هو القائل "ما تبحث عنه يبحث عنك" وقال أيضا: "يا أخي أنت مجرد فكر وما بقي منك عظام وجلد"، هكذا تحدث الشاعر والعالم الفقيه المتصوف محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي المعروف بإسم مولانا جلال الدين الرومى وتنسب إليه طريقة المولوية، ولد سنة 604 هجرية 1207 ميلادية وتوفى عام 1273ميلادية.. ولد الرومى في إقليم بلخ بأفغانستان، ثم انتقل في الرابعة من عمره مع أبيه إلى بغداد، ونشأ بها فى المدرسة المستنصرية حيث نزل فيها أبوه، ولم تطل إقامته هناك إذ قام أبوه برحلة زار فيها بعض البلدان ومكث في ترحاله أزمنة طويلةً إلى أن استقر في قونية عام 623 هجرية في عهد دولة الأتراك السلاجقة. من أشهر ما كتب عنه رواية قواعد العشق الأربعون للكاتبة التركية إليف شفق نشرت وفيها تسرد الكاتبة حكايتين متوازيتين, احداها في الزمن المعاصر عن سيدة أمريكية من أصول يهودية تمر بأزمة منتصف العمر وتبحث عن الحب والحياة، والاخرى في القرن الثالث العشر عندما واجه الرومي مرشده الروحي, الدرويش المعروف باسم "شمس التبريزي" وكيف انهما معاً جسدّا رسالة شعر الحب الخالدة. يروى محمد عيد إبراهيم عنه فى تقديم ترجمة كتاب رباعيات مولانا جلال الدين الرومى: "كان مولانا بعمر السابعة والثلاثين عندما صادفه القطب شمس التبريزى، وكان القطب فى حوالى الستين من عمره، وقتها كان الرومى صوفياً تقليدياً إلى حد ما، حينها أخذ التبريزى كتب الرومى ، تلك ذات الألمعية الفكرية وألقاها فى بئر ليبين له إلى أى مدى هو فى حاجة لأن يعيش ما كان يقرؤه." يروى أن شمس التبريزي وجلال الدين الرومي اعتكفا أربعون يوماً في مدينة قونية لكتابة قواعد العشق الأربعون، ثم قام شمس التبريزي بالفرار إلى دمشق قبل أن يعود إلى قونية. ثم قُتل في قونية والبعض يقول أنه قتل فى مدينة خوي على يد جماعة من المناوئين له سنة 645 هجرية، وقيل سنة 644 هجرية. وله ضريح في مدينة خوي، ورُشح ضريحه ليكون من مواقع التراث العالمي لليونيسكو. عرف الرومى بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، فتولى التدريس بقونية في أربع مدارس، بعد وفاة أبيه سنة 628 هجرية ثم ترك التدريس والتصنيف سنة 642 هجرية وتصوّف ، فشغل بالرياضة وسماع الموسيقى ونظم الأشعار وإنشاده، كما كان الرومي مؤمناً بتعاليم الإسلام السمحة و استطاع جذب العديد من الأشخاص من ديانات وعقائد أخرى، بسبب تفكيره المرن المتسامح ، فطريقته تشجع التسامح مع كل المعتقدات والأفكار، كما كان يدعو إلى التعليل الإيجابي ، ويحث على الخير والإحسان وإدراك الأمور عن طريق المحبة، وبالنسبة إليه وإلى أتباعه فإن كل الديانات خيرة وحقيقية بمفاهيمه، كما كان يستخدم الموسيقى و الشعر و الذكر كسبيل للوصول إلى معرفة الله، فالموسيقى الروحية بالنسبة له تساعد المريد على التقرب إلى الله والتعلق به وحده لدرجة أن المريد يفنى ثم يعود إلى الواقع بشكل مختلف، ومن هذا المنطلق تطورت فكرة الرقص الدائري التي وصلت إلى درجة الطقوس، وقد شجع الرومي على الإصغاء للموسيقى. تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية و التي كتبت بلغته الأم الفارسية تأثيراً واسعاً في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية و الأردية و البنغالية و التركية ، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم ولقيت صدًى واسعاً أشهر أعماله هى الرباعيات وتضم 1659 رباعية ، عدد أبياتها 331، ترجمها كل من "جون موين" و"كولمان باركس" وثريش أولد عام 1989 . توفي الرومى عام 1273 ميلادية ودفن في مدينة قونية وأصبح مدفنه مزاراً شهيراً ، وبعد وفاته قام أتباعه وابنه سلطان بتأسيس الطريقة المولوية الصوفية والتي اشتهرت بدراويشها ورقصتهم الروحية الدائرية، فعند المولويين يكون الإنصات للموسيقى عبارة عن رحلة روحية، تأخذ الإنسان في طريق تصاعدي من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال، والرحلة تبدء من الدوران حتى تكبر المحبة في الإنسان فتخفت أنانيته ليجد الطريق الحق للوصول إلى الكمال. وحين يعود المريد إلى الواقع، يعود بنضوج أكبر ممتلئاً بالمحبة، ليكون خادماً لغيره من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية. ولازالت هذه الطريقة تعرض حتى الآن فى مصر بقصر ثقافة الغورى. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد محمود