أكاد أجزم أن ما من ناخب فرنسي في انتخابات الرئاسة التي جرت منذ أيام كان يشعر بالقلق أو الخوف ممن ستأتي به صناديق الاقتراع, فكل مرشح ينتمي لحزب ما ولكل حزب برنامج وتوجه والجميع يعمل في إطار سياسة استراتيجية للدولة حددها دستور لا يملك أحد مهما كانت قوة نفوذه أو عدد مؤيديه الخروج عليه أو انتهاك أحد بنوده. غدا انتخابات الرئاسة.. لدينا شعور عام بالخوف والقلق يعتصر القلوب وينعكس علي الوجوه فتري الناس في الشوارع وقد أصابهم الوجوم, فما من دستور يحدد سياسة عامة للدولة, وما من أحزاب حقيقية تعكس حضورا شعبيا باستثناء تلك التي ولدت من رحم جماعة أو طائفة تتخذ من الدين مرجعية لها, أما الأحزاب السياسية بالمعني الحقيقي للكلمة فهي منعدمة, فعلي أي أساس ستختار مرشحك؟! علي أساس برامج وضعت للدعاية الإعلامية, أم علي أساس أنه من الثوار أو من الإسلاميين أو حتي الفلول؟! ومعذرة لهذا التصنيف الذي لا يوجد له نظير في قاموس المفردات السياسية في العالم كله فهو أحد انفرادات المشهد السياسي الحالي وأعجوبة من أعاجيب دنيا الإعلام المصري. وحتي إذا رجعت إلي رشدك وقررت أن يكون اختيارك علي أساس أيديولوجي معين, فأخذت تبحث عن المرشح الليبرالي أو الإسلامي الأوفر حظا من خلال استطلاعات الرأي, فإنك حتما ستجد نفسك في وضع أكثر ارتباكا: فما من استطلاع رأي يشبه في نتائجه الآخر حتي ليخيل لك أنها استطلاعات رأي أجريت في بلد غير البلد وشعب غير الشعب, وأبسط دليل علي ذلك نتائج الانتخابات في الخارج التي كانت مخالفة لكل الاستطلاعات, فكيف لنا أن نثق بها؟! وعليه فقد قررنا أن نستبعد هذه الاستطلاعات وأن نعتمد علي أنفسنا فذهب كل منا يجري استطلاعه الشخصي وأصبح السؤال المعتاد سماعه أينما كنت: من ستختار؟ لتفاجأ في نهاية اليوم بأن المصريين جميعا بمختلف طوائفهم وفئاتهم وثقافتهم ومستوي معيشتهم قد اتفقوا علي ألا يتفقوا! [email protected]