على غرار شخصية روبن هود التي برزت في الفلكلور الانجليزي للص نبيل يسرق من الأغنياء من أجل أن يعطي الفقراء تملك السينما الامريكية تحديدا تاريخا طويلا من تجميل وجه الخارجين على القانون من خلال العديد من الأفلام التي ركزت على الجوانب الإيجابية في عملهم وعلى رأسها بالطبع مكافحة الفساد وكبار الفاسدين، بالاحتيال عليهم في الغالب كوسيلة لتنفيذ للانتقام للمجتمع وفقرائه منهم. وتحفل ذاكرة هوليوود بالعديد من الأفلام التي سارت على نفس النهج منها على سبيل المثال لا الحصر «رون» بطولة النجم روبرت دي نيرو في نهاية تسعينات القرن الماضي حينما ظهر في دور عميل مخابرات سابق يكلف بمهمة سرقة طرد غامض تتنافس عليه أجهزة مخابرات عدة دول، فضلا عن أفلام السوبر هيرو مثل باتمان وسبايدر مان وغيرهما. فيلم «الآن يمكنك أن تراني» يسير على نفس الخط الدرامي بالسعي لكسب تعاطف المشاهدين مع عدد من السحرة الخارجين على القانون من وجهة نظر المباحث الفيدرالية الأمريكية (FBI)، التي تضع كل إمكاناتها لمطاردتهم في حين تظهر أحداث الفيلم انهم ليسوا المجرمين الحقيقيين وإنما هم يدافعون عن المجتمع من فساد كبار رجال الأعمال. تدور الأحداث وهو جزء ثان لفيلم عرض لأول مرة عام 2013 بنفس الأبطال حول مجموعة الفرسان التي تضم 3 رجال وامرأة واحدة هم دانيال أطلس (جيسي ايزنبييرج) وميريت ماكيني (وودي هارلسون) وجاك وايلدر (ديف فرانكو) ولولا (ليزي كابلان) كلهم يملكون مهارات سحرية خارقة للطبيعة، ويعملون تحت إطار ما يطلق عليه «العين» ويشرف عليهم عميل في المباحث الفيدرالية هو ديلان رودس (مارك رافالو). يكلف الفريق الذي تطارده في نفس الوقت المباحث الفيدرالية بتهم الخروج على القانون، بمهمة لفضح صاحب واحدة من أكبر شركات المعلوماتية والبرمجيات في أمريكا خلال حفل كبير يقيمه الرجل للإعلان عن أحدث أنشطته. وبعد أن ينجح الفريق في مهمته يكتشفون الخدعة التي تعرضوا لها وأن الشاب الفاسد ووالده (يجسد دوره الممثل القدير مايكل كين) يتلاعبان بهما للحصول على الشريحة ثم يقتلونهم. تحتدم الأمور في مكاو حينما تكشف الأحداث عن تورط تاديوس في الإيقاع برودس ليقع في قبضة رجل الأعمال الفاسد الذي يلقيه في البحر محتجزا داخل خزانة حديدة عملاقة هي نفس الخزانة التي حاول والده الخروج منها في عرض سحري قبل 30 عاما لكنه فشل ومات غريقا. وبينما نتابع رجل الأعمال ونجله وهما يعاقبان الفرسان بإلقائهم من طائرة خلال تحليقها نكتشف الخدعة السحرية التي حدثت لتقنع خصومهم بحقيقة ما حدث بينما الحقيقة أن الطائرة لم ترتفع عن الأرض. فنيا قدم المخرج جون شو الذي لم يكن موجودا في الجزء الأول عرضا متماسكا بإيقاع سريع لا يشعر معه المشاهد بوطأة طول مدة الفيلم التي تتجاوز الساعتين (129 دقيقة)، حيث تحكم بكفاءة عالية في حركة الكاميرا وقدم مشاهد سريعة تدفعك في كثير من دقائق الفيلم للهاث خلفها. الرسالة المهمة التي يمكن التقاطها من الفيلم وكثير من الأفلام المشابهة إن الفساد في المجتمعات الغربية بلغ حدا من التجذر والنفوذ لدرجة يصعب معها مواجهته بالوسائل التقليدية سواء أجهزة الشرطة أو الرقابة وإنما يحتاج الامر إلى سحرة يملكون قدرات غير اعتيادية لمواجهة الفساد والفاسدين، وهو ما يقود لسؤال مهم آخر وهو إذا كان هذا حال المجتمعات التي تتمتع بالشفافية والرقابة المشددة فكيف هو حال مجتمعات العالم الثالث التي يكون الفساد فيها جزء أساسي من تركيبة الدولة الرسمية.