جامعة الأزهر ضمن أفضل 300 جامعة بالعالم وفقًا لتصنيف US NEWS الأمريكي    الزراعة: لا يوجد عجز في خامات الأعلاف المستوردة والمحلية وسوق الدواجن واللحوم يشهد حالة استقرار    بعد مقتل جندي.. ارتفاع عدد قتلى جيش الاحتلال في غزة إلى 871 عسكريًا    تترتب عليها عواقب وخيمة.. جوتيريش يحذر من تدخلات عسكرية في التصعيد بين إيران وإسرائيل    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في جنوب غزة    الظهور الأول لأرنولد.. تشكيل ريال مدريد لمواجهة الهلال في كأس العالم للأندية    الأهلي يرد على العرض الأمريكي لضم وسام أبو علي.. شوبير يكشف    الأرصاد تُعلن موعد ارتفاع الحرارة وتحذر من هذا الأمر    نكران الجميل.. عامل يقتل رب عمله ويقطع جثته إلى أشلاء بغرض سرقته    تأجيل محاكمة متهمي نشر أخبار كاذبة    حكاية عامل صوَّر السيدات داخل دورة المياه في كافيه بالدقي    يوليو المقبل.. حميد الشاعري و3 فنانين يجتمعون في حفلة بالساحل الشمالي    الشيخ خالد الجندي: استحضار الله في كل الأمور عبادة تحقق الرضا    وكيل شباب الفيوم يستقبل لجنة هيئة تعليم الكبار لتفعيل مبادرة "المصريون يتعلمون"    ننشر موازنة اتحاد الغرف السياحية.. 54 مليون جنيه إيرادات و26 مصروفات    الرئيس الصيني: يحيط بإيران 20 قاعدة أمريكية بينما يحيط بنا 300    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع سترة السكني    الجبهة الوطنية يقرر إرجاء المؤتمر الجماهيري بالقليوبية    «فات الميعاد».. صفع متبادل بين أحمد مجدي وأسماء أبواليزيد ينهي الحلقة الخامسة    برج العذراء.. حظك اليوم الأربعاء 18 يونيو: احذر التوقعات    فيروز مكي عن تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل: هل اقتربت حرب كسر العظام؟    مينا مسعود يروج لحلقته مع منى الشاذلي بعد عرض فيلمه «في عز الضهر» (مواعيد وقنوات العرض)    من الطفولة للحظات الأخيرة قبل الانهيار.. نور الشريف يتصدر الترند بسبب المنزل الذي نشأ فيه    بعد شائعات الخلاف مع ميدو.. عبد الواحد السيد يكشف ل"أهل مصر" كواليس طلبه الحصول على إبراء ذمة مالية    خالد الجندي يوضح الفرق بين قول "بإذن الله" و"إن شاء الله"    رئيس الرعاية الصحية والعلاجية يتفقد منشآت فرع الإسماعيلية    بعد الإقلاع عن التدخين- إليك طرق تنظيف الرئتين من النيكوتين    نقيب المحامين يحذر حكومة الانقلاب : «الرسوم القضائية» غير قانونية وتمثل عبئًا غير محتمل على المواطنين    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر2025    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    الحرب الإسرائيلية الإيرانية تنعكس على الفاعليات الثقافية    جيهان مديح: مصر ستظل دائمًا القادرة على جمع الصف العربي والإسلامي    بيراميدز يقترب من خطف صفقة الأهلي والزمالك (تفاصيل)    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    مان سيتي ضد الوداد.. عمر مرموش يقود تشكيل السيتي في كأس العالم للأندية    ضبط 15 ألف عبوة مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع «سترة» بعد تسليمه للمستفيدين    منتخب مصر يفوز على السعودية في افتتاح بطولة العالم لشباب اليد    سقوط ديلر مخدرات شبرا الخيمة في قبضة مباحث القليوبية    الحكومة توافق على إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    تعرف علي ضوابط إصدار تراخيص إنشاء المواقع الإلكترونية    مدينة الدواء تطلق الموجة الثانية من برنامج Partners في الزقازيق    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    محافظ القليوبية يعقد لقاء المواطنين الأسبوعي للتواصل معهم وحل مشاكلهم بشبين القناطر    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    وكيل لاعبين: الزمالك أهدر 300 مليون جنيه من صفقة انتقال "زيزو" ل نيوم السعودي    ترامب يجتمع بكبار المستشارين العسكريين لبحث تطورات الصراع الإسرائيلي الإيراني    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيشان‏:‏ الخيط الرفيع بين الإرهاب والمقاومة المشروعة
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 04 - 2010

أثارت العمليتان الارهابيتان اللتان وقعتا يوم‏29‏ مارس في مترو انفاق موسكو‏,‏ والتي أعلن دوكو عماوراف‏,‏ زعيم العناصر الارهابية في شمال القوقاز‏,‏ في تسجيل منسوب إليه علي شبكة الانترنت مسئوليته الكاملة عن الانفجارين‏. تساؤلات البعض عن مدي علاقة هذه التفجيرات بالقضية الشيشانية‏,‏ وكونها محاولة لتأكيد رغبة الشيشانيين وغيرهم من سكان جمهوريات القوقاز في الاستقلال والانفصال عن روسيا‏.‏ ولاشك أن هذا يطرح التساؤل حول قضية أوسع‏,‏ وهي التمييز بين الارهاب والمقاومة المشروعة‏.‏ فهناك أربعة أبعاد أساسية تميز علي نحو واضح بين الأمرين‏.‏
أولها‏,‏ عدم مشروعية الدافع وراء الارهاب‏,‏ حيث يأتي عادة بهدف إلحاق الأذي والضرر‏,‏ والتدمير‏,‏ كيدا أو انتقاما‏,‏ مما تعتبره الجماعات الارهابية سياسات غير عادلة تنتهجها سلطات الدولة ضدهم‏,‏ أو لإجبارها علي اتخاذ قرار ما يراه الإرهابيون محققا لمصلحتهم‏.‏ وقد يكون الدافع اقتصاديا‏,‏ يتمثل في الحصول علي الأموال التي تمكنهم من مواصلة نشاطهم‏.‏ وفي هذا تختلف المقاومة المسلحة اختلافا تاما عن الإرهاب حيث إن الباعث الأساسي لها هو الدفاع عن الوطن‏,‏ وتحرير الأرض المحتلة ومقاومة الاحتلال‏,‏ وهو أمر مشروع ومعترف به دوليا انطلاقا من اعتراف القانون الدولي بشرعية حق تقرير المصير‏.‏ فقد أقر ميثاق الأمم المتحدة حق تقرير المصير في مادتيه الأولي والخامسة والخمسين‏.‏ وأكدته قرارات الجمعية العامة‏,‏ والعديد من المواثيق الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة‏,‏ والممارسة العملية من جانب عديد من شعوب العالم بما فيها الدول الكبري مثل فرنسا وبريطانيا وروسيا ضد الاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية‏.‏
ثانيها‏,‏ إن الارهاب يثير دائما استياء الدول والشعوب واستنكارهم‏,‏ حيث يقترن بإثارة قدر كبير من الفزع والرعب بين المواطنين‏.‏ هذا في حين تحظي المقاومة بتعاطف الشعب في مجموعه بل ومساندته وحمايته لعناصر المقاومة‏,‏ التي هي أفراد من الشعب المحتلة أراضيه‏.‏
ثالثها‏,‏ إن المقاومة المسلحة في إطار حق تقرير المصير ليست مطلقة‏,‏ ولكنها مقيدة باستخدامها ضد الأهداف العسكرية‏,‏ أو المصالح المادية للدولة المستعمرة أو دولة الاحتلال‏,‏ بما في ذلك المعدات والجنود النظاميون‏.‏ وفي هذا تختلف المقاومة عن الارهاب الذي يتضمن استخدام العنف ضد المدنيين الأبرياء بهدف التأثير علي موقف‏,‏ أو سلوك دولة ما بغض النظر عن الضحايا المباشرين‏.‏
رابعها‏,‏ إنه يجب أن يكون استخدام العنف داخل الأراضي المحتلة بهدف مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض وصولا لتقرير المصير‏.‏ ومن الممكن أن يوجه إلي المصالح المادية لدولة الاحتلال إذا كانت تمارس سياستها القمعية ضد الشعب الذي يسعي إلي تقرير مصيره خارج الأقاليم المحتلة بشرط عدم المساس بالأبرياء‏.‏ ولاشك في أن تمعن الحالة الشيشانية في إطار المعايير السابقة يوضح حقيقتين أساسيتين‏:‏
أولاهما‏,‏ أنه بالنظر إلي الميراث التاريخي قد تعتبر الحالة الشيشانية إحدي صور المقاومة المشروعة في الماضي‏.‏ فقد عاشت شعوب القوقاز بما فيها الشيشان كجماعات قبلية متناثرة مستقلة في الجبال والوديان قبل خضوعها للسيطرة الروسية في أواخر القرن الثامن عشر‏.‏ وقد خاضت حروبا طويلة ضد الاحتلال الروسي وقادت الطرق الصوفية النقشبندية والقادرية حركة المقاