كانت «اتفاقية التغير المناخي» التاريخية التي وقعتها أكثر من 180 دولة في باريس في ديسمبر من العام الماضي، بمثابة أولي الخطوات الجدية التي يتخذها العالم لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، التي أصبحت في الآونة الأخيرة قضية دولية، نظرا لما تحمله من أخطار علي اقتصادات الدول ومواردها الطبيعية والبشرية. وقد أسهمت مصر بشكل كبير في التصدي لتلك الظاهرة بتوقيعها علي «اتفاق باريس للتغير المناخي»، وسط تأكيدات حكومية بأن مصر اتخذت كل الإجراءات اللازمة للتصديق علي الاتفاق وتمريره في البرلمان قريبا. وعلي هامش قمة العشرين التي انطلقت في الرابع من سبتمبر الحالي في الصين، أعلن الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والصيني شي جين بينج مصادقة بلديهما علي اتفاقية باريس التي سبق توقيعها خلال مؤتمر الأممالمتحدة حول التغير المناخي، لتعطي الدولتين الكبيرتين دفعة قوية في طريق إدخال هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، خاصة أن الصينوالولاياتالمتحدة هما المسئولتان عن 40% من الانبعاث الكربونية في العالم، حيث أن الصين مسئولة عن انتاج النسبة الأكبر من غاز ثاني أوكسيد الكربون - المسبب الأول لظاهرة التغير المناخي - بينما تحتل الولاياتالمتحدة المركز الثاني. ومن أبرز بنود «اتفاقية باريس»، موافقة الدول الموقعة علي إبقاء درجة حرارة الأرض أقل من درجتين مئويتين، ووضع حد لكمية انبعاثات الغازات الضارة بأسرع وقت ممكن، والتوصل إلي توازن بين مصادر إنتاج الغازات المسببة للاحتباس الحراري ووسائل التخلص منها في النصف الثاني من القرن الحالي، وإلي جانب ذلك، استعراض لما تم إنجازه في هذه المجالات كل 5 سنوات، وتوفير الدول المتقدمة 100 مليار دولار لتمويل جهود الحد من الانبعاثات للدول النامية بحلول عام 2020، مع تعهد لزيادة هذا التمويل في المستقبل. وعلي الرغم من أن اتفاق باريس هو أول اتفاق شامل للتصدي للتغير المناخي علي النطاق الدولي، فإنه لن يدخل حيز التنفيذ ما لم تصدق عليه 55 دولة علي الأقل، وهي الدول المسئولة عن 55% من الانبعاثات الضارة. وقبل إعلان الصينوالولاياتالمتحدة عن مصادقتهما علي الاتفاقية، كانت الدول ال23 التي صدقت عليها مسئولة عن 1% فقط من تلك الانبعاثات. وأفريقياً، حمّلت مصر العام الماضي راية التحدث باسم القارة السمراء في قضية المناخ عندما تسلمت خلال القمة الافريقية في أديس أبابا رئاسة اللجنة الافريقية الرئاسية المعنية بتغير المناخ من تنزانيا. كما شاركت مصر في مؤتمر المناخ الذي انعقد في نيويورك عام 2014، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال المؤتمر ضرورة تعاون المجتمع الدولي في مواجهة الاحتباس الحراري، واشار إلي معاناة الدول العربية والأفريقية من الآثار الناجمة عن تلك الظاهرة، وفي مقدمتها التصحر. ومن المتوقع أن تهيمن قضية المناخ علي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حيث تتعالي الأصوات المنادية بضرورة مصادقة الدول علي «اتفاقية باريس» لكي تدخل حيز التنفيذ خلال العامين أو الثلاثة المقبلين.