من المقرر النطق بالحكم في قضية محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك يوم2 يونيو القادم, وسط أجواء ساخنة, وبين مواقف مرتبكة, أو مؤيدة أو رافضة لما أسفرت عنه نتائج الانتخابات الرئاسية. بشأن إجراء جولة الإعادة بين الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي. والسؤال الآن: هل سيصدر الحكم علي مبارك, في هذه الظروف السياسية المرتبكة؟.. ثم هل من سلطة القاضي تأجيل النطق بالحكم برغم تحديد موعد مسبق لذلك في الجلسات السابقة؟.. وما هي تداعيات الحكم سواء صدر بالبراءة أو بالإدانة علي الإعادة في انتخابات الرئاسة؟ الحكم علي الرئيس المخلوع كما يقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة سيكون له تداعياته, ذلك أن الحكم ببراءة مبارك سوف يؤدي إلي ثورة غضب عارمة خاصة أن هناك حالة من الاستقطاب الشديد داخل المشهد السياسي, وبين قطاعات الراي العام المصري, كما سيؤدي إلي احتقان شعبي هائل, أما صدور أحكام مخففة علي الرئيس المخلوع ستؤدي إلي النتيجة ذاتها من الغضب والاحتقان الجماهيري. ولاشك- والكلام مازال للدكتور حسن نافعة- أن صدور أحكام بالاعدام أو السجن المشدد في حق الرئيس المخلوع سوف تخفف من حالة الاحتقان والغضب العارم الذي سوف يسود الشارع المصري, وسوف تضمن من ناحية أخري إمكانية استعادة الاموال المنهوبة, والتي لايمكن استعادتها بأي حال إذا حصل مبارك علي حكم بالبراءة, فضلا عن تضييق الفجوة قليلا بين الشعب والقوي السياسية والمجلس العسكري والتي اتسعت بسبب الاخطاء التي وقعت خلال إدارته للمرحلة الانتقالية. بهاء الدين ابو شقة - و - ابو العز الحريرى ومن الناحية القانونية, فإن الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائي في كلية الحقوق جامعة القاهرة ورئيس اللجنة التشريعية سابقا في مجلس الشعب- تري أنه يجوز للقاضي تأجيل النطق بالحكم لموعد يحدده هو, فالتأجيل سلطة تقديرية له, ومن ثم فإن التأجيل وارد ولا خروج علي القانون في ذلك, مشيرة إلي أن الحكم علي مبارك لن يخرج علي أحد فرضين لا ثالث لهما, الأول: هو الحكم بالبراءة وتلك مسألة متروكة لضمير القاضي, والأدلة المقدمة إليه, وفي هذه الحالة يجب علي الجميع تقبل الحكم الصادر أيا كان, لأن الحكم هو عنوان الحقيقة, كما أن هناك ثقة في نزاهة القضاء المصري الذي يتمتع بالاستقلالية, ويتمتع بضمانات دستورية تضمن استقلاله, أما في حالة الحكم ببراءة مبارك فإن النيابة العامة تستطيع الطعن علي الحكم في الشق الجنائي أمام محكمة النقض, كما يستطيع المدعون بالحق المدني الطعن علي الحكم في الشق المدني بنفس الطرق, وبالنسبة للفرضية الثانية فتتعلق باحتمال صدور حكم بالادانة, وفي هذه الحالة إما أن تكون العقوبة مرضية للنيابة العامة فتقبل الحكم وينتهي الامر, وإما أن ترفض العقوبة ومن حقها في هذه الحالة الطعن علي الحكم أمام محكمة النقض, كما أن المتهم يستطيع الطعن علي الحكم إذا صدر بحقه حكم بالادانة, كما أنه للمدعين بالحق المدني الحق في الطعن علي الحكم إذا كان التعويض غير مكافئ للضرر الذي وقع عليهم, مع العلم بأن الطعن أمام محكمة النقض لأول مرة لابد أن يكون لأحد أسباب ثلاثة: الأول هو حدوث خطأ في تطبيق القانون, والثاني بطلان في الحكم, أما السبب الثالث فيتعلق ببطلان في الاجراءات أثر علي الحكم. ومع إيماني الكامل بضرورة تقبل الحكم أيا كان, لصدوره من قضاء موثوق به, وبنزاهته, والكلام مازال للدكتورة فوزية عبد الستار- إلا أن الحكم ببراءة مبارك قد تؤدي إلي بعض الاضطراب والرفض في بعض قطاعات الرأي العام المصري والقوي السياسية, علي اعتبار أنهم كانوا ينتظرون صدور حكم بالادانة بعد كل ما جري تداوله من وقائع وما نسب إليه من أخطاء ومخالفات, لكني في الوقت نفسه لا أتوقع صدور حكم بإعدام مبارك لسبب بسيط هو أنه من المفترض قبل صدور الحكم بالاعدام إحالة أوراق القضية إلي فضيلة المفتي, وما دام ذلك لم يحدث فإن الحكم بالاعدام أمر غير متوقع, موضحة أن صدور حكم بالبراءة سوف يعرقل الحصول علي أموال مصر المنهوبة, ذلك أن استرداد الاموال لن يتم إلا وفق صدور حكم بالإدانة بما يثبت عدم مشروعية الحصول علي هذه الأموال. وبشكل عام, يري الدكتور بهاء الدين أبو شقة محامي الجنايات الشهير ونائب رئيس حزب الوفد أن الشعب المصري لابد أن يثق في نزاهة وعدالة القضاء المصري, ومتمنيا أن يرتضي الشعب الحكم علي مبارك أيا كان, باعتبار أن الحكم عنوان الحقيقة لاسيما في هذه الظروف المحتقنة, مشيرا إلي أن المغرضين يريدون عرقلة الاستقرار السياسي, كما أن الحكم علي مبارك بالإدانة أو بالبراءة لن يكون حكما باتا, وإنما يجوز الطعن عليه, كما يحق للمتهم ذاته الطعن علي الحكم بالطرق القانونية.. وإنني أثق في حكمة الشعب المصري وأؤمن بثقته في القضاء المصري الشامخ, وعلي من سيرفضون الحكم اللجوء إلي القضاء للطعن عليه بالطرق القانونية دون اللجوء إلي الرفض بالطريق غير القانوني والشرعي في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر, وفي وقت تحتاج فيه مصر إلي الاستقرار السياسي والتطور الديمقراطي, موضحا أنه ليس هناك ما يلزم القاضي بالنطق بالحكم في الموعد المحدد لذلك, لاسيما أن تحقيق الادلة الجنائية من واجب المحكمة الجنائية, وإذا وجد القاضي أن العدالة تقتضي التأجيل لفتح تحقيق, فذلك حماية للصواب, ووصولا للحقيقة, لكن في حالة التأجيل فيجب علي القاضي الفصل في القضية والنطق بالحكم قبل حلول يوم30 يونيو القادم لخروج رئيس المحكمة علي المعاش في ذلك التوقيت, وإذا فتح القاضي باب المرافعة لأي سبب من الأسباب أو تغير رئيس الدائرة, فنحن سنكون بصدد إجراءات جديدة للمحاكمة أمام دائرة جديدة, ولذلك فإنني أناشد الشعب المصري الثقة في عدالة القضاء ونزاهته, وإلا يسمحوا للمشككين ومثيري الفتنة بالطعن في نزاهة القضاء والتشكيك في نزاهته في تلك الظروف السياسية الحرجة, التي تمر بها البلاد. وبشكل عام, يرجح النائب أبو العز الحريري تأجيل الحكم علي مبارك, لانه أي الحكم سوف يثير القلاقل والغضب في الشارع المصري سواء صدر الحكم بالبراءة أو بالادانة المخففة. في حين يري الدكتور رفعت السعيد رئيس جزب التجمع أن جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية لن تتأثر بالحكم في قضية مبارك سواء كان ذلك بالبراءة أو بالإدانة, لأنه لا يجب إقحام الأحكام القضائية في السياسة, فذلك أمر غير مقبول, وعلي الشعب المصري القبول بحكم القضاء في القضية أيا كان, لان الحكم هو عنوان الحقيقة في كل الأحوال. [email protected]