13- لا يمكن الحديث عن معجزة العبور يوم السادس من أكتوبر عام 1973 دون التوقف بالتأمل والتفكير أمام أسطورة خط بارليف الذي كان العالم كله «شرقا وغربا» يتحدث عنه باعتباره خطا دفاعيا يصعب - بل يستحيل - علي أي جيش عسكري أن يفكر مجرد التفكير في المقامرة بمحاولة اقتحامه أو الاقتراب منه. كان خط بارليف يمثل ركيزة أساسية من ركائز الثقة الذاتية التي أفرزت غرورا أعمي شمل كل إسرائيل حتي أصبح اسم خط بارليف مرادفا دائما لكل تصريحات متعجرفة ومتشددة ينطق بها هذا المسئول أو ذاك ومفادها بأن علي المصريين أن يقبلوا بالاستسلام للشروط الإسرائيلية، أو أن ينتظروا إلي ما لا نهاية لأنه ليس بمقدورهم اجتياز هذا العائق الذي يستند إلي عائق طبيعي يتمثل في قناة السويس. كان زهو الانتصار الخاطف في يونيو 1967 قد أدار رؤوس السياسيين والعسكريين في إسرائيل إلي حد أنهم نسوا أو تناسوا ما سبق أن دونوه في مؤلفاتهم عقب حربي 1948 و1956 وبالذات مؤلفات موشي ديان وزير الحرب وحاييم بارليف رئيس الأركان والتي ارتكزت إلي النظرية القائلة: «إن كل حرب تختلف عن سابقتها» ووقعوا في خطأ العجز عن التقدير الاستراتيجي الصحيح للنيات والاستعدادات المصرية التي جري التعتيم عليها بخطة خداع استراتيجي وتكتيكي مازالت تدرس حتي الآن في معاهد العلوم العسكرية علي امتداد العالم. ولعل من سخريات القدر أن حاييم بارليف الذي بني هذا الخط الدفاعي «الأسطورة» كان قد أحيل للتقاعد عام 1971 وهو يتقافز في المجتمع المدني كالطاووس مزهوا بإنجاز هذا الخط جري استدعاؤه علي عجل يوم 6 أكتوبر للعودة إلي الجيش وترك منصبه كوزير للتجارة والصناعة لكي يتولي مسئولية إنقاذ الخط الذي يحمل اسمه... وعندما وصل بارليف إلي مقربة من الخط أصيب بصدمة عصبية وحالة إغماء عندما رأي الأعلام المصرية ترفرف علي النقاط القوية الحصينة لما كان يسمي قبل ساعات باسم خط بارليف وهو نفس ماجرى لموشى ديان فى ثانى أيام الحرب. لم يكن حاييم بارليف يتصور أن في مصر عقولا تفكر وأبطالا يضحون إلي درجة القدرة علي هزيمة المستحيل وتحويل الخط الذي كان يرونه مبعث ثقة لهم ودافعا لليأس لنا إلي أنقاض تحت أقدام قوات العبور المصرية . .. وغدا نواصل الحديث [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله