بعد اختتام قمة مجموعة العشرين في منتجع لوس كابوس بالمكسيك, كشفت صحيفة التليجراف البريطانية أمس عن أن القادة الأوروبيون يعتزمون الإعلان عن تقديم حزمة إنقاذ لكل من أسبانيا وإيطاليا تصل إلي600 مليار يورو لمساعداتهما في التغلب علي أزمة الديون. وتنقسم حزمة المساعدات المقرر منحها لإسبانيا وإيطاليا إلي400 مليار يورو من آلية الاستقرار الأوروبي و200 مليار يورو من مؤسسة الاستقرار المالي الأوروبية, وسيتم استخدامها في شراء السندات الحكومية التي تصدرها هاتان الدولتان. وكانت مصادر إسبانية قد أعلنت, علي هامش قمة مجموعة العشرين, أن إسبانيا قد تتقدم بطلب رسمي للحصول علي حزمة قروض قيمتها100 مليار يورو لإنقاذ بنوكها المتعثرة والتي قالت مجموعة اليورو إنها متاحة أمام إسبانيا الآن. وفي ختام قمة مجموعة العشرين, اتفق القادة الأوروبيون علي اتخاذ إجراءات حاسمة من شأنها خفض معدلات الاقتراض للحد من تفاقم أزمة الديون التي عصفت بمنطقة اليورو وتسببت في قفز أسعار السندات الأسبانية لمستويات غير آمنة, حيث ارتفعت عوائد سنداتها طويلة الأجل إلي أكثر من7% وهو المستوي الذي أجبر دولا أخري بمنطقة اليورو علي طلب المساعدات. ورحب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند باقتراح إيطاليا استخدام صندوق الإنقاذ المالي الدائم الجديد لمنطقة اليورو, والذي يطلق عليه اسم آلية الاستقرار الأوروبية, لشراء السندات السيادية للدول الأعضاء المثقلة بتكاليف الاقتراض المرتفعة, وقال إن هذه الفكرة تستحق الدراسة. وأكد أولاند أنه يعتزم مناقشة هذه الفكرة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي في اجتماعهم في روما اليوم. وقال إنه يتوقع أن تتبني دول الاتحاد الأوروبي ضربية علي الصفقات المالية العام القادم. ومن المتوقع أن تصبح آلية الاستقرار الأوروبية قيد الاستخدام الشهر القادم وستكون لها صلاحية شراء الديون السيادية في الأسواق الأولية والثانوية. يأتي ذلك في الوقت الذي تصدت فيه المستشارة الألمانية بحزم للمطالب اليونانية بإعادة التفاوض حول برامج التقشف التي أبرمتها اليونان مع منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي, وجددت رفضها للتكهنات حول تقديم حزمة مساعدات جديدة لليونان. وطالبت ميركل الحكومة اليونانية التي يتم تشكيلها بالالتزام ببرنامج التقشف دون تعديل أو تقصير. وفيما أشادت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي بالتقدم الذي أحرزته قمة مجموعة العشرين تجاه خطة الانتعاش الأوروبية للقضاء علي أزمة منطقة اليورو, أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن احساس زعماء أوروبا بضروة التحرك كان واضحا, وهم يعرفون الخطوات المطلوبة لوقف حمي أزمة الديون المتفاقمة, إلا أنه أشار إلي أن خطة الإصلاح لن تكون العصا السحرية للقضاء علي أزمة الديون خلال الأسبوع المقبل أو خلال أسبوعين أو شهرين. واعتبر أوباما أن كل خطوة تشير إلي حقيقة أن أوروبا تتحرك باتجاه التكامل وليس باتجاه الانفصال. وقال إنه واثق من أن أوروبا تستطيع حل أزمتها المالية التي تهدد الاقتصاد العالمي ككل. وأضاف أن القادة الأوروبيين طمأنوه خلال محادثات في القمة وخلال الأسابيع العديدة الماضية بأنهم يفهمون مدي إلحاح الوضع وسيفعلون كل ما يلزم لحل المشكلة. وعلي صعيد نفسه, صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأن منطقة اليورو ستتخذ كافة التدابير السياسية اللازمة لمعالجة الأزمة المالية. وقال كاميرون, في اجتماع علي هامش قمة مجموعة العشرين مع الرئيس الأمريكي وقادة آخرين, إن القادة بحثوا حاجة منطقة اليورو للدفاع بقوة عن عملتها. ومن جهته, دعا وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله الدول الأوروبية للاستفادة من درس الأزمة المالية الاوروبية لتحقيق خطوات تاريخية نحو تكامل أوروبا ووحدتها السياسية. وقال الوزير الألماني إنه يتعين الاستفادة من الأزمة الراهنة لإجراء إصلاحات أوروبية شاملة تتمثل في تقليص حجم المفوضية الاوروبية وانتخاب رئيسها بشكل مباشر والتنازل تدريجيا عن الصلاحيات الوطنية لصالح البرلمان الأوروبي والمؤسسات الاوروبية بالإضافة إلي تشكيل غرفة ثانية بجانب البرلمان الاوروبي تمثل الحكومات الأوروبية الوطنية. من جانب آخر, انتقدت مجموعات معنية بمكافحة الفقر أن الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو هيمنت علي جدول أعمال قمة مجموعة العشرين ولم تفسح المجال لمناقشة قضايا الفقر والأمن الغذائي في الدول الفقيرة. وقال كارلوس زاركو المتحدث باسم مؤسسة أوكسفام للتنمية إن الزعماء انشغلوا تماما بالخلافات بشأن كيفية إصلاح منطقة اليورو عن الدول النامية التي تعاني من خفض المساعدات والتغير المناخي وتذبذب الأسعار. وأضاف أن زعماء القمة أخفقوا في التوصل إلي خطة لمساعدة أكثر من مليار شخص علي مستوي العالم يواجهون الجوع والفقر.