لحظة الحسم في الإدارية العليا: 187 طعنًا انتخابيًا على طاولة الفصل النهائي    وزير الإسكان ومحافظ كفر الشيخ يفتتحان محطة مياه شرب قرية دقميرة اليوم    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات: نحتاج رؤية جبال من المساعدات تصل إلى غزة    البطريرك الراعي يعتبر تفاوض لبنان مع إسرائيل ضروريا من أجل السلام    الأهلى يحافظ على الصدارة بعد تعادل مثير مع الجيش الملكي 1-1 في دورى الأبطال    بعد تعادل الأهلي مع الجيش الملكي.. ترتيب المجموعة الثانية بدوري الأبطال    توروب ينتقد الفار والجماهير بعد التعادل مع الجيش الملكي: "لحظة ركلة الجزاء كارثة"    سكينة وزجاجات مياه.. لحظات فوضى جماهيرية لإرهاب لاعبي الأهلي أمام الجيش الملكي    القصة الكاملة ل حريق استديو مصر.. تفاصيل    مصرع شخصين تحت عجلات القطار في كفر الدوار بالبحيرة    مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي يحتفي بالفائزين بمسابقاته    أخبار 24 ساعة.. مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية    كيف ينتشر فيروس ماربورغ وأخطر أعراضه؟    وزير قطاع الأعمال العام يشهد افتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر الوزاري الأفريقي    مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية للفترة 2026 - 2027    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال مرور 20 عامًا على تأسيس مركز الإبراهيمية للإعلام    تحكيم "دولة التلاوة" تُشيد بتميز المتسابقين ..الداعية مصطفى حسني «من وسط الضيق يأتي الفرج»    سفير مصر لدى أثينا: وفد رجال أعمال يونانى يزور مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية    تقارير إسبانية تكشف كارثة إدارة غرفة ملابس ريال مدريد    محمد إمام يطمئن الجمهور بعد حريق لوكيشن الكينج: جميع فريق العمل بخير والإصابات خفيفة    مأساة أرض الجمعيات تهز الإسماعيلية: القبض على قاتل زميله ب"حجر طوب"    تحكيم دولة التلاوة للمتسابق خالد عطية: صوتك قوى وثابت وراسى    وزير قطاع الأعمال يلتقي وزيري الصناعة الصيدلانية والصحة الجزائريين لبحث توسيع آفاق التعاون الدوائي    أكرم القصاص: دعم مصر لفلسطين لا يقبل التشكيك ومؤتمر عالمي لإعادة إعمار غزة    بعد إنقاذه 13 طالبة من الغرق.. التضامن تعلن التكفل بأسرة شهيد الشهامة: تعويض ب100 ألف جنيه وتحمل مصروفات الدراسة    10 آلاف كاش باك.. الأوراق المطلوبة وإجراءات استبدال التوك توك بالسيارة كيوت    3 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غدا السبت    الخارجية التركية تحدد أهداف إسرائيل في سوريا بعد هجومها المدمر على بيت جن    علي ناصر محمد: مصر كانت الدولة الوحيدة الداعمة لجمهورية اليمن الديمقراطية    وزير الخارجية لنظيرته الفلسطينية: مصر ستظل داعما أساسيا للشعب الفلسطيني    الولايات المتحدة تطالب لبنان بإعادة صاروخ لم ينفجر في اغتيال الطبطبائي    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    علي ناصر محمد يكشف تفاصيل أزمة الجيش اليمنى الجنوبى وعفو قحطان الشعبى فى 1968    تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية بلصفورة بسوهاج    رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث إسرائيل على التحقيق في اتهامات تعذيب الفلسطينيين    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    بث مباشر.. إكس تويتر| مشاهدة مباراة الأهلي ضد الجيش الملكي اليوم في دوري أبطال إفريقيا – قمة لحظة بلحظة    المصري يحقق فوزا مثيرا على زيسكو الزمبي خارج الديار بالكونفيدرالية    وزارة