برلين مازن حسان: اتفقت نخبة كبيرة من الخبراء الألمان في تحليلها للانتخابات الرئاسية الفارقة في تاريخ مصر ومحاولة استشراف المرحلة التالية لها من العملية الانتقالية علي الدور المحوري للمؤسسة العسكرية والمجلس الأعلي للقوات المسلحة، رغم الاختلاف في تقييم هذا الدور. بل إن البعض خلص إلي أنه بغض النظر عن توجه الرئيس الفائز في الانتخابات سواء كان ليبراليا أو إسلاميا آو قوميا أو حتي يحتفظ بعلاقات بالنظام القديم فإن استقرار مصر في المرحلة المقبلة يرتبط بمدي إمكانية التوصل لدستور جديد يحتفظ الجيش بموجبه باستقلاليته في إدارة ميزانيته وشبكته الاقتصادية الضخمة وتقديم ضمانات لقياداته بعدم الاقتراب منهم أو محاسبتهم. ويعد كريستيان آخراينر الخبير في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية- وهي مركز بحثي مهم ذو صلة بوزارة الخارجية الألمانية- أحد الذين يحسنون الظن بالمؤسسة العسكرية في مصر ولو بقدر, فهو يري أن سماح الجيش لعدد كبير من المراقبين الدوليين والمحليين بمتابعة الانتخابات هو مؤشر إيجابي علي إن انتخابات الرئاسة جرت إجمالا بشكل حر ونزيه رغم التجاوزات والتي سجلت حتي من قبل بعض المرشحين في عملية التمويل الضخمة لحملاتهم الانتخابية. وفي تقدير آخراينر فإن الجيش سيسلم السلطة كما تعهد للرئيس الجديد في جميع الأحوال. وحتي إذا لم يكن ليبراليا او قريب الصلة بالنظام السابق وذا توجهات إسلامية أو حتي كان هو مرشح الإخوان المسلمين فإنه سيحتاج لدعم المؤسسة العسكرية نظرا لما سيواجهه من تحديات ضخمة لإنقاذ الاقتصاد المصري من التدهور المستمر ووصوله لمرحلة الخطر منذ فترة. وقد تسبب تدهور الوضع الاقتصادي والأمني في إصابة المصريين بالملل من الثورة وتبعاتها كما يقول آخراينر الذي يحذر الرئيس القادم من أنه إذا لم يتمكنمن تحقيق تحسن ملموس في حياة المصريين سيواجه سخطا كبيرا. وفي تحليله للوضع في مصر أكد شيتفان رول الخبير في مركز الدراسات الأمنية والسياسية في برلين, أهم مراكز البحوث الألمانية التي تقدم استشاراتها للمستشارية الألمانية مباشرة, علي الدور المحوري للمؤسسة العسكرية بعد انتخاب الرئيس المصري مباشرة. وقال ان فوز مرشح غير مرشح الأخوان لن ينجم عنه الصدام الذي يتوقعه كثيرون مع الإخوان المسلمين الذين يمتلكون الأغلبية في البرلمان. وهو الصدام الذي يتوقعه البعض نظرا لأن الإخوان سيسعون في هذه الحالة لفرض النظام البرلماني علي مصر وتقليص صلاحيات الرئيس في الدستور الجديد, ما قد يؤدي لانقسام الشارع المصري من جديد وربما اندلاع ثورة جديدة. يستبعد شتيفان رول ذلك ويقول ان الإخوان وفي ظل الظروف الاقتصادية بالغة السوء التي تمر بها البلاد لا يرغبون الآن أو علي المدي القصير والمتوسط تحمل مسئولية مصروحدهم. لذا يتوقع شتيفان رول أن يسعي البرلمان بقيادة الإخوان للتوافق مع الرئيس الجديد حول نظام سياسي شبه رئاسي يحصل رئيس الحكومة الذي ترشحه الأغلبية البرلمانية بموجبه علي صلاحيات كبيرة إلي جانب صلاحيات الرئيس, وهنا يأتي دور المجلس العسكري, الذي سيتفاوض مع السلطتين التنفيذية ممثلة في الرئيس المنتخب والتشريعية ممثلة في البرلمان علي وضع دستور يضمن للجيش استقلاليته في وضع ميزانية الدفاع والإشراف عليها, ومن هنا فإن التحدي الأكبر أمام دخول مصر المرحلة الانتقالية الحقيقية هو التوافق بين المؤسسات الثلاثة علي ذلك في الدستور الجديد, وهو تحد ليس سهلا بالمرة.