11 - لعلنا ندرك جميعا أننا أصبحنا نعيش فى عالم لا تتحدد فيه مقاييس الكفاءة والقوة والثراء بالمعايير السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب وإنما دخل معيار جديد وهو معيار العلم والمعرفة ومن ثم فإن كل أحلامنا وطموحاتنا المشروعة لمجاراة العصر الذى نعيش فيه رهن باستراتيجية جديدة للتعليم والبحث العلمى تتوافر لها آلياتها وأدواتها فى شكل قاعدة تكنولوجية لا تقتصر على المعدات وإنما تنطلق من القدرة على إعادة بعث غريزة التفكير والبحث! وليس الذى أتحدث عنه بالأمر الصعب ولا هو بالمستحيل إذا خلصت النيات وصدقت العزائم وسادت الجدية وأدركنا جميعا - وعن ثقة واقتناع - بأن مصر العظيمة ليست مصابة بالعقم الإبداعى وإنما تحتاج إلى تهيئة الأجواء وتغيير الأساليب وتعزيز روح الرغبة فى التعامل مع سائر القضايا والتحديات فى مختلف المجالات - بمنطق التفكير والبحث والتأمل تحت مظلة من الثقة بالنفس فى القدرة على الابتكار وقهر المستحيل... ولنا فى دروس حرب أكتوبر الكثير والكثير مما يشهد لعظمة العقل المصرى فى تخطى أصعب الموانع والعقبات... وعلى سبيل المثال فإن الساتر الترابى الرهيب الذى كان يحمى خط بارليف على طول قناة السويس هزمه العقل المصرى بخراطيم وطلمبات المياه ذات الدفع العالى بينما كان الخبراء العالميون يتحدثون عن قنبلة نووية لفتح طريق العبور إلى الشاطئ الشرقى لقناة السويس. لقد كانت حرب أكتوبر هى التجسيد الحى للتفكير السليم الذى يتحول إلى عملية تخطيط لدراسة الموقف من كل جوانبه ثم محاولة رسم خطة للتنفيذ ومحاولة تجربتها قبل المغامرة بالتنفيذ..وهذا هو أسلوب البحث العلمى السليم بروح الفريق.. ومعنى ذلك أن التفكير يدخل فى كل كبيرة وصغيرة من سلوك الإنسان لكى يضىء له السبيل ويملأه بالآمال ويجعله لا يفقد الثقة فى القدرة على النجاح بعد التغلب على العوائق. والعاقل المفكر هو الذى يقدر الأمور فيحسن تقديرها والأحمق المندفع هو الذى لا يحسن استخدام عقله وتفكيره فيتخبط تخبطا عشوائيا ويترك سفينته فى عرض البحر تتقاذفها الأنواء وتوجهها الرياح.. وكذلك الأمم والشعوب! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الأسماك الحية تعرف طريقها والأسماك الميتة يجرفها التيار! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله