المدنى ورجال الاعمال المهتمين بالتعليم لتنفيذها على أرض الواقع وإلا ستظل هذه الجهود حبر على ورق وجهودا بذلت من أجل التطوير لا ترى النور كما انه من الأولى ايضا إلقاء الضوء على المشروعات التى بذلت بالفعل ونسعى لتطويرها ودعمها وتنفيذها بدلا من البحث عن مشروعات جديدة. ويتفق الدكتور محمود الناقة أستاذ المناهج والتدريس بتربية عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس مع الدكتور على الجمل فى أن أهم أوجه القصور فى كليات التربية تكمن فى برامج إعداد المعلم فهى كما قال مزدحمة والكثير منها غير وظيفى وغير مهنى ومعظمها خلفيات نظرية ثقافية. واشار إلى أن البرامج تتسم بالكثافة وكثرة المواد التخصصية من جهة والمواد التربوية من جهة أخرى وانفصال الجانبين عن بعضهما البعض بالإضافة إلى خلو الكليات من قاعات وميادين النشاط المختلفة التى ينبغى أن يعد فيها المعلم إعدادا جيدا لكى يمارس هذه الأنشطة مع طلابه فى المدارس متعجبا من انه لم يعد هناك الآن (الرائد أو المشرف الفنى). وأضاف أن التوجه الحقيقى لإعداد المعلم يتم من خلال ما يسمى بالأداء التعليمى فلابد أن تصاغ البرامج بشكل يمكن المعلم من الأداء التعليمى بكل جوانبه ولابد من أن يكون المعلم مثقفا وقائدا ومربيا. مشيرا إلى أن كليات التربية يحتشد فيها أعداد كبيرة من الطلاب والطالبات والمدرجات والمعامل غير كافية والتكنولوجيا المعاصرة فى التدريس غير صالحة، لذلك اليوم الدراسى لطالب كلية التربية يوم مزدحم وهذا يتطلب تغييرات مادية فى الأبنية التعليمية والمعامل خاصة ما يسمى بمعامل التدريس. وقالت الدكتورة حنان كمال مرسى أستاذ تكنولوجيا التعليم والإعلام بكلية التربية جامعة حلوان ومدير مركز التطوير الوظيفى بالجامعة إن كليات التربية بالفعل تحتاج إلى تطوير فى كافة النواحى وأشارت إلى أن أخر مشروع قومى تم تنفيذه لتطوير كليات التربية كان فى عام 2003 واستمر حتى عام 2007 ومن وقتها وحتى الآن لم يوجد مشروعات قومية صريحة جادة ركزت على تطوير كليات التربية وانما ما يحدث فهو جهود ذاتية داخل الكليات. وأوضحت أن هذا المشروع كان يهدف إلى تنفيذ 4 محاور أساسية أولهما تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس وتناول المحور تدريبهم على مهارات البحث باللغة الانجليزية وإعدادهم على الاشراف العملى والتربية الميدانية وتدريبهم على دمج واستخدام التكنولوجيا فى التعليم وأساليب التعلم النشط. والمحور الثانى يهدف إلى تطوير اللائحة الداخلية لعمل كليات التربية وتم تجريبه فى ذلك الوقت على أربع كليات وهى تربية المنيا وبنات عين شمس ودمياط وعين شمس وكان أهم ملامح اللائحة أن يتم إجراء «بطارية اختبارات» للطلاب الذين سيتم قبولهم بكليات التربية كما ضمت اللائحة دليلا للتربية الميدانية الموحد وإنشاء نظام للدراسة الداخلى سواء كانت دراسات عليا «ماجيستير ودكتوراه» أو مرحلة البكالوريوس. وقالت أن المحور الثالث كان يهدف إلى الاهتمام بالمشروعات التنافسية مثل مشروع تطوير التربية العملية ومشروع إنشاء شعب للتربية الخاصة وتم تطبيقه بجامعة عين شمس ومشروع تحويل الدراسات العليا عن بعد وتم تطبيقه أيضا بجامعة عين شمس. والمحور الرابع يهدف إلى تجهيزات وإعداد كليات التربية وهو منوط بإمداد كليات التربية المختلفة فى ذلك الوقت بمعامل كمبيوتر ومعامل تدريب مصغر ومعامل فى كل التخصصات مثل علم النفس والفيزياء والكيمياء والأحياء والجغرافيا واللغات وهذه المعامل قد وصلت الكليات فى عام 2007 قرابة انتهاء المشروع ولكن للأسف لم تكن هناك أى متابعة او اهتمام بالمشروع لضمان استمراره، الأمر الذى ادى فى عدد من الجامعات لاستخدام هذه المعامل فى دعم وخدمة كليات أخرى مستحدثة بهذه الجامعات مثل العلوم والآداب. وأشارت إلى 3 أوراق بحثية تعرض على لجنة قطاع التربية فى غاية الاهمية لتطوير كليات التربية، الورقة الأولى عن الجهود السابقة فى تطوير كليات التربية والورقة الثانية عن اللوائح التشريعية الخاصة بإدارة كليات التربية والمعوقات التى تواجهها والورقة الثالثة عن واقع كليات التربية الحالى وتصور مقترح لتطويرها والورقة الرابعة عن تقديم الاتجاهات الحديثة العالمية لتطوير كليات التربية. اما فيما يخص الجهود الذاتية فكان هناك مشرع ممول من المعونة الامريكية لتطوير كليات التربية والمشروع الثانى كان من عام 2012 إلى عام 2013 هو مشروع بناء قدرات كليات التربية وممول من الاتحاد الأوروبى «التمبس» بالتعاون مع وزارة التعليم العالى وكان يضم 3 محاور أساسية وهى التربية العملية والتنمية المستدامة للمعلمين وبحوث الفعل فى المجال التربوى ويضم 14 كلية تربية من جامعات مختلفة منهم 3 جامعات من المملكة المتحدة وجامعتان من لبنان وجامعتان من فلسطين وجامعة من السويد وجامعة من مالطا و5 كليات تربية من مصر بجامعات حلوان وأسيوط واسكندرية والاكاديمية المهنية لإعداد المعلم بأكتوبر ومعهد البحوث التربوية بالجامعة الامريكية وتم عمل زيارات تربوية بين هذه الجامعات ال 14 ومؤتمرات ومناقشات بحثية نتج عنها تطوير كليات التربية التى شاركت فى هذا المشروع. وأضافت أن هناك مشكلة فى غاية الأهمية وهى الأكاديمية المهنية لإعداد المعلم وهى المنوطة فى مصر بتطوير أداء المعلم وهى فى غاية الفشل ودورها غير فاعل تماما ويحتاج إلى تطوير ورعاية وتغيير من قبل وزارة التربية والتعليم بالإضافة إلى ان جامعة القاهرة لا يوجد بها كلية تربية وهذا محط تساؤل ولكن بها كلية تربية لكنها مختصة بالدراسات العليا فقط «معهد البحوث التربوية سابقا».