نبهت منظمة الصحة العالمية إلى أن تسمين الدجاج عن طريق المضادات الحيوية ينذر بمخاطر جمة على صحة الإنسان، فمن يتناول هذا الدجاج لا يستجيب جسمه لتلك المضادات عند اصابته ببعض الأمراض التى تأتى التنفسية والرئوية منها فى الصدارة كالسل وأوضح د. فيليب تيرنو مدير طب المناعة بجامعة نيويورك أن السبب الاساسى الأول لمقاومة المضادات الحيوية هو كثرة الاستخدامات العشوائية، والثانى هو إضافة المضادات الحيوية لأعلاف الماشية خاصة الدواجن لاسراع نموها، ولدينا فى مصر بسبب الاستهلاك العشوائى للمضادات الحيوية 500 ألف حالة من السل المقاوم للأدوية، حيث يموت ثلثهم بسبب ذلك، وهناك مقولة يؤمن بها أصحاب مهن الطب البيطرى «بأن صحة الإنسان تبدأ من صحة الحيوان» فلقد اختلت الموازين، وظهرت المخالفات والتجاوزات التى تنعكس أضرارها على صحتنا ويرتكبها الكثيرون من أصحاب مزارع الدجاج باستخدام المضادات الحيوية بشكل مفرط وعشوائى، ومرورا بانتهاك الحد الادنى من معاير السلامة الصحية ما يعمل على تزايد تكوين سلالات البكتيريا الفائقة المقاومة للمضادات الحيوية، ويطلق عليها أيضا البكتيريا السوبر أو «الكابوس». الجدير بالذكر أنه يتم الاعتماد على المضادات الحيوية كأدوية لعلاج الالتهابات خلال العمليات الجراحية، وفى علاج العديد من الأمراض الخطيرة الأخرى كالسرطان، فكيف يمكن علاج هذه الأمراض فى حالة تفاقم مشكلة تزايد البكتيريا الفائقة؟. لقد أثبتت الدراسات أن أحد أهم عوامل ظهور البكتيريا الفائقة والشرسة هو الإكثار والعشوائية فى وصفها للناس، أو تناول اللحوم التى تم تسمينها بالمضادات الحيوية، مما نجم عنه نشوء مناعة تدريجية لدى البكتيريا، وأصبحت قادرة على التغلب على تأثيرات المضادات الحيوية المتوافرة اليوم. ويقول القائمون بالدراسة: «المشكلة أن هذه البكتيريا فوق قدرتها على مقاومة المضادات الحيوية، فإنها قادرة بسهولة على التسبب فى عدوى كثير من المرضى الذين تنخفض لديهم قدرات جهاز مناعة الجسم كمرضى السكرى وكبار السن الذين يتناولون أدوية الكورتيزون لعلاج الربو والتهاب المفاصل والعيون وغيرها، وتفسر الدراسة ظهور البكتيريا بأن ما يحدث حين نتناول لحوم الدجاج الذى تم تسمينه بالمضادات الحيوية هو أن الإنسان أيضا يتناول جينات «أجزاء من الحمض النووى لنواة خلايا البكتيريا» تحمل الصفات الوراثية لمقاومة هذه المضادات، ثم حينما تصل الجينات إلى أمعاء الإنسان فإن البكتيريا الموجودة فى أمعائه تكتسب الشفرات التى تختزنها هذه الجينات، وكأنها رسائل تحمل معلومات عن كيفية مقاومة المضادات الحيوية تقرأها، وتتعلم الدرس منها بذكاء تلك البكتيريا الموجودة فى الأمعاء، وتصبح قادرة على مقاومة المضادات الحيوية، ومن ثم يصعب معالجة الإنسان منها.إن صناعة الدواجن لدينا تواجه العديد من المشكلات تتمثل فى العشوائية، وبناء مزارع دون تراخيص، خاصة أن معظم الثروة الداجنة والحيوانية توجد مع المربى الصغير فى قرى مصر البالغة خمسة آلاف قرية، ولذلك بات من الضرورى مطالبة الجهات المعنية بوضع نظام جديد لتغطية القصور فى الرقابة على الدواجن للحد من التجاوزات، واستخدام الأدوية والمضادات الحيوية بشكل عشوائى، وضمان وصول اللحوم بشكل آمن للمستهلك ورفع كفاءة الإنتاج والحد من استيراد الدواجن. د. عوض حنا سعد الإسكندرية