الآن وقد أصبح الحديث عن خروج اليونان من منطقة اليورو بعد الانتخابات العامة في الشهر المقبل أمرا مباحا, يكون التساؤل مشروعا حول ما إذا كان قادة المنطقة قد استعدوا لمواجهة تداعيات هذا الحدث. حالة الارتياح في تصريحات القادة السياسيين تدعو للقلق. فموارد صندوق الاستقرار المالي الأوروبي(500 مليار يورو) تكفي بالكاد لمواجهة الأزمات المتكررة ولن تكون مجدية إذا انتقلت عدوي سحب الودائع إلي البنوك الأسبانية والبرتغالية والأيرلندية والإيطالية, وهي لا تعالج ما تواجهه هذه الدول من ارتفاع لأسعار الفائدة علي السندات, وتخفيض المستثمرين لقيمة الأصول المصرفية, وكلها عوامل تضع خطط الاصلاح والتقشف التي تنتهجها دول الأطراف وقدرتها علي تحقيق الأهداف في مهب الريح. الأمر إذن يحتاج إلي تغيير جذري في رؤية الدول المحورية يعطي الأولوية للنمو, ويمنح البنك المركزي الأوروبي صلاحية ممارسة دوره كمقرض أخير للبنوك, والتدخل في سوق السندات بهدف خفض أسعار الفائدة عليها, وإعادة رسملة البنوك المتأثرة بأزمات الديون السيادية. مثل هذه الإجراءات تكفي بالكاد لتجنب انتشار الوباء أما بقاء منطقة اليورو فلا يترك أمام قادتها سوي الاختيار بين مستقبل حافل بأزمات تنتهي بتفتت المنطقة كلها أو تخلي ألمانيا عن تحفظاتها والتحرك بسرعة نحو خطوات اندماجية أقوي, وإسقاط وهم قدرة الخطط التقشفية وحدها علي إخراج المنطقة من ورطتها, وانتهاجها حلولا شاملة تطمئن المستثمرين بضمان الدول القوية للديون السيادية بإصدار سندات أوروبية مشتركة, وتطبيقها خططا تنشيطية تهدف إلي تحقيق نمو إيجابي يعوض الركود الحتمي في الأطراف الضعيفة. ما يحدث في منطقة اليورو لا يهم قادتها وحدهم. فهي ثاني أكبر تجمع اقتصادي عالمي, والأهم أنها ركيزة الاستقرار والسلام والاعتدال السياسي في القارة وعلي قادتها الإسراع في التعامل مع الحقائق بجرأة لأن ثمن التأخر سيكون فادحا. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني