كتبت:أمنية نصر فشل خصوم رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في حشد التأييد اللازم لإقصائه عن منصبه وسحب الثقة من حكومته, وكسب الأخير الجولة الأولي من خطة التحالف. الذي يضم كتلة العراقية التي يقودها إياد علاوي والتحالف الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني وأخيرا التيار الصدري الذي يقوده مقتدي الصدر. ولا يعني نجاة رئيس ائتلاف دولة القانون إنهاء الأزمة وإنما العكس, فالأزمة سيطول أمدها وسيحاول التحالف الثلاثي مواصلة العمل لإنجاح الخطة, خاصة مع تصريح الزعيم الشيعي الشاب مقتدي الصدر بأن سحب الثقة لم ينته وإنما بدأ للتو وفور إعلان الرئيس العراقي جلال طالباني عدم كفاية توقيعات النواب المطالبين بسحب الثقة عن المالكي, بدأ مناهضوه بمراجعة أوراقهم للبحث عن البدائل, خاصة مع ضيق الوقت وقرب توقف الأنشطة السياسية مع اقتراب شهر رمضان, حتي إن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لجأ لسلاح الغموض وهو أنه سيضطر للجوء الي خيار آخر لم يحدده. والحقيقة أن جذور الأزمة السياسية لا ترجع فقط الي كونها صراعا علي السلطة, وإنما هي نتيجة أخطاء بدأت منذ تأسيس الحكومة ثم ممارستها للصلاحيات المعطاة إليها. فخصوم المالكي يتهمونه بالتفرد بالسلطة والدكتاتورية والإنفراد بسلطة اتخاذ القرارات, وآخر تلك الاتهامات كانت تنازله عن عشرات الكيلومترات من الاراضي العراقية والممرات المائية الحيوية لبعض دول الجوار دون موافقة الشعب العراقي. فكتلة العراقية تري أنها برغم امتلاكها أكبر حصة من الوزراء إلا أنه يتم تهميشها وترويع قادتها السياسيين بمحاكمات ذات أهداف سياسية. أما عن الأكراد فمشكلتهم مالية بسبب عقود النفط ورواتب حراس الإقليم, ثم تأتي مطالب الصدريين الهادفة الي إنهاء دعم المالكي لجماعة عصائب الحق وبالتالي عدم إشراكهم في العملية السياسية, وإنهاء ملف اغتيال عبد المجيد الخوئي. ويبقي أمام خصوم المالكي دعوة البرلمان لاستجوابه علي أمل أن يغلب علي أدائه السوء وينضم نواب آخرون لجبهة المعارضة ومن ثم تتجدد المطالب بإعادة طرح سحب الثقة. أما رئيس الوزراء فقد قرر أن يكون سلاحه في مواجهة خصومه هو إشهار ورقة المصالحة الوطنية, وذهب بعض أنصاره الي إعلان استعدادهم إجراء مباحثات مع الامين العام لهيئة علماء المسلمين حارث الضاري لترتيب عودته إلي العراق ضمن مشروع المصالحة. وإذا حاولنا استعراض بعض من السيناريوهات المتوقعة للأزمة في الفترة المقبلة, يتضح أنه اذا نجح التحالف في حشد النواب وسحب الثقة, فقد تدخل البلاد في نفق الفوضي ويظهر العنف الطائفي كلاعب أساسي علي الساحة العراقية, وفي احسن الأحوال تدخل البلاد مرة أخري في حالة سبات سياسي, خاصة اذا عرفنا ان الحكومة الحالية إستغرقت ولادتها9 أشهر. وأما إذا نجا المالكي من الاستجواب للمرة الثانية فسيتم تدعيمه علي المستوي الشعبي ولايبقي امام الفرقاء غير الرجوع لطاولة الحوار لمناقشة الخلافات والحرص علي إيجاد الحلول للانطلاق نحو عملية بناء الدولة وتشييد مؤسساتها علي أسس دستورية سليمة. ولا يخفي علي أحد أن العراق بلد يخضع لتدخلات إقليمية ودولية, فبحسب المراقبين فإن احتفاظ المالكي بمنصبه جاء نتيجة ضغط إيراني وامريكي علي الرئيس العراقي جلال طالباني, كما انه وبرغم التأكيد الأمريكي دعم المؤسسات العراقية والتمسك بالدستور ومبادئه الديمقراطية, إلا أن الرغبة الامريكية لمصلحة الإبقاء علي المالكي والحفاظ علي استقرار البلاد أمر يستشعره الجميع. وبالإضافة لكل ماسبق فإن الأزمة السياسية تتفاقم وتتطور بشكل كبير وأصبحت تؤثر في حياة رجل الشارع العادي بصورة سلبية أشاعت داخله شعورا بالقلق, وأصبح لدي العراقيين اقتناع قوي بأن ساسة العراق يتجاهلون مشكلاتهم الأساسية, وبالتالي فمن الضروري أن يكون القرار الحقيقي ربما علي طريق الاستفتاء ولا يستند إلي المصالح لأي من الأحزاب, وقد يري البعض أن الدعوة الي انتخابات مبكرة قد تكون المخرج الأمثل من هذه الأزمة.