طيرٌ ضئيل الحجم لكن بَهِىّ الريش وشاطرٌ فى الشدو والتعشيش افترسته حيَّةٌٌ فى وجبة الصباح, لم تهتم فى غابة خضراء منقوشة (لؤلؤةٌ من الندى جوارها ياقوتةٌ من دم) فأفلتت من فمها.. ريشة ... يحملها الهواءُ الآنَ من دغلٍ إلى بحرٍ إلى منفى إلى زورق (يغوص بحِملهِ.. يغرق بفعل تكدس الفارين من أنشودة الأوطان) إلى سلم مستشفى إلى قاعدة التمثال فى الميدان إلى حلقات ذِكر اللهِ حيث يدور جذْبُ العشق بالإنسان إلى سيارةٍ فى الليلِ لا يوقفها السكرانُ عند الحاجز الأمنىِّ للتفتيش إلى روضة أطفالٍ وقد شقشق صُبح الوردِ حيث الضحِكُ الأصْفَى وحيث العينُ مدهوشة إلى مائدة الرحمن حيث الطيرُ منهوشة إلى صرخة إغماءٍ.. وقد بَطَشَ الجمالُ الحىُّ بالدرويش إلى ملجأ أيتامٍ بعَرْض الكون.. حيث الشوك والحلفا هنالك فى صميم القلبِ.. حيث الدمعُ.. حيث العظمُ.. حيث الريش. .. إلى عَلَمٍ عشيق الريح يرفرف كارتعاش القلبِ مثل الرمش،رمش الجُرحِ والتجريح ومرشوقٍ بساريةٍ كطعن الرمح فى الوجدان راسخةٍ كجذع التوتِ عند النيل كأغنيةٍ لها قدسية الترتيل. .. إلى حبل الغسيل وشعر امرأةٍ مُبتلةٍ بالحُبِّ خارجة من الحمام وثياب أطفالٍ معلقةً من الأكمام وريشةُ الطير التى نجت من وجبة الإفطار، وانعتقت تعلقت بالحبل، والتصقت بثوب الطفل، واعتصمت بذاك الحبل, من ريحٍ ومن سَفَرٍ ومن تِيهٍ ومن تَهيام إلى أن عَلَت الشمسُ وجَفّ الثوبُ.. فانزلقت وعادت ريشةً فى الريح إن هبّت بها انطلقت وإن هدأت وصارت نسمةً.. سقطت .. على أحذية الجُندِ وتحت أريكة بحديقةٍ الوردِ وغصنُ الخوخ والبرقوق مشتبكان وفى ظِلَّيهما: ظلان معتنقان وبوذا هائمٌ بسفارة الهندِ تجمَّدَ.. صار تمثالاً لكن ينجو وتحت عرائش المانجو يُحَدِّق فى حدائق قلبهِ ويطوف فى فِكرِهْ وريشةُ طيرنا المنهوش تسقط.. تلقط الأنفاس فى حِجْرِه لنصف هنيهةٍ وتطير .. لا ترتاحُ.. لا تصلُ نجت من ناب ثعبانٍ وهامت حيث كان الذبح والتقتيل يتَّصِلُ فمن مجرزةٍ تسعى لمقبرةٍ.. لبستانٍ لسجنٍ أو لعُرسٍ- من تفاهة شأنها ولفرط خفةِ وزنها فى الريح تنتقلُ ولا تملكُ أن ترثىَ أن تضحكَ أو تبكى ولا تقدِرُ أن تلعن أو لله تبتهلُ وطبعاً لا تُغيِّر سيرة الملكوت والمُلكِ ... ليست سوى ريشة تخلفت عن حَدَث يحدُثُ كل ثانية (فى جنة تسكنها الأطيار والزبانية) من افتراسٍ لجمالٍ عَرَضِىٍّ بين أنياب وحوشٍ فانية. فى غبشةٍ فجريةٍ بنداوة الأحلام مرشوشة ابتلعت أفعى جمالاً عابراً طيراً غنائياً بهىّ الريش وشاطراً فى الشدو والتعشيش فى لحظة نديةٍ التهمت أفعى جمالاً شادياً طيراً ضئيل الحجم مُرَنِّماً صَدّاح فى وجبة الصباح، لم تهتم فى غابة خضراء منقوشة (لؤلؤةٌ من الندى حوارها ياقوتةٌ من دم) فأفلتت من فمها.. ريشة.