تعمل أطباء العالم وهي منظمة عالمية تعني بصحة الدول النامية غير القادرة حاليا علي تنفيذ برنامج مدته ثلاث سنوات عن تحسين الصحة النفسية للفئات المستضعفة والسكان المعرضين للخطر في القاهرة الكبري الممول من مؤسسة دوروسس وأطباء العالم. البرنامج ينفذ بالشراكة مع وزارة الصحة وأربع منظمات محلية غير حكومية لتقديم الدعم النفسي للفئات المهمشة. البرنامج يدعم جهود وزارة الصحة لدمج الصحة النفسية في الرعاية الصحية الأساسية، ووفقا لذلك قدمت أطباء العالم التدريب لأكبر من مائة شخص من العاملين في مجال الصحة (أطباء ، ممرضين ، معلمين صحيين) في تسع مراكز صحية في القاهرة والجيزة الهدف هو توفير الرعاية الصحية النفسية الأساسية للسكان بما فيهم السكان المعرضين للخطر بشكل أقرب للمجتمع. التسع مراكز الصحية تستطيع تقديم التشخيص المبكر للخلل النفسي، التعامل مع معظم أنواع الخلل الشائعة والإحالة للحالات الأكثر تعقيدا. توفر أطباء العالم أيضا تدريب متخصص عن الرعاية الصحية النفسية لأربع منظمات محلية هي «بناتي - بسمة أمل - الشهاب ورمركز قضايا المرأة المصرية» هذه المنظمات تقدم الدعم النفسي للفئات المستضعفة بشدة مثل النساء ضحايا العنف، الأطفال المتواجدين بالشارع، مرضي الإيدز، والأطفال ذوي الإعاقات ، ومن خلال البرنامج الحالي تعمل أطباء العالم علي تحسين جودة خدماتهم، وربطهم بالوحدات الصحية الرئيسية المدعومة من المشروع من أجل زيادة تواجد خدمات الصحة النفسية المجتمعية المتاحة علي مستوي المجتمع. برغم من عدم وجود دراسة حديثة عن مدي انتشار الاضطرابات النفسية في مصر بعض الدراسات تقدم مؤشرات مفيدة، في 2009 كان هناك استطلاع علي مستوي الدولة أشار إلي أن 16٫9٪ من السكان البالغين يعانون من مشكلات تتنوع بين اضطرابات المزاج إلي أمراض أكثر حدة. وهناك احتمالية كبري إلي زيادة هذه النسبة في السنوات القليلة الأخيرة مع الأخذ في الاعتبار الخلل النفسي الأكثر شيوعا في مصر بين المرضي المترددين علي المستشفيات هو الاكتئاب، القلق، الفصام ، والاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات. رعاية الصحة النفسية في مصر مازالت متركزة في مستشفيات الصحة النفسية، حيث لا تستطيع استقبال مرضي من الخارج إلا بأعداد محدودة، وخاصة بالنسبة للأطفال وعدد قليل جدا من مؤسسات الرعاية الصحية النفسية التي تقدم خدمات الصحة النفسية، مستشفيات الصحة النفسية تخدم بشكل أساسي المناطق الحضارية، الانفاق الحكومي علي الصحة النفسية لا يتجاوز 2٪ من الانفاق علي الصحة عامة ومعظم هذا الانفاق يوجه إلي المستشفيات بدلا من أن يوجه إلي خدمات الصحة النفسية المجتمعية . حالة الحالات التي تحتاج إلي رعاية صحية نفسية متقدمة من الوحدات الصحية إلي مستشفيات الصحة النفسية المتخصصة يظل تحديا حيث إن المرضي المحالين إلي مستشفيات الصحة النفسية من الصعب أن يحصلوا علي متابعه، فمستشفيات الصحة النفسية الرئيسية تخدم كثافات سكانية كبيرة بما فيها النساء والأطفال والمراهقين لذا فهي في وضع يسمح لها بالتشخيص المبكر للخلل النفسي بما فيه تعاطي المخدرات ولكن يجب أن تتحلي بالتدريب والموارد اللازمة لذلك بما لا فيها الأدوية الأساسية. عالميا واحد من كل أربعة يمر بمشكلة نفسية خلال حياته،المرض النفسي إذن هو جزء من التجربة الانسانية ويمكن أن يؤثر في أي قطاع من المجتمع ورغم ذلك وصمة العار المصاحبة للمرض النفسي سلبية إلي حد ما ، معقدة وراسخة ، وصمة العار للمرض النفسي متأصلة في معظم قطاعات المجتمع بما فيها القطاع الصحي نفسه، الأعلام يعمل علي تأصيل هذه الوصمة أكثر عبر التصوير السلبي لذوي الأمراض النفسية والمبالغة في خطورتهم وعدم قدرتهم علي الاندماج في المجتمع. هذه الوصمة تجعل الأشخاص يخجلون من طلب المساعدة، عدم وجود بدائل مجتمعية لمستشفيات الصحة النفسية والوصمة المصاحبة للمستشفيات النفسية هما حاجز قوي خفي بين الشخص والمساعدة التي يحتاجها. البقاء بدون معالجة يمكن أن يحيل الخلل نفسي بسيط إلي خلل كبير يؤثر بالسلب علي حياة الشخص وعائلته فلا يصبح هناك بديل لا العلاج داخل المستشفي. وطبقا للتراث في العائلات التي تعاني مرض نفسي يوجد أيضا وصمة عار من خلال دائرة من الجهل والردود العقابية المجتمعية، العائلات التي لديها علي الأقل فرد واحد يعاني من مرض نفسي تعاني من التحيز والتمييز ضدها. الأشخاص الذين عولجوا داخل مستشفيات نفسية يواجهون تحديات في إعادة دمجهم في مجتمعاتهم، العائلات تواجه العار ولا تستطيع التغلب عليه، وفي بعض الأحيان يرفضون عودة الشخص حتي إلي منزله، النساء في معظم الحالات يواجهون أسوأ أشكال الوصمة والتهميش ، العزل المجتمعي وندرة المتابعة من أهم أسباب الانتكاس . السكان المعرضين للخطر مثل النساء ضحايا العنف، الأشخاص ذوي الإعاقات، أو ذوي الأمراض الموصومة بالعار مثل الإيدز، والأطفال والمراهقون الموجودون في الشارع هم الأكثر عرضه للإصابة بالأمراض النفسية بالإضافة إلي أنهم معرضون لتكرار نفس الطريق الذي يؤدي إلي مشكلات الصحة النفسية مثل العنف والظروف الاقتصادية الفقيرة. هم يواجهون وصمة مزدوحة مصحوبة بحالتهم النفسية السيئة، الوصمة وعدم وجود خدمة مجتمعية تحول دون وصولهم إلي الرعاية الصحية النفسية، الدعم النفسي الاجتماعي للسكان المعرضين للخطر يقدمه بشكل واسع الممثلين غير الحكوميين، مما يساهم في تقديم خدمات منفصلة للسكان عامة والفئات المستثناه منهم. لمزيد من مقالات ياسر عبيدو