معظمنا يهوى الوطن حتى ولو عاش عمره بين جنباته مقهورا محصورا,وطننا ليس الأجمل أو الأغنى وليس الأكثر عدلا أو احتراما لآدمية من يعيشون بين جدرانه ,لكننا نعشقه ولا نثمن قدره إلا ونحن خارج حدوده وقتها لا نتمنى سوى أن نعود لندفن تحت ترابه. هكذا قصدت المذيعة الأمريكية راشيل مادو لتهدئة روع الأمريكيين مما وصف ب «فتنة ترامب» التى عمقت من انقسام مجتمعهم على انقسامه المعتاد الذى يتبلور عادة بعد كل جولة انتخابات رئاسية.فقد خرجت المذيعة قبل أيام من اكتساح المرشح الجمهورى للانتخابات الرئاسية بعد أن أصبحت «الترامبية» واقعا يزلزل الأرض من تحت أقدام النخب السياسية التقليدية,لتذكر الأمريكيين أنهم ليسوا فى الجحيم إذا فاز ترامب بالرئاسة. وخاطبتهم مادو بإحساس وطنى يذكرهم بأن بلادهم هى بلاد الحريات والديمقراطية قائلة «أنتم مستيقظون بالمناسبة،ولا تحلمون بحلم شنيع،أنتم لم تموتوا وتذهبوا إلى الجحيم،هذه هى حياتكم الآن،هذه هى انتخاباتنا،وهؤلاء نحن وهذا هو بلدنا الحقيقي». تعرضت مادو لهجوم حاد حينذاك من أنصار ترامب الذين طالبوها بالتوقف عن ترويع الناس، بينما احتفى بكلمتها مؤيدو منافسته هيلارى كلينتون،وأعادوا نشرها آلاف المرات باعتبارها ورقة انتخابية يمكن اللعب بها.هذا الشعور الوطنى المسئول من المذيعة الليبرالية الشهيرة التى لطالما عرف عنها مواجهاتها الشرسة لليمين الجمهوري,ربما لم يجد صدى لدى الآلاف الذين هرعوا لطلب الهجرة إلى كندا أو لدى دعاة الانفصال فى كاليفورنيا ممن روعهم فوز ترامب. لكن ما يهمنا نحن أن نبث تلك الأحاسيس التى غابت عن بعض المصريين ممن لايعجبهم المسار السياسى الحالى ويواجهون أى تطور لمصلحة الوطن بالتخوين والتشكيك وكأن المصلحة الشخصية هى رباطهم الأصلى بالوطن.هذه المذيعة لا تنقصها الشهرة أو المال لكن عند الخطر تذكرت أمريكا فقط,وتلك هى الفضيلة الغائبة عن إعلامنا الذى قلما نراه يقدم رسالة إعلامية ترقى بمصلحة الوطن فوق المصلحة الشخصية فى تأييد مرشح ما أو تيار سياسى معين,بل لم تسلم الكرة من ترهات البعض الذى اندفع لتشجيع غانا كرويا نكاية فى الوطن. [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين