لمصر مكانة عظيمة ومنزلة كريمة, فقد ذكرها رب العزة سبحانه وتعالي في القرآن الكريم- تصريحا وتلميحا- عدة مرات, ووصف الذين يدخلونها بالأمن حيث قال تعالي: ادخلوا مصر إن شاء الله آمين ومن المعلوم أن القرآن الكريم خالد إلي يوم الدين, وكل ما ذكر فيه يكتسب صفة الخلود وهذا يبشر بالأمن لمصر وأهلها والذين يدخلونها أو يعيشون في كنفها, كما ان هذا يستوجب علي أهلها أن يصونوا أمنها وان يحافظوا عليها, وألاتكون هناك محاولات للنيل من أمن مصر وقد وعت ذاكرة التاريخ مواقف كثيرة حرصت فيها مصر علي أسس المواطنة وعلي الحفاظ علي الأمن والسكينة والسلام والطمأنينة. بهذه الكلمات بدأ الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق مقدمة كتابه الجديد مصر ودعائم المواطنة في ميزان الإسلام الصادر عن الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة, وقد عرج المؤلف في كتابه الذي احتوي علي اكثر من عشرين موضوعا بدأت بالوصية بمصر وأنها كنانة الله في أرضه, وواجبنا اتجاهها, مرورا بإثبات الأمن لمصر ولكل من دخلها. واستعرض الدكتور أحمد عمر هاشم في كتابه الذي جاء في114 صفحة من القطع المتوسط- مسئولية الراعي نحو رعيته, مؤكدا أن لكل فرد في الحياة رسالة, يجب عليه أن يؤديها, وأن عليه واجبا يجب أن يقوم به,وقيام الإنسان بذلك من أجل سعادته وسعادة الناس دنيا وأخري, ومع أن في القيام بذلك سعادة دنيا و أخري للإنسان فإن الله سبحانه و تعالي يسأل كل إنسان عما استرعاه الله كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته, فالإمام راع ومسئول عن رعيته, و الرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته, والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولةعن رعيتها, والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته. ومن أجل ذلك نري الكثير من ذوي المناصب العليا و الوظائف العامة من تعصف الأهواء بقراراتهم فيطيحون بأصحاب الكفاءة و الجدارة ويؤخرونهم ويقدمون الغير لهوي أو لعصبية أو لغرض دنيوي, فيناهض الإسلام تلك الظاهرة التي تدعو البعض أن يلغوا أهل الكفاءة فيقول النبي صلي الله عليه وسلم من استعمل رجلا علي عصابة وفيهم من هو أرضي الله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين. وأشار في عنوان موضوعه الحذر من الفتن إلي أن حياة الإنسان في الدنيا معرضة لأن تجتاحها الفتن و الابتلاءات وواجبنا حيالها ان نتمسك بالإيمان وعمل الصالحات, لأن الله سبحانه وتعالي وعد ووعده حق المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن يستخلفهم في الأرض وأن يمكن لهم دينهم وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمنا. وحذرنا الإسلام من خداع بعض الذين يظهرون علي الساحة بغير هدي ولا حق ولا صدق ولا أمانة ومع هذا يصدقون ويؤتمنون ومن بعض الذين يتفشي أمرهم وكيانهم في الحياة وهم علي غير هدي. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: سيأتي علي الناس سنوات خداعات, يصدق فيها الكاذب, ويكذب فيها الصادق, ويؤتمن فيها الخائن, ويخون فيه الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه في أمر العامة. كما عرج المؤلف في كتابه الي اهمية الحوار, موضحا كيف دعا الإسلام الي الحوار وصولا الي الحق وتثبيتا له وإقناعا للآخرين به, وإقامة للحجة وتأليفا للقلوب وإقامة للأمان والاستقرار في العالم, مشيرا الي أن القرآن الكريم حدد منهج الخطاب الديني في الدعوةالي الحوار مخاطبا به رسول الله صلي الله عليه وسلم ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. واوضح انه يجب علي الأمة أن تأخذ طريق الحوار بمنهجه الديني الذي جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة وان تنادي الناس جميعا الي الحوار ليتقارب العالم وسائر الدول وليحل الوئام محل الخصام ويحل السلام بدل الحروب والصراعات. ولم ينس الكاتب ان يتطرق الي موضوع في غاية الأهمية يشغل بال كل مصري وهو الوحدة الوطنية والمواطنة, موضحا ان اطار علاقة المسلم بالآخر اطار واسع يشمل كثيرا من المعاملات والعلاقات منها البيع والشراء والشركة والوكالة والرهن وسائر وجوه العمل, مشيرا الي ان مصر ضربت اروع الأمثلة والنماذج في الوحدة الوطنية لم يصل اليها اي بلد من بلاد العالم. كما شمل الكتاب أيضا موضوعات ذات صلة مباشرة بالواقع وتشغل بال كثير من الناس من أبرزها الطريق لنعمة الأمان وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية, واحترام الإسلام لكل الأديان, وموقف الإسلام من غير المسلمين والمساواة بين المسلمين وغيرهم, مختتما الموضوعات بما يجب علي الأمة ان تفعله في مواجهة التحديات في حاضرها ومستقبلها.