توقفت كثيرا عند احكام البراءة لقيادات الشرطة التي جاءت في محاكمة القرن كما يطلقون عليها والسبب ان هذه الأحكام لم تكن فقط براءة للمتهمين من قتل الثوار ولكنها كانت شهادة تؤكد ان مؤسسات الدولة قادرة علي حماية رجالها في كل الظروف والأحوال..لقد تمت تبرئة جميع المسئولين في جهاز الشرطة حتي الأن في كل احداث الثورة ابتداء بإقتحام اقسام الشرطة وانتهاء بالإعتداءات علي المواطنين وقتلهم.. وكأن حكم البراءة لكبار المسئولين في جهاز الشرطة شبه اعتذار لهذا الجهاز عن كل مالحق به من إهانات وإتهامات منذ قيام الثورة وحتي الآن..إن احكام البراءة هنا لا تعني فقط إطلاق سراح قيادات الشرطة ولكنها في الدرجة الأولي تمثل رفضا كاملا لما جاء في أحداث الثورة حول تجاوزات الشرطة..ولا شك ان تعميم حكم البراءة بهذه الصورة في جميع القضايا والاتهامات يضعنا جميعا امام سؤال خطير..إذا كانت الشرطة لم تقتل الثوار ولم تهدم الأقسام والمراكز ولم تقتحم السجون فمن هو المسئول عن ذلك كله..إن الإجابة بحكم المسئولية والأمانه ينبغي ان تجيئ من أجهزة الأمن نفسها بعد ان حصل قادتها علي البراءة لأنها مسئولة عن حماية هذه المواقع..إن الحكم يحمل أكثر من معني ولكن أخطرها جميعا ان مؤسسات الدولة مازالت قادرة علي حماية المسئولين فيها والدليل خروج أكبر قيادات وزارة الداخلية من السجن بحكم قاطع بالبراءة وقد يعودون جميعا إلي مناصبهم..ورغم إدانة وزير الداخلية حبيب العادلي بالأشغال الشاقة المؤبده إلا ان براءة مساعديه سوف تطرح أكثر من سؤال..إذا لم يكونوا شركاء فمن هو القاتل الحقيقي..وإذا كان هناك طرف ثالث هو الذي قتل لماذا لم تكشف عنه أجهزة الأمن بحكم مسئوليتها..إن العودة لأشباح اللهو الخفي تعني أولا..جهل الأجهزة المسئولة عن الأمن بما جري ايام الثورة..وان هناك عملية غزو خارجي تعرضت لها مصر ويجب ان يعرف الشعب كل شيئ عنها..لا أدري من الذي أقنع مؤسسات الدولة المصرية ان الشعب المصري شعب ساذج يمكن ان ينسي دماء 1200 شهيد واكثر من 7 آلآف مصاب..العدالة الناقصة أسوأ انواع الظلم. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة