رغم صعوبة الطعن علي نزاهة وشفافية المرحلة الأولي من الانتخابات الرئاسية وإثبات العكس رغم تجاوزات الإنفاق الدعائي لبعض المرشحين والطرق الملتوية لاختراق الصمت الانتخابي أو شراء الأصوات استغلالا للفقر المدقع لشرائح كبيرة العدد من المجتمع من ناتج وضحايا النظام البائد أو التصويت الغير قانوني للفئات التي لا يحق لها الانتخاب مثل رجال الجيش والشرطة أو الآلة الإعلامية المشبوهة وقدرتها علي التلاعب وتوجيه إرادة الناخبين البسطاء نحو مرشحا بعينه مع استطلاعات الرأي الموجهة والمغلوطة والخادعة، وكلها اتهامات للعرس الديمقراطي لم يتم إثباتها بعد وخاصة لنفي الجهات الرسمية حدوثها كما كان "للحزن الوطني المنحل" ورفض اللجنة العليا للانتخابات قبول الطعون المقدمة من المرشحين رغم منطقيتها واحتياجها لتحقيق محايد، والأهم مع الاعتراف بالنزاهة إلا أن الانتخابات تفتقر للعدالة والمساواة بين مرشحي الرئاسة والمؤشرات الأولية محبطة ومخيبة للآمال ومربكة التشابه مثل الفترة الانتقالية "الإناء ينطح بما فيه" فطرفي الإعادة يمثلان السينايور الأسوأ وحاضره المخيف وحصاده المر. وإذا تحدثنا عن مساوئ طرفي الإعادة "مرسي وشفيق" طبقا للمؤشرات الأولية قبل إعلان النتيجة رسميا فالشارع المصري منذ لهثه عبر وسائل الإعلام متحملا مواصلة الليل بالنهار لمعرفة رئيسه المدني المنتخب للمرة الأولي في تاريخه بانتخابات بعيدة التشابه والشراكة في التزوير والبلطجة السابقة، ولكن مع بدء ظهور المؤشرات وسط ضياع بسمة الوجوه وأمل العقول وأحلام الشباب وقصاص الآباء والأمهات لدماء شهداءهم وتشوهات الأبرياء وأمان العجائز وطمأنينة الأقليات تؤكد الغموض والخوف من القادم بل كان مسبقا بالتراجع الملحوظ في نسبة الذهاب للتصويت عن الانتخابات البرلمانية عكس المتوقع والمفروض بسبب عودة السياسة للمجتمع واختلاف أفراد الأسرة وزملاء العمل والجدال في الطرقات ووسائل المواصلات ومع دخان الشيشة وطرقعة الطاولة حول شخصيات المرشحين وبرامجهم وتاريخهم وقدرتهم علي إخراج مصر من عنق الزجاجة وكابوس يستعيد نشاطه المتواري، ولكن عبقرية البسطاء والشعب المصري الذي يحمل تاريخ حضارته في جيناته جعلته يختار الأسوأ ربما للرغبة في العودة لنقطة الصفر لحسن البداية أو لأنه يري رئيس بلا صلاحيات أو فقدان الثقة في مصداقية البرلمان ومحاربته للميدان والثوار أو عدم جدوى العملية السياسية من تعثرها طوال فترة انتقالية خاطئة من النخبة الثورية والقوي والأحزاب السياسية والمجلس العسكري والحكومة وأنانيتهم الفردية دون إعلاء مصلحة مصر أولا، أو الأمية الغالبة والأزمات المعيشية والحياتية اليومية، أو لحرارة الجو في يومي الانتخابات وعدم الإعلان المبكر للأجازة العاملين بالدولة مما حرم قرابة عشرة ملايين مغترب داخلي من السفر للتصويت، أو كثرة المرشحين وعدم اتفاق مرشحي الثورة فيما بعضهم علي واحد يخوض غمار السباق الرئاسي مع التفاف جميع الثوار وراءه بدلا من تفتيت الأصوات حتى خسروا جميعا، بعد إغراءهم بحوارات الفضائيات والأضواء المصطنعة، فكانت النتيجة الحتمية خروجهم وضياع ثورة الوطن بين فكي ضروس وفخ عميق الهواية وصدمة للعقلاء والحكماء، فإما مرسي ومعناه هيمنة جماعة الأخوان المسلمين علي مقاليد البلاد من برلمان وحكومة ولجنة تأسيسية للدستور والرئاسة مما يؤدي لعدم وجود رقيب علي السلطة "الحزن الوطني" محصنة من المساءلة فيزيد الاحتقان للمجتمع وفصائله السياسية وربما نصبح دولة المرشد ويكون الميدان الملجأ والملاذ ولكن هذه المرة مع فيصل منظم يملك ميليشياته وينتهي الأمر بحرب أهلية تجر البلاد لذكريات الجزائر الأليمة، والثاني شفيق أحد أهم الأضلاع للنظام البائد ومثله الاعلي بلسانه المخلوع مبارك، ومن اعتبر الثورة عملا عدائيا بل يعتبرها فوضي ويترقب الانقضاض عليها وإعادة عافية النظام ورموزه بدليل انظروا من أفراد وأسماء حملته وتكلفتها الباهظة والمتجاوزة شروط العليا للانتخابات وأبواق فضائياته التي لا تمل من التوجيه له وهدم الآخرين، شفيق من يتحدث بصورة العسكري المتعجرف الذي سيقمع إي احتجاجات من الجيش مثل ما حدث بالعباسية، ومداعبته للخائفين وفقدي الأمن وركيدي العمل والمتوقفين عن الرزق اليومي بإعادة الأمن في ساعات والقضاء علي البلطجة ولا أدري كيف إلا إذا كان يملك زر التشغيل، فنري الثأر منه للثوار ورموزهم وتحجيم وسجن رموز التيار الديني المنطلق، وإغفال المحاكمات لرموز النظام البائد وربما وقفها نهائيا، وخاصة أن عشرات من تهم الفساد تطيله شخصيا.. فكلاهما مر وعلقم وربما يكونا نهاية لثورة شعبية عظيمة تحاكي بها العالم وتغني لأيام بسلاميتها وتفردها وسيل أنهار دماء شهداء من شباب الوطن . ومع هذه العتمة والحيرة المربكة يبقي شعاع نور وحيد للخروج من المأزق وهو وقف إعلان نتيجة الجولة الأولي وجولة الإعادة حتى تفصل المحكمة الدستورية العليا في قانون العزل السياسي الذي أصدره البرلمان وصدق عليه المجلس الاعلي للقوات المسلحة وحولته اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إليها مما سمح بخوض شفيق الانتخابات لأنه لو فاز بالنتيجة النهائية وأصدرت الدستورية حكمها بدستورية قانون العزل السياسي فتكون الانتخابات مهددة بالإلغاء، مما يعني أهمية التمهل حتى تقول الدستورية كلمتها الفاصلة وتؤكد أن قبول أورقه للترشيح جاء بالمخالفة لقانون العزل السياسي فيصبح والعدم سواء فتكون الإعادة بين مرسي والصباحي ويكون للحديث شأن آخر وأمل جديد لثورة مستمرة. المزيد من مقالات محمد مصطفى