عندما كتبت في هذا المكان يوم الثلاثاء قبل الماضي عن أهمية الدفع بجهود المصالحة الوطنية في ليبيا برعاية عربية خاصة من دول الجوار. كان الهدف هو حث جميع الأطراف للخروج بليبيا من أزمتها الحالية والتخلص من شبح الانقسام الذي يسيطر عليها. لذلك سعدت بمجموعة اللقاءات التي شهدتها القاهرة الأسبوع الماضي برعاية مصرية بين ممثلين عن المجلس الانتقالي المسئول عن السلطة حاليا في ليبيا, وبعض الشخصيات الليبية التي تعيش بالقاهرة ومنهم مسئولون سابقون بنظام القذافي. وجاءت اللقاءات التي شارك فيها الشيخ علي الصلابي أبرز القيادات الإخوانية في ليبيا بتكليف من رئيس المجلس الإنتقالي مصطفي عبد الجليل, مع ثلاث شخصيات هم علي الأحول مسئول مؤتمر القبائل الليبية وعبد الله بزين أحد أعيان طرابلس وأحمد قذاف الدم إبن عم القذافي ومنسق العلاقات المصرية الليبية في عهده, لتعيد فتح هذا الملف ولكنها طرحت في نفس الوقت إشكالية مهمة. فقد قوبلت هذه الإجتماعات بحالة إمتعاض شعبي شديد في ليبيا بسبب مشاركة قذاف الدم بها رغم مطالبة كثير من الليبيين بتسليمه, للتحقيق معه في اتهامات عديدة كأحد أبرز رموز نظام القذافي, بل أن هذه النقطة تحديدا كانت من أهم المشاكل التي تعرقل تطوير العلاقات المصرية الليبية خلال الأشهر الماضية. إن أي مصالحة حقيقية لن تنجح إلا إذا كانت مدعومة شعبيا من الجماهير الليبية, وهذا يعني ضرورة توسيع إطار المشاركة في هذه الجهود لتشمل كافة الأطراف الليبية المؤثرة علي الأرض, والبعد عن الشخصيات المكروهة من الشارع الليبي والمصري أيضا, والتي قد يؤدي ظهورها الآن إلي فشل عملية المصالحة التي تعد ضرورة قصوي للأمن القومي العربي وليس لمصر وليبيا فقط. المزيد من أعمدة فتحي محمود