المضادات الحيوية الخطر القادم الذي يهدد البشرية وثمة تنبؤات خطيرة بأن استمرار البشرية في الإسراف في استخدامها سوف يبطل مفعول عدد مهول منها بحيث لم تعد تصلح لمعالجة البشر أو مواجهة الآفات الزراعية، لذلك طالبت مجلات كبري متخصصة في البحوث الطبية في الولاياتالمتحدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة التدخل العاجل لاستصدار تشريع عالمي يسانده رؤساء الدول، يوقف الإسراف في استخدام المضادات الحيوية الذي أدي إلي تكيف عدد خطير من الفيروسات والبكتيريا مع هذه المضادات، وتحوير نفسها في أطوار جديدة لم يعد يجدي معها استخدام هذه المضادات، وهي بالطبع خسارة هائلة لأنه منذ منتصف القرن العشرين بعد ابتكار المضادات الحيوية دخل الطب مرحلة مهمة أصبح فيها استخدام المضادات الحيوية ركنا أساسيا من أركان العلاج والدواء . .................................................................. كشف التقرير الخطير الذى نشرته صحيفة «الواشنطن بوست» مؤخرا، ان عددا غير قليل من المضادات الحيوية فقد فاعليته، وان البشرية تواجه خطرا محققا يتمثل في أنواع متطورة من الفيروسات والبكتيريا تهدد حياة الإنسان لم تعد تقبل العلاج بالمضادات الحيوية، وان الصينيين اكتشفوا العام الماضي أنواعا خطيرة من الفيروسات تملك قدرة مقاومة هذه المضادات كما أفاد مسئولون بوزارة الصحة الأمريكية يوم الخميس 27 مايو 2016 بأنهم سجلوا ظهور أول حالة في البلاد لمريض مصاب بعدوى مقاومة للمضاد الحيوي الأقوى، والذي يعتبر الملاذ الأخير والاستراتيجي لحالات الطوارئ ضد البكتيريا. المسئولون أعربوا عن قلقهم البالغ من أن هذا النوع من البكتيريا، يمكن أن يشكل خطرا كبيرا فيما يتعلق بالعدوى الروتينية إذا ما انتشرت بشكل أكبر. وقال «توماس فريدن « مدير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية إننا نعيش الآن مرحلة ما بعد المضادات الحيوية ،هذه البكتيريا الخطيرة جرى اكتشافها، بعدما أصيبت امرأة من ولاية بنسلفانيا الأمريكية، تبلغ من العمر 49 عاما، بالتهاب في المسالك البولية، يذكر أن هذه السيدة، لم تسافر مطلقا خلال الأشهر الخمسة السابقة لإصابتها بهذه العدوى. وقال» فريدن» في نادي «الصحافة» الوطني، بالعاصمة الأمريكيةواشنطن إن هذه البكتيريا قاومت بالفعل تأثير عقار «كوليستين « وهو المضاد الحيوي الذي كان العلماء يحتفظون به في حالات الطوارئ لمكافحة أي أنواع من البكتيريا التي يمكن أن تكون بمثابة كابوس للبشر نتيجة قوتها. جين «إم سي آر 1» المرعب وقد جرت ملاحظة هذا النوع من البكتيريا خلال دراسة نشرت في دورية علمية تابعة للجمعية الأمريكية لعلم الأحياء ألمجهري. الدراسة أشارت إلى أن هذه البكتيريا نفسها، أصيبت بعدوى عبر جزء من الحمض النووي، تدعى «بلازميد « والذي اشتمل على «جين» يطلق عليه اسم» إم سي آر 1» هذا الجين هو الذي منح البكتيريا القدرة على مقاومة عقار «كوليستين» وكي نفهم هذا الأمر بصورة أكثر وضوحًا، فعلينا أن نعرف أن «البلازميدات» هي عبارة عن جزيئات دائرية وصغيرة من الحمض النووي والتي تتواجد بشكل كبير في البكتيريا، بجانب وجود الحمض النووي (DNA) نفسه فهي منفصلة عن «الكروموسوم» البكتيري الرئيسى، هذه البلازميدات تتميز بوجود جينات إضافية غير أساسية – أي أن عدم وجودها في البكتيريا لن يؤدي إلى فناء الخلية البكتيرية أو منع تكاثرها تساعد على تحسين صفات البكتيريا ، «البلازميد» يستخدم كأداة أساسية في نقل الجينات من وإلى الكائنات بعضها البعض، ومن بينها بالطبع البكتيريا. ويعود الفضل لهذه « البلازميدات » في انتشار صفة وراثية تكتسبها خلية بكتيرية معينة نتيجة حدوث طفرة أو أمر مشابه إلى بقية الخلايا البكتيرية لتكتسب جميع أنواع هذه البكتيريا نفس الصفة الجديدة كما ذكرت الدراسة، التي أجراها مركز «والتر ريد» الطبي العسكري الوطني بالولاياتالمتحدة، أن هذا الأمر ينذر بالفعل بظهور أنواع من البكتيريا، قادرة على مقاومة جميع أنواع المضادات الحيوية المعروفة. يذكر أن هذه الدراسة تمثل أول ظهور لجين «إم سي آر 1» في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، الامر الذي يتطلب ضرورة عقد جمعية عامة استثنائية للأمم المتحدة يحضرها الرؤساء لضمان خروج هذه الاجتماعات بقرارات حاسمة يتم تفعيلها في كل أنحاء العالم، خاصة أن البشرية ربما تنتظر طويلا لاكتشاف علاج ودواء جديد واسع الأثر يحل مكان المضادات الحيوية. أين نحن من هذه القضية هل لدينا دراية بحقيقة الخطر القادم، هل نحن مستعدون، ما دور وزارة الصحة للحد من الاستخدام المفرط للمضادات؟ وأين مراكز البحوث الدوائية وهل لها وجود حقيقي وفاعل في البحث العلمي كل هذه الأسئلة طرحتها علي الدكتور. محمد رؤوف حامد أستاذ البحوث الدوائية بمراكز البحوث الدوائية يقول مراكز البحوث الدوائية في مصر موجودة بالفعل لكن للأسف غير فاعلة وكل دورها هو إجراء دراسات وأبحاث عن استخدامات الأدوية ومدي مقاومة الجسم لها لكن فكرة إجراء دراسات وأبحاث عن تحور البكتريا ومقاومتها للمضادات الحيوية صعبة لا توجد لدينا حتى الآلية لهذا لذلك نحن كل ما نستطيع أن نقوله في هذه القضية التي بالفعل هي كارثة بكل المقاييس تهدد الإنسان والحيوان والنبات أن ننبه المرضي بمدي خطورة الإفراط في تعاطي هذه المضادات وبالإضافة إلي أن وزارة الصحة يجب أن تقوم بالدور الأهم في هذا الموضوع لأنه من غير المعقول أن نحمل المرضي هذا الموضوع لان الدولة لابد ان يكون لها دور حقيقي وفاعل في هذا الشأن بإصدار توصيات وتوجهات من خلال نظام إعلامي فاعل للأسف لان دورنا هنا يقتصر علي ترشيد الاستهلاك لكن مسألة البحث العلمي في مصر لا توجد لابد من عقد دورات وندوات للأطباء للتنبيه مدي خطورة الإفراط في تناول المضادات الحيوية . يقول الدكتور علي عبد الله مدير المركز المصري للدراسات الدوائية والإحصاء ومكافحة إدمان للأسف التقارير الأخيرة تقول إنه في عام 2050 سيصل عدد الوفيات إلي 10 ملايين حالة وفاة بسب بكتريا مقاومة المضادات الحيوية وهو نتيجة للإسراف في استخدام البكتريا التي بدأت في الفترة الأخيرة تأخذ حذرها وتحور نفسها لتلافي تأثرها بالمضادات الحيوية وفي دراسة قامت بها منظمة الصحة العالمية في مصر علي 511 شخصا تبين أن حوالي 76 % من الشريحة في مصر يعتمدون علي المضادات الحيوية بشكل أساسي في علاج نزلات البرد والأنفلونزا والتهاب الحلق في حين أن المضاد الحيوي يقتل البكتريا ولا يقتل الفيروسات والبرد والأنفلونزا والتهاب الزور مرض فيروسي وبالتالي المضاد الحيوي ليس علاجا لكل الحالات وأن حوالي 55 % توقفوا عن استكمال المضاد الحيوي بمجرد شعورهم بتحسن معتقدين أن التوقف عن استكمال المضاد الحيوي أفضل من استكماله وهذا خطأ كبير يقع فيه المرضي في مصر. يفسر الدكتور علي عبد الله كيفية تحول المضاد الحيوي من المنقذ أو الملاذ الأخير للحد من الأمراض الصعبة إلي مرض صعب جدا الشفاء منه يقول : تسبب الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية فى أن الأبحاث الأخيرة أكدت أن عدد الوفيات في عام 2050 سيصل في أوروبا إلي 25 ألف حالة وفاة سنويا لان الأمراض أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية ويزيد من خطورة المشكلة أن المضادات الحيوية لم تعد عنصرا أساسيا للعلاج والدواء ضد الأمراض التي تصيب الإنسان فقط، ولكن مجالات عملها امتدت إلي الزراعة بعد أن أصبحت المضادات الحيوية أهم العناصر الفاعلة في مقاومة عديد من الآفات والحشرات الزراعية التي تكبد الزراعة خسائر ضخمة ومهولة بالإضافة إلي الثروة الحيوانية وأصبح انتقالها للإنسان شي أكيد فإذا رشد الإنسان استهلاكه للمضادات الحيوية بسبب تعرضه للأمراض فهو يتناولها بالإجبار نتيجة تناوله الدواجن أو الخضار لذلك المضادات الحيوية لم تعد تصلح لمقاومة هذه الآفات التي تحورت وتطورت لتصبح شيئا مختلفا يملك القدرة علي مقاومة هذه المضادات، ويعتقد علماء البكتيريا أن التحدي الأساسي الذي يواجه البشرية الآن هو كيفية إقناع الناس والمستهلكين بتقليل الاعتماد علي المضادات الحيوية، وحصر استخدامها في حالات محددة ينظمها جدول ملزم تلتزم به كل دول العالم. كما شدد الدكتور علي عبد الله علي وزارة الصحة أن يكون لها دور كبير وتتخذ إجراءات حاسمة مع شركات الأدوية التي تقوم بتوفير جرعات من المضادات الحيوية قليلة لا تفيد في علاج المرض وللأسف يلجأ إليها المريض لانخفاض سعرها لكن يعاوده المرض بعد فترة لكن اشد وأصعب وتكون فاتورة علاجه أكثر بكثير لو كان تناول الجرعة المضبوطة لما تعرض لانتكاسه لذلك يجب علي وزارة الصحة أن يكون لها دور حقيقي وفاعل في هذه القضية . وأشار الدكتور عبد الهادي مصباح أستاذ المناعة وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة إلي أن سوء استخدام المضادات الحيوية خلق بكتريا سوبر مقاومة لمعظم المضادات الحيوية وللأسف انتقلت هذه البكتريا إلي المستشفيات ومنها إلي المرضي وهي تمثل خطورة كبيرة لان الشفاء منها يكون صعبا جدا ويحتاج إلي وقت أطول لذلك يجب أن تتخذ وزارة الصحة بالتعاون مع الأطباء إجراءات للحد من انتشار هذه البكتريا التي لا يقتصر تأثيرها علي المستوي المحلي ولكن علي المستوي الدولي. كما نبه الدكتور عبد الهادي مصباح علي أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية دون الرجوع لطبيب من أهم الأسباب التي تسبب مرض عدوي مقاومه المناعة للمضادات الحيوية، كما أن عدم الالتزام بالجرعة المقررة بالتوقيتات التي حددها الطبيب تضعف مناعة المريض وتجعله عرضة للإصابة بالمرض في وقت قصير لذلك يجب منع الصيدليات من صرف المضادات الحيوية بدون روشتة من الطبيب المختص .