لا تبتعد كثيرا عن نفسك, اقترب منها من وقت لآخر, خاصة إذا اتسعت الفجوة بينكما واصبحت تشعر بالغربة معها..من اصعب الأشياء في حياة الإنسان ان يجد نفسه غريبا وهو ينظر في المرآة، لقد تقطعت في مشوار العمر اشياء كثيرة وهو لا يدرى فقد تكدست تلال الرمال ولم يعد يرى ما كان يراه .. إن احلامنا في احيان كثيرة تخدعنا ونفرط فيها ونجرى ثم نكتشف في آخر المشوار اننا كنا نجرى وراء سراب خادع واننا تركنا في اول الطريق شبح إنسان ضاع منا .. من اكثر الأشياء التى تسبب القطيعة بيننا وبين انفسنا الإسراف في الأحلام..وليس من الضرورى ان يكون الحلم لشخصك ولكن الأحلام للآخرين قد تكون مضيعة للوقت والعمر والصحة..وفى اوطاننا هناك ما يسمى نزيف الأحلام، ان تبنى قصورا من رمال لإنسان افضل وحياة اكثر كرامة وعدالة وتكتشف ان الجميع خدعوك وانك لم تكن اكثر من اداة لصنع الشعارات وترويج الأمانى..وحين تكتشف هذه الحقائق يكون الوقت قد فات لأن تسترد نفسك التى سقطت منك ذات يوم في صخب المزادات والصفقات وتجلس وحيدا تتمنى لو عاد بك الزمان للوراء لكى تأنس الى نفسك قليلا ولكن هيهات..من اكثر الأشياء التى تبعدك عن نفسك ايضا ان يحصل ضميرك على اجازة وتتصور انك سوف تستريح قليلا من عذاباته وهو يحاسبك او يؤنبك وتمضى بك الأيام في اسواق البيع..يسقط منك الكبرياء وترحل عنك الشجاعة وترى نفسك لعبة في ايدى تجار الضمائر ثم تكتشف في آخر المشوار انك لم تأخذ شيئا حين فرطت في ضميرك وانه كان الأكرم لك ان ترى الحق حقا حتى لو أتعبك وترى الضلال ضلالا حتى لو أسعدك وتبدأ رحلة التنازلات، ربما جمعت مالا كثيرا وأكتسبت بريقا ولكن الأيام وحدها هى التى تكشف الطيب من الخبيث سرعان ما تتكشف امامك الأشياء وترى على المرآة وجها مشوها وملامح غريبة وتحاول استبدال الوجه والملامح ولكن هيهات..ومابين اطلال حلم خدعك وضمير باعك تقف وحيدا تبحث عن نفسك بين انقاض العمر وبقايا السنين وتسأل أين ذلك الإنسان القديم ؟!. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة