تنشر "الأهرام" رسائل للحكومتين المصرية والسعودية بشأن جزيرتى تيران وصنافير فى العقود الأخيرة بعد مطالبة الرياض الحكومة المصرية بإعادة الجزيرتين للسيادة السعودية. ففى رسالة إلى الدكتور أحمد عصمت عبد المجيد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية المصرى فى 14 سبتمبر عام 1988 أشار الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى إلى وجود اتصالات سابقة ومنها اجتماع فى 16-2-1409 هجريا وتطرق إلى بحث موضوع جزيرتى صنافير وتيران اللتين وصفهما بأنهما "التابعتان للمملكة العربية السعودية". وقال الفيصل: "حين أبديتم عدم وجود أى اعتراض أو تحفظ لديكم فيما يخص سيادة المملكة على هاتين الجزيرتين سوى ما قد يتعارض مع التزامات مصر الإقليمية والدولية التى تقتضى بعدم وجود أية قوات عسكرية بهما". وتابع الفيصل: "هنا أود أن أبدى لمعاليكم أن حكومة المملكة العربية السعودية لا تنوى خلق ظروف قد تؤثر على النهج الذى رسمته مصر الشقيقة لسياستها الخارجية. وكل ما فى الأمر هو عودة الجزيرتين بعد أن انتهت أسباب الإعارة". وشرح الفيصل الظروف التى ادت بالمملكة إلى الاتفاق بين البلدين فى عام 1950 ميلاديا على أن تكون الجزيرتان تحت الإدارة المصرية حينذاك من أجل تقوية الدفاعات العسكرية المصرية فى سيناء ومدخل خليج العقبة، لاسيما بعد أن احتلت العصابات الصهيونية ميناء أم الرشراش «إيلات» فى 29 مارس عام 1949وهو ما خلف وجودا إسرائيليا فى منطقة خليج العقبة. ويكشف الفيصل فى رسالته عن مضمون رسالة بعث بها الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى الملك خالد بن عبد العزيز فى عام 1402 هجريا الموافق عام 1981 ميلاديا ونقلها الرئيس السودانى جعفر النميرى وتضمنت حسب قوله رجاء من الرئيس مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين حتى يتم الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المصرية ويبقى أمرها مسألة عربية فيما بين المملكة وجمهورية مصر العربية. وأضاف الفيصل فى رسالته إلى عبد المجيد أن يثق فى أن العلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين وبين مبارك والملك فهد بن عبد العزيز سوف تهييء فرصة طيبة لحكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة بإعادة الجزيرتين إلى حكومة المملكة العربية السعودية. وقال إن المطلب السابق يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار فى المنطقة وكل ما فيه المصلحة المشتركة للبلدين الشقيقين. وأعرب الفيصل عن ثقته فى نيل الأمر مزيدا من اهتمام الحكومة المصرية. وطلب الفيصل فى ختام رسالته لوزير الخارجية أن يكون الخطاب والرد عليه بمثابة اتفاق بين المملكة ومصر فى شأن الجزيرتين. فى رده على رسالة سعود الفيصل، قال الدكتور عصمت عبد المجيد فى خطاب "سرى للغاية" فى فبراير عام 1990 رفعه لرئيس الحكومة فى ذلك الوقت الدكتور عاطف صدقى، تلقيت فى تاريخ 14 سبتمبر 1988، رسالة من الأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية تناولت وجهة نظر المملكة فى موضوع جزيرتى تيران وصنافير بمدخل خليج العقبة، وأن السعودية تطلب من مصر الاعتراف بتبعية الجزيرتين للمملكة، وأى نظرة خاصة لهاتين الجزيرتين السعوديتين من جانب حكومة مصر تفرضها طبيعة وضع معين يستدعى أن تبقيا تحت إدارة جمهورية مصر العربية وإلى أن تحتاج المملكة لهما سينال من جانب الحكومة السعودية ما هو جدير به من اهتمام وسينظر فيه بكل تبصر". وأضاف الوزير المصرى: "وزارة الخارجية قامت بدراسة الطلب السعودى فى ضوء أحكام القانون الدولى من ناحية، والظروف السياسية والعلاقات المصرية الاسرائيلية من ناحية أخرى، وقد تدارست الموضوع بصفة خاصة مع الدكتور مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولى بجامعة القاهرة، حيث اتفق فى الرأى على عدد من الحقائق نتشرف برفعها إليكم، وهى أن مصر قامت فى فبراير عام 1950 باحتلال جزيرتى تيران وصنافير، وأبلغت الحكومتين الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف، ولجأت إليه فى ضوء المحاولات التى قررت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وأن هذه الخطوة تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة، وقام الملك عبدالعزيز آل سعود بإرسال برقية إلى الوزير المفوض السعودى فى القاهرة فبراير 1950 تضمنت قوله إنه يريد نزول القوة المصرية فى الجزيرتين "تيران وصنافير".. وقال خطاب عصمت عبد المجيد إلى رئيس الحكومة المصرية عاطف صدقى أن الجزيرتين تقعان طبقا لاتفاقية السلام المصرية -الإسرائيلية والبروتوكولات المطبقة فى المنطقة (ج) حيث توجد بعض القيود على الوجود العسكرى المصرى، وحيث تتولى الشرطة المصرية المدنية المجهزة بزوارق خفيفة مسلحة تسليحا خفيفا مهامها داخل المياه الإقليمية للمنطقة، فضلا عن تمركز القوة متعددة الجنسيات فى هذه المنطقة، ومثل هذه المعاهدات يتعين احترامها والاستمرار فى الالتزام بها. ومضت رسالة عبد المجيد قائلة: "بل أن مصر نفسها، لم تحاول فى أى وقت من الأوقات أن تدعى بان السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها، وإن أقصى ما اكدت عليه هو أن تتولى مسئولية الدفاع عن الجزيرتين (خطاب مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة امام مجلس الأمن يوم 19 مايو عام 1967). وأوضح: "مما يؤكد ما سبق ذكره أن المادة الثانية من اتفاقية السلام مع اسرائيل قد احالت -بشأن تحديد حدود مصر الشرقية- إلى الخريطة المرفقة بالملحق 3 وانه يتضح من هذه الخريطة أن موقع الجزيرتين يعتبر خارج إطار الإقليم المصرى وأنها جزء من الأراضى السعودية بدليل أن الجزيرتين ملونتان بلون مختلف عن لون الأراضى المصرية ويتفق مع اللون المستخدم بالنسبة للأراضى السعودية، مما يعتبر قرينة فى أن اتفاقية السلام قد اقرت بأن الجزيرتين سعوديتان، بل انه لا توجد فى اتفاقية السلام وملاحقها أى اشارة حول إدارة مصر للجزيرتين". وأوصى عصمت عبد المجيد أن تتعهد مصر بأن "تقر بتبعية الجزيرتين للمملكة وأنها فى الحقيقة لم تقم باحتلالهما فى عام 1950" من أجل دعم العلاقات الثنائية والمساعدة فى إقامة روابط استراتيجية يمكن أن تتوج بإقامة جسر يربط بين مصر والسعودية عبر خليج العقبة.