على الرغم من إعلان بعض الاتجاهات النقدية موت المسرح فى نهايات القرن العشرين، فإن المسرح لم يمت، وإنما يتجدد ويتغير. فمنذ تسعينيات القرن الماضى حتى اليوم تطورت أساليب التواصل الإنسانى وكان للفنون بالطبع نصيب من هذا التطور، ومن بينها المسرح؛ حيث دمجت العديد من فنون العرض المختلفة داخل إطار درامى واحد، ومن ضمن هذه الفنون فنون السيرك، نظرا لأن هذا الشكل الفنى قريب للمسرح، ووسيلة اتصال حية بين المبدع والمتلقي. ففنون السيرك تعتمد على الدراما خاصة فى وجود «المهرج» كعنصر تمثيلي، فكما يقول «شيلدون تشيني» المؤرخ المسرحى «إن طيف هذا المهرج يمثل النصف الثانى من المسرح» حيث عالم الخيال. فالمهرج بأدواته وحضوره وتجسيده للامرئيات وبراعة انتقاله بين الزمان والمكان أفضل من يمثل هذا العالم الخيالي. لذا ظهرت الآن عروض مسرحية دمجت معها فنون السيرك والعكس، خاصة أن السيرك فى العالم لم يعد يعتمد على تقديم فقرات المنوعات، بل انتقل من هذا البرنامج القديم، إلى عروض مسرحية أكثر عمقا، وجمالا لم نواكبها حتى الآن. فقد اشتملت عروض السيرك على حبكة ذات موضوع رئيسى يشارك فيه الفنانون بجانب جميع عناصر العرض المسرحى والعناصر التكنولوجية التى تتحكم فى خشبة المسرح، والتى قد تتفوق على المسارح التقليدية؛ فأصبح هناك «سيرك مسرحي» وبات هناك صعوبة فى التفرقة ما إذا كان هذا عرضا مسرحيا، أم عرض سيرك، مما يؤكد شرعية مزج كل منهما مع الآخر. هذه العروض استطاعت أن تجذب الجمهور لدور العرض مرة أخري، حيث إنها أقرب إلى أفلام السينما فى إبهارها وقوة جذبها للمتفرج وأصبحت منافسا قويا لفنون المسرح التقليدى الآن فى دول العالم المتقدم. فالمتفرج يهتم بالذهاب إلى المسارح الاستعراضية التى تعتمد على الإبهار وبراعة الأداء، أكثر من العروض الأخري، كذلك يفضل مشاهدة عرض سيرك يهتم بالعناصر المسرحية، عن مشاهدة سيرك تقليدي. فهى علاقة متبادلة فى صالح الفنين. فمن المكن أن تكون دراما السيرك علاجا ناجحا لأزمة المتفرج الذى هرب من الدراما التقليدية. لقد حان الوقت لكى نستثمر هذه العلاقة بينهما فى مصر، خاصة أن لدينا أعرق وأقدم سيرك فى الوطن العربى نستطيع أن نعيد صياغة فقراته فى قوالب وأشكال مسرحية استعراضية تواكب لغة العصر وفنه المتطور الجديد.