غدا.. "الصحفيين" تحتفل بميلاد رواد المهنة وتكرم الحاصلين على الماجستير والدكتوراه    سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه اليوم الثلاثاء 30-4-2024 في مصر    تصالح مخالفات البناء.. "الإجراءات والمتطلبات"    اليوم.. نظر استئناف دعوى إثبات نسب طفل ل"اللاعب إسلام جابر"    سعد الدين الهلالي يرد على تصريحات زاهي حواس حول وجود الأنبياء في مصر    انهيار أسعار الفراخ اليوم نهاية أبريل.. البيضاء نزلت 20 جنيه    مجلس الشيوخ يستأنف جلساته العامة اليوم    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    ختام عروض «الإسكندرية للفيلم القصير» بحضور جماهيري كامل العدد ومناقشة ساخنة    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    حقيقة نشوب حريق بالحديقة الدولية بمدينة الفيوم    اليوم.. محكمة جنح القاهرة الاقتصادية تنظر 8 دعاوى ضد مرتضى منصور    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    مباراة من العيار الثقيل| هل يفعلها ريال مدريد بإقصاء بايرن ميونخ الجريح؟.. الموعد والقنوات الناقلة    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    تعرف على أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    لتلوثها ببكتيريا برازية، إتلاف مليوني عبوة مياه معدنية في فرنسا    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    الأهلي يفعل تجديد عقد كولر بعد النهائي الإفريقي بزيادة 30٪    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قَدَم عازفة
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 05 - 2016

هو، «أشرف» خميرة الغَم، مَن أفسدَ اللحظة. الدنيا كانت حلوة. قُبلات تفرقع على الخدود، وأياد مشدودة بسلامات عفيّة. موسيقى عالية لأغنية قديمة حماسية، تستثير حتى تراب الأرض الذى انتفض وداخ فى دوّامات متلاحقة.
صحيح أنها دوامات قصيرة العمر، لكنها صنعت صخبا طبيعيا خافتا بجوار الصخب الآخر المبهج. كنا على الترابيزة خارج المقهى، ملسوعين بالأغانى والحشد ومكبر الصوت الدعائي. كل الجالسين فى الداخل قاموا ووقفوا حولنا فى سور بشرى سدَّ المدخل. وحده «أشرف» بصمته المعتاد وتقطيبة جبينه، والجميع يرشقون عيونهم فى الوجه الساطع بالعرق للمُرشَّح القادم نحونا. سينتهى من باعة الفاكهة على الرصيف، ثم يهل علينا. مشهد مألوف اعتدناه طوال عمرنا، سيمر بسلام اليد ودعوات التوفيق، ثم الغياب فى حسابات المكسب والخسارة لهذا أو ذاك. وقد يتضمن كلاما من قبيل: شكله أكبر من صورته فى التليفزيون، أو إنه أسمر وليس أبيض. ما الجديد غير ساعة حلوة وكلام ساخن لا نجده إلا فى أوقات مشاهدة المباريات! الجديد هو أشرف منه لله.
لم ننتبه حين وضع رجلا على رجل، وانحنى ليربط الحذاء، ثم أخرج منديلا ورقيا ومسح الظاهر غير اللامع. رأيناه يثنى قدمه على الكرسى تحت فخذه. فى وضعية أخرى كان قد تربع تماما. نظرنا له وقلنا إنه حجر المعسل المُعمّر والدماغ العالية. وحين شعلقَ ساقه على حافة الترابيزة وراح يهزها؛ كان المُرشّح على شفا مترين منّا. وقفنا وتقدمنا خطوة للسلام. شدّت اليد على أيدينا واحدا واحدا، حتى أفاقت وجوهنا وعدّلت نفسها فى لمحة من ابتسام إلى ذهول! هناك دائما مَن لا يتركك ساهما فى عالمك فتجده ينادى عليك فجأة فتلتفت ملدوغا، مَن يوقظك من نومة هنيئة بهزات غشيمة فى جسدك. أوقف «أشرف» الزمن، وثبَّتَ كاميرا الحشد على قدمه الممدودة على الترابيزة. العيون هرولتْ مرات ومرات ما بين وجهه المحايد الناظر إلى لا شيء، وقدمه المطروحة بميْل، مرورا بجسده المرتخى المتقوس. ربما يفعلها ويرفع الأخرى الملتوية تحت الكرسي. قلة أدب! عيوننا تنطق بذلك قبل عيونهم، بل قبل عين المرشّح نفسه الذى لم تزل ابتسامته مُصرّة على الوجود. الحذاء يلمع! هل كان هكذا وهو جالس معنا، أم أنه الضوء الذى تركز كله وسطع على الجلد الأسود القديم؟ فى تلك اللحظة الجامدة، بدا أشرف مثل كائن غريب تتفحصه عيون مستطلعة، مُستاءة، ساخرة، نافرة، متأهبة لفض هذا الوضع وقلب كل شيء لتمشى الأمور ويواصل الحشد طريقه. الأفضل أن يأتى التصرف منّا قبل أن يأتى منهم. لماذا تأخر أحدنا فى أن يلكزه ليعدل من نفسه؟ وهل أتت الفكرة على بالنا؟ ماذا لو كان أحدهم سبقنا وفعلها معه بشكل آخر؟ يبدو كما لو أنه فقد الصلة بقدمه، انفصلتْ عنه تماما فى هزات خفيفة واختلاجات فى مقدمة الحذاء، فى حين كان الجسد كله ساكنا فى شبه غفلة. هل كانت القَدم على تواصل باللحن الحماسى الثائر فى الآذان؟ نعرف أنه يحب هذه الأغانى جدا، ويُدندن بها فى لحظات التجلي، لكن أى كائن هذا الذى تأتيه مثل تلك اللحظة فى هذه الظروف! لقد وصل فى شدّ أنفاس الحَجر حتى نهاية النهاية. تركه مُطفأً راكدا يتطاير رماده الذائب. هذا يعنى أنه كان من المستحيل إخراجه من حالته إلا بصعقة تنزل علينا كلنا.
على أحرّ من الجَمر، مشت الثواني. مدّ المُرشح يده، بابتسامة لم تنقص ملليمترا واحدا، نحو أشرف الغائب. لم يأخذ الأمر وقتا يُذكر لا بالثانية ولا غيرها. التحمتْ اليد فى أياد أخرى للجموع التى زحفت ببطء ونحن من خلفهم، على وقع الجو الفائر بالأصوات والأضواء والوجوه المتوردة. رجعنا بعد قليل لأشرف. ما زال فى مكانه رغم كل شيء! ماذا نفعل مع هذا الشخص؟ وجدنا رأسه قد غفا فوق صدره، وقدميه متعانقتين فى استرخاء على الترابيزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.