يبدو أن صورة ضابط الشرطة في السينما ستظل متغيرة الي حد كبير, فأحيانا نراها ناصعة في صعود وأحيانا أخري نجدها مخزية هابطة, وذلك لأنها ترتبط دائما بالظرف العام أو المشهد السياسي والاجتماعي المتقلب بطبيعته.غالبا. ما نجد نموذجا لصورة الضابط الشجاع, المقتحم الذي يقوم بمغامرات مثل شارلوك هولمز في بحثه عن الحقيقة, وأحيانا فارسا لأحلام الكثير من الفتيات, وكثيرا ما تكون شخصية الضابط ممنوع اللمس إلا في حدود معينة, وعندما تقدم فتكون شخصية شديدة الايجابية. استمر ذلك الوضع إلي أن قدم النجم الراحل أحمد زكي نموذجا مغايرا تماما لضابط أمن الدولة في فيلمه زوجة رجل مهم وهو الفيلم الذي شكل تغييرا محوريا في تناول شخصية الضابط وحمل كشفا حقيقيا لنوعية معينة من ضباط الشرطة, واستمرت السينما مابين النموذجين الضابط الشريف المغوار والضابط المتسلط, وصولا إلي فيلم المصلحة والذي يعرض حاليا ومن بطولة النجمين أحمد السقا وأحمد عز, والذي يقدم من خلاله السقا نموذجا جديدا مزج بين الصورتين في وقت واحد,فهو الضابط الجريء والمقتحم, لكنه يفضل أن يأخذ حقه بيده رغم أن من المفترض أنه هو الرجل المنوط به تطبيق القانون. الضابط فتي الأحلام بدأت علاقة السينما بمهنة ضابط الشرطة من خلال الفنان أنور وجدي الذي قدم هذا الدور في أكثر من عمل سينمائي منها قلبي دليلي و ريا وسكينة وأربع بنات وضابط, وكانت هذه المعالجات تركز علي وسامة الضابط وقدرته علي جذب الأنظار, والتي تساوي تماما قدرته علي التخفي والتنكر, ودائما ما كان يقع في حب بطلة الفيلم مثلما حدث مع ليلي مراد في أنا قلبي دليلي, وظلت الشخصية شديدة النمطية, ولا تخلو من الكليشيهات, علي مستوي الشكل والأداء مثلما قدمه أيضا يوسف وهبي في فيلم حياة أو موت ويظل الفنان صلاح ذو الفقار حالة خاصة لكونه عمل ضابط شرطة بالفعل قبل احتراف التمثيل, وأشهر أدواره في السينما فيلم الرجل الثاني. مع رشدي أباظة ثم جاءت ثورة52 لتسمح بتناول مختلف للشرطة, حيث قدمت معالجات لضباط البوليس السياسي_ حسبما كان يسمي في هذا التوقيت_ وكانت تلك الإدارة تقوم بمتابعة الناشطين السياسيين, مثلما شاهدنا مثلا في فيلم في بيتنا رجل والمأخوذ عن رواية الأديب إحسان عبدالقدوس. كذلك حرص الفنان اسماعيل ياسين علي ضم الشرطة إلي سلسلته الشهيرة والتي قدمها في الخمسينيات للدعاية للجيش, وقدم فيلمه البوليس السري. وعادة ما كانت تصل الشرطة متأخرة إلي مكان الحدث وفي نهاية الأفلام إلا أن سرينة الشرطة كثيرا ما أصبحت مرادفا للنهاية السعيدة في الأفلام. أمن الدولة وبعيدا عن الشخصية النمطية لضابط الشرطة قدمت السينما المصرية أعمالا مهمة ركزت علي فساد بعض الضباط وتسلطهم ومن هذه الأعمال كما ذكرنا زوجة رجل مهم, من بطولة أحمد زكي وميرفت أمين, وإخراج محمد خان, وفيلم حافية علي جسر من الذهب والذي قدم من خلاله الفنان القدير عادل ادهم دور ضابط شديد الفساد ولا يفعل شئ سوي استغلال نفوذه ثم جاء فيلم اللعب مع الكبار; ليقدم النموذج الصالح من الضباط الذي جسده الفنان حسين فهمي والفيلم كان بطولة عادل إمام وإخراج شريف عرفة. ثم توالت الأفلام التي تناولت شخصية ضابط أمن الدولة بعد ذلك ومن بينها فيلم الإرهاب وأيضا فيلم أمن دولة وأفلام أخري قدمت صورة قاتمة لضابط أمن الدولة السادي مثل فيلم عمارة يعقوبيان, وأيضا فيلمي تيتو والجزيرة حيث جسد دور الضابط الفاسد خالد صالح في تيتو في حين ان خالد الصاوي جسد دور ضابط امن الدولة الذي لا يهمه سوي مركزه حتي عن طريق عقد الصفقات مع المتهمين كما ظهرت بعض الأعمال الكوميدية التي تناولت ضباط أمن الدولة مثل أفلام بطل من ورق. في المصلحة.. الضابط يأخذ حقه بيده لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك جهدا حقيقيا بذله فريق عمل فيلم المصلحة والذي يقوم ببطولته السقا وأحمد عز وتأليف وائل عبدالله وإخراج ساندرا, وتدور أحداثه في عالم تجارة المخدرات والفيلم لاقي اتهامات كثيرة بأنه يجمل صورة ضابط الشرطة والداخلية خصوصا بعد انكسار هذا الجهاز الأمني بعد ثورة25 يناير, ويتأتي هذا الانطباع من حجم الإمكانات التي رصدتها وزارة الداخلية لتصوير الفيلم من معدات وقوات, وتركيز الفيلم في معالجته الدرامية علي مجهودات رجال الشرطة سواء في إدارة المباحث أو إدارة مكافحة المخدرات.. ورغم الجهد المبذول في الفيلم إلا أن المصلحة لا يخلو من العديد من المشاكل علي مستوي الصياغة الدرامية,وحبكة الفيلم التي شابها الكثير من القصور وما يتعلق أيضا برسم الشخصيات تحديدا الشخصيات النسائية والتي جاءت علي هامشية في تطور الأحداث وأيضا نمطية إلي حد كبير,لدرجة أن شخصية حمزة ضابط الشرطة والتي قدمها السقا لم تخلو أيضا من الكليشيه فهو شجاع جرئ مقدام لا يتردد في فعل أي شئ, فهو ضابط مباحث يطلب نقله إلي إدارة مكافحة المخدرات للثأر لشقيقه الضابط والذي قتل علي يد شقيق أحد كبارتجار المخدرات بسيناء سالم المسلمي- جسده أحمد عز-, ورغم أن حمزة أصبح ينتمي لإدارة مكافحة المخدرات إلا انه يطارد بعض أفراد العصابة في النيل علي لانش دون وجود المسطحات المائية, وبغض النظر عن تلك التفاصيل الصغيرة والتي تحمل اخطاء في الصياغة الدرامية.. إلا أن حمزة في نهاية الفيلم يفضل أن يأخذ ثأره الشخصي بيده ورغم أنه رجل قانون من المفترض أن يطبقه بعد أن قام بضبط العصابة متلبسة بشحنة المخدرات وضبط قاتل شقيقه إلا انه فضل وطبقا للسيناريو أن يحول القضية إلي ثأر شخصي ويجاور في النهاية تاجر المخدرات في قفص الاتهام.