البترول توقع إتفاق مع جامعة «كيرتن» الأسترالية لتطوير قطاع التعدين في مصر    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    العائدون من جهنم.. 15 أسيرا فلسطينيا يروون ل اليوم السابع تفاصيل حياة الجحيم داخل زنازين الاحتلال.. العيش كفئران تجارب.. الموت بطعام فاسد وأصفاد لنصف عام تخرم العظام.. وغيرها من أساليب التعذيب حتى الموت    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    تعرف على عروض الطفل بنهائيات مهرجان آفاق مسرحية بالهناجر اليوم    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الاقتصاد المصرى والاستجابة للتحدى
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 07 - 2016

تدهورت- دون ريب- مؤشرات أزمة الاقتصاد المصرى بعد ثورة 25 يناير؛ فى ظروف الانفلات الأمنى والفوضى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التى تعقب جميع الثورات، ثم تفاقمت الأزمة بعد ثورة 30 يونيو؛ وما أعقبها من تصاعد جرائم إرهاب الفاشية التكفيرية المتاجرة بالدين، ومنها ضرب السياحة وتخريب الاقتصاد. ومع الثورتين جاءت فورة توقعات انتزعت مطالب اقتصادية واجتماعية، منها المشروع وغير المشروع، ثم أعقبتها فورة إحباطات زادت الطين بلة؛ بتراجع الإنتاجية وتردى الأداء وانزواء الضمير وفقدان الاتجاه. وأى استهداف لتقليص مظاهر ومخاطر الأزمة المتفاقمة لن يكون مستداما فى استجابته للتحدى ما لم يقتلع جذور الأزمة بنبذ النظام الذى، رغم مظاهر النمو الريعى ومؤشرات الأداء المخادعة فجرت اخفاقاته فى التنمية والتصنيع الثورة أو النكبة؛ سمها ما شئت.
وأسجل، أولا، أن اقتلاع جذور الأزمة يكون بالتقدم على طريق بناء نظام جديد، يرتكز الى دولة المواطنة، دولة جميع مواطنيها، التى تحمى السيادة الوطنية الاقتصادية وغير الاقتصادية، لتكون مصر للمصريين، وتحترم كل حقوق المواطنة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والثقافية والدينية لجميع المصريين، دون تهميش أو تمييز أو انتقاص أو اقصاء. ويعنى هذا من المنظور الاقتصادى أن يكون إقتصاد مصر للمصريين، من جهة، حماية السيادة الاقتصادية الوطنية؛ أى انفراد الأمة بحقها فى اختيار نظامها الاقتصادى والاجتماعى وسيطرتها على مواردها الطبيعية وسوقها الوطنية وتنميتها الاقتصادية وصناعاتها وتكنولوجياتها الأساسية.
وثانيا، حتمية مكافحة الفساد، الذى كان فسادا منظما ومصدرا لثروات فردية غير مشروعة قبل الثورة، لكنه كان أيضا ترجمة لنظرية اقتصاد العرض أو اقتصاد التنقيط فى سوق حرة؛ زعمت أن زيادة الأغنياء ثراء سوف يرفع معدلات الاستثمار والنمو ومن ثم تتساقط الثمار أو على الفقراء والعاملين بزيادة التشغيل والأجور. وبين المطالب الشعبية بعد الثورة المصرية تصاعدت الدعوة الى مكافحة الفساد بعد انفضاح أبعاده، فجرت محاكمة بعض رموزه، وعجزت الدولة عن استرداد الثروات المنهوبة المهربة. وحيث توقفت أو تباطأت حركة الاستثمار، وسعت الدولة لتعبئة الموارد المالية لتخفيف الأزمة، فقد صدر مرسوم أضاف مادة جديدة لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار للتصالح مع المستثمرين. وقد تفرض الضرورة العملية والملحة التصالح، الذى ينبغى أن يتم على أساس من الشفافية وسيادة القانون والحفاظ على المال العام واحترام العقود غير الفاسدة، شرط ألا يكون قد صدر حكم بات بالإدانة، ولكن يبقى الأهم هو سد منافذ الفساد. وبينما ينبغى حفز المستثمرين بإزالة عوئق الاستثمار؛ لا ينبغى الاستجابة لسعى جماعات من رجال الأعمال الى تعميم الخسائر بعد خصخصة الأرباح، استمرارا لتهربهم من مسئولياتهم الوطنية والمجتمعية والتنموية.
وثالثا، انه فى مصر- كما فى دول كثيرة- تعجز الإيرادات الفعلية للموازنة العامة للدولة عن الوفاء بكامل مصروفاتها؛ مما يتطلب الاستدانة لتمويل عجزها. لكن تقليص الدين العام الداخلى يمثل ضرورة من أجل الاستقرار الاقتصادى الكلى، ولأنه يضاعف أعباء سداده، ويرفع معدل التضخم بآثاره السلبية على محدودى الدخل وفرص الاستثمار. ويتطلب تقليص الدين خفض عجز الموازنة، بإجراءات ينبغى أن يكون فى مقدمتها وقف الإنفاق الحكومى غير الرشيد، وعدم تجاوز اعتمادات الموازنة، ووضع معايير تضمن أن يأتى الانفاق بعائد يساويه، وترشيد الدعم بضمان وصوله الى المستحقين له من الفقراء ومحدودى الدخل، وإلغاء دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، التى تبيع منتجاتها فى السوق المحلية بالأسعار العالمية وأحيانا بأعلى منها وتحقق أرباحا احتكارية. أضف الى هذا ضرورة زيادة إيرادات الدولة من ممتلكاتها ومشروعاتها، وضم الحسابات والصناديق الخاصة الى الموازنة تحقيقا لمبدأ شمولها لكل إيرادات الدولة أيا كان مصدرها، ومواجهة التهرب الضريبى وتحصيل أقصى ما يمكن من الضرائب المتنازع عليها، وفرض نظام الضريبة التصاعدية، والالتزام بالمساواة والعدالة بين الممولين، وتحقيق الأهداف السيادية والاقتصادية والاجتماعية للموازنة.
ورابعا، أن تدنى معدل الادخار المحلى الإجمالى قد ترتبت عليه فجوة فى تمويل الاستثمار المحلى الاجمالى، وهو ما دفع بالدولة الى تغطية الفجوة بالاقتراض من الخارج لتغطية فجوة الاستثمار. ولا جدال أن مصر تحتاج للاستثمارات والمساعدات الاجنبية، لكن الأزمة المالية، التى تعانى منها الدول الكبرى الراغبة فى تقديم العون، والدول العربية المصدرة للنفط التى قدمت الكثير من العون, قد ضيقت فرص تلقى المزيد منه. وفى تقديرى أن الاحتياجات الملحة وتراجع التصنيع واختلالات الموازنة العامة وميزان المدفوعات وتدهور قيمة الجنيه المصرى.. إلخ تفسر لجوء الدولة للاقتراض مجددا، وبعد طول رفض، من صندوق النقد الدولى. لكن على الدولة ألا ترضخ للشروط الاقتصادية والسياسية غير المقبولة والملازمة لقروضه، وأن تحمى استقلال القرار الاقتصادى والسياسى الوطنى وأن ترفض روشتة الصندوق سيئة السمعة. ولنتذكر ما كرره عبد الشكور شعلان بعد ثورة 25 يناير عن استعداد صندوق النقد الدولى لإقراض مصر، قائلا: إنه فى المراحل الأولى من برامج الإصلاح فى كل دول العالم أول من يستفيد الأغنياء الذين يزدادون غنى, ويبدأون في إعادة تدوير إستثماراتهم, ثم تبدأ إستفادة الفقراء تكون فى مرحلة تالية للنمو حيث تبدأ الثمار فى التساقط!! ولا ينبغى نسيان أن تلك الروشتة قد سقطت مع الأزمة الإقتصادية العالمية، ومع الأزمة الشعبية المصرية، ببساطة لأنها لم تتحقق لا الكفاءة فى تخصيص الموارد بما يسرع التنمية والتصنيع، ولا العدالة فى توزيع الدخل بما يقلص البطالة والفقر، وتحجز التقدم صوب الاستجابة الحقيقة للأزمة واقتلاع جذورها.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.