للأديان السماوية هدف واحد علي الأرض به يرتفع الانسان الي السماء التي يتوق اليها. وهذا الهدف هو عمل الخير الفاعل في المجتمع الواحد المتعدد. والانسان المؤمن, بهذا الهدف يقوده ايمانه الي معرفة المحبة والسلامأساس وأعمدة جوهر الدين والإيمان والأعمال. بهذا لا يزدري ولا يهمش أحدنا الآخر لاختلاف في الدين أو المذهب أو العقيدة. لأن كل واحد منا ولد من أب وأم أورثاه الإسم والدين. ولا يحق لأي انسان أن يعادي أخاه الانسان أو يتهجم عليه أو يسيء اليه أو الي حياته ويحط من كرامته للتمايز في الدين, لأن العداوة والاساءة والتهجم يولدون الحقد والبغض والكراهية, ويسبببون قتل المحبة وفقدان السلام والطمأنينة. لذلك يجب اجتثاث وقلع هذه الآفة من العقول والقلوب والنفوس, خاصة لدي الجهلاء والمتعصبين والأصوليين الذين لا يفقهونشيئا بالدين وتعاليمه, بل يتسلحون به لمصالحهمالشخصية ولتفكيك نسيج اللحمة والوحدة الوطنية والحياة الاجتماعية والروابط العائلية والأسرية والعيش المشترك والدين منهم بريء. عندما نقرأ الكتب السماوية ونتأملها لا نجد أي دين أو نبي يدعو الي فعل الرذيلة وزرع الفتن وشن الحروب وقتل الانسان. والأديان جميعها تعلم القيام بترجمة الأقوال الجميلة الي أفعال جليلة. ومن يصنع خيرا مع أخيه الانسان يبرهن علي أنه مؤمن بالله واليوم الآخر افعلوا للناس ما أردتم أن يفعله الناس لكم.. هذه هي خلاصة الشريعة وكلام الأنبياء.. وكلما صنعتم شيئا لواحد من اخوتي, فلي قد صنعتموه. فما أروع وما أجمل النظرة التي لا تري فيها العين البشرية إلا الوجه الانساني للإنسان المخلوق علي صورة الله ومثاله. إن الله جل جلاله, عندما خلق كل شيء رآه حسنا وأهم ما أبدع في الكون والخليقة هو الانسان. والأديان تكرم الإنسان وتعمل لخيره ورفع مستواه وتقدمه وازدهاره في كل المجالات وعلي كل الأصعدة. فلا فرق بين جبلة مخلوق وآخر. وما من عرق أصفي وأفضل من عرق. ولا من دم أنقي وأطهر من دم. ولامن لون أجمل وأبهي من لون.. فالكل من آدم وآدم من تراب. كلنا نعيش علي هذا الكوكب, ولكل واحد منا له وطن يفتخر ويعتز به ويعمل علي رفع شأنه والحفاظ علي وحدته وسيادته وعلي كل شبر من أرضه والسهر علي سلامه واستقراره, لأننا جبلنا من تراب أرضه ونلتحف بسمائه ونستنشق من عليل هوائه ونأكل من خيرات أرضه ونشرب من عذب مائه ونغتني بثرواته.. والذي يفرقنا ويفصلنا عن بعضنا من بعض ويا للأسف كبرياؤنا وأنانيتنا والسيطرة بالقوة علي أضعفنا وأصغرنا وعبادة الشهوات فيناوانجرافنا نحو كل ما هو زائل وأرضي ودنيوي. لذلك ضاع العقل منا وهجرنا وما عاد الإنسان يعي إنسانيته وشموخه وعظمته, وغابت شمس القناعة عن أرضنا وبيوتنا ومؤسساتنا, فتملكتنا أطماع الحياة وأسرنا الاهتمام بنزواتنا ومصالحنا. لقد قربنا عصر والإتصالات من كل شيء إلا من أنفسنا. وعلمتنا العولمة كل شيء إلا علم وثقافة المحبة وصنع السلام ومد جسور التقارب والحوار, علم محبة الانسان لأخيه الإنسان والأخذ بيده ومساعدته في بناء مستقبله وتأمين له حياة أمينة رغيدة وسعيدة. فليرجع كل إنسان الي ضميره وليدخل الي أعماق أعماق قلبه ليكتشف علم المحبة الذي زرعه الله فيهبتعاليم دينه الذي ولد معه وفطر عليه فيجد فيه طريقه المستقيمالمزين والمفروش بورود الفضائل أو أعظمها: محبة الله ومحبة القريب واحترامه, عندئذ يثبت إنسانيته الحقة بالوجود.