فوجئ المصريون بخبر يشير إلي وجود تلاعب فى توريد القمح لبعض الصوامع، في الوقت الذي كشفت مصادفات القدر قيام أحد أصحاب هذه الصوامع بالإبلاغ عن كميات كبيرة لديه على خلاف الواقع نسبة ما لديه تبلغ 10% فقط مما هو مثبت في الأوراق، والمشكلة هنا هي أن تلك البيانات التي تقدمها مثل تلك الجهات تعد مسلما بها وضمن المخزون الإستراتيجي من القمح، ليفتح باب تساؤلات واستفهامات عديدة عن آلية تداول القمح ودقة الكميات الواردة إليها والمثبتة في تلك الأوراق وجدية تلك البيانات، وكيف نعيد الانضباط إليها من جديد. في البداية يقول الدكتور عبد الغنى الجندى - العميد الأسبق لزراعة عين شمس والأستاذ بها وعضو المجموعة الاستشارية بوزارة الزراعة -: قبل الكلام عن مشكلة الجودة والتوريد تجب الإشارة الى أن الفجوة الغذائية تتراوح بين 55 و60% والمساحة المخصصة للقمح فى استراتيجية الدولة حتى عام 2030 حدها الأقصى 3,5 مليون فدان، وواقعيا هي أقصى ما يمكن زراعته من القمح وهو يمثل إنتاجية في حدود من 10 إلى 11 مليون طن، في حين أن استهلاكنا نحو 18 مليون طن. وأن معدل الاستهلاك العالمي 100 كجم في السنة للفرد بينما عندنا يبلغ 180 كيلو، ولو ضربنا الاستهلاك العالمى فى تعدادنا سنجد أننا نحتاج 9 ملايين طن فقط ، وهو إنتاجنا الفعلى الذى من المفترض أن يحقق الاكتفاء الذاتى. ومن هنا يتضح أن الفجوة نتيجة الاستهلاك المفرط وليست من عدم كفاية الإنتاج. خلط المحلى بالمستورد يضاف إليه كما يقول الدكتور عبد الغني الجندي - أن البعض يغطى على تلاعبه بخلط إنتاجه بقمح مستورد بجودة وسعر أقل من المحلى. ولبيان الفارق نقول إن سعر المستورد نحو 280 جنيها، بينما المحلى يورد بسعر 420 جنيها، ومن هنا تظهر المساحة الكبيرة للتلاعب فى كميات وجودة القمح والتى يشترك فيها الفلاح مع مسئولى التوريد وتسلم القمح. وقد بدأت الدولة فى مشروع قومى كبير لإنشاء صوامع تخزين متطورة وبسعة كبيرة ودقة فى حساب الكميات المخزنة بها. والحل الأمثل من وجهة نظرى تطبيق السياسة التعاقدية للقمح بشكل صحيح والتى تبدأ بالتعاقد مع الفلاح منذ زراعته للقمح، والتأكد من المساحة الزراعية بناء على الواقع، مع ضرورة الإشراف الكامل على مراحل الزراعة حتى حصاد المحصول الذى يجب فيه تشجيع الحصاد الآلي للقمح. القرار الوزارى أما المهندس مجدى عبد الله محمود رئيس الادارة المركزية لشئون المديريات، فيقول: بداية كان هناك قرار وزارى مشترك رقم 64 لسنة 2016 بين 3 وزارات هى التموين والزراعة والمالية عن تطبيق منظومة توريد القمح المحلى وتضمن 7 مواد: الأولى ببدء الموسم في 11 أبريل، والثانية بتحديد سعر شراء القمح المحلى موسم 2016، والثالثة تحديد الجهات المنوط بها تسويق محصول القمح والتسويق لحساب الهيئة العامة للسلع التموينية هي »بنك التنمية والائتمان الزراعي والجمعيات التابعة للوزارة، شركات المطاحن التابعة للقابضة للصناعات الغذائية والثالثة القابضة للصوامع والتخزين واخيرا الشركة العامة للصوامع والتخزين«، وهي مسئولة مسئولية كاملة عن الكمية التى تقوم بتسلمها حتى تسليمها لشركات المطاحن، والمادة السادسة تنص على تشكيل لجان القمح المنتج محليا برئاسة مندوب عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات ومندوب عن مديرية التموين والثالث مندوب عن الشركات المختصة والرابع مندوب عن الجهة الموردة والخامس مندوب الزراعة وأخيرا مندوب الجمعية »القبانية« التى تقوم بأعمال الوزن »على أن يكون رئيس اللجنة ومندوب مديرية التموين والتجارة الداخلية هما الفيصل فى فرز الكمية، وتتولى لجان تسليم القمح من أماكن التخزين الى شركات المطاحن«. تغيير أعضاء اللجان وهنا تظهر أهمية تغيير أعضاء هذه اللجان بشكل دورى مع عدم قيام لجنة واحدة بتسلم كميات القمح ثم تسليمها للمطاحن، وسبب وجود مندوب الزراعة أنه تتوافر لديه كشوف الحصر بأسماء المزارعين ومساحة القمح المزروعة من كل منهم، وأن يكون تسلم القمح طبقا لكشوف الحصر لضمان عدم دخول التجار فى عملية التسليم أو تسرب قمح مستورد أو قديم من مواسم سابقة، وأهمية هذا الدور تنحصر فى عدم السماح لغير المزارعين بتوريد القمح، على أن يكون فى حدود الانتاجية المتوقعة من المساحة المزروعة لكل منهم. وفى نهاية كل يوم توريد يقوم أمين الشونة أو الصومعة بالتوقيع على تسلمه للكميات التى دخلت فعليا وأصبحت فى عهدته الشخصية.والتلاعب فى الكميات بعد توريدها الى الصوامع مسئولية أمين الصومعة. تحديث الصوامع نحن كزراعة نطالب بتعميم الصوامع الحديثة التى يمكن مراجعة الكميات المخزنة بها لحظيا مع دقة حركة القمح خروجا ودخولا من وإلى الصومعة، كما يجب تبكير الاعداد لمنظومة تسويق القمح قبل الحصاد بوقت كاف لتجهيز الجمعيات الزراعية القادرة على تسلم القمح وتوفير الأجولة والاعتمادات المالية حتى يتمكن المزارع من تسليم الكمية المنتجة من أرضه أيا كان حجمها من الأرض مباشرة لخفض التلاعب الى الحد الأدنى. يضاف إلى هذا التيسير على المزارع وسرعة حصوله على مستحقاته ، والقدرة على تحديد المسئولية عن أى خطأ فى الكميات الموردة من جهات تسلم القمح. كارت الحيازة الإلكترونى وعما أثير عن وجود تلاعب فى المساحات المزروعة للاستفادة من مستلزمات الإنتاج أو أي دعم نقدي قال المهندس مجدي محمود: إن الوزارة بصدد تنفيذ مشروع كارت الحيازة الإلكترونى الذي من بين أهدافه ضبط حصر المساحات المزروعة ليكون الحصر الموسمى مطابقا تماما للواقع. وأخيرا هل نتلافى هذه السلبيات التى تهدد لقمة عيشنا بالمعنى الحرفي للكلمة، أم نتأخر كعادتنا فى مواجهة المشكلات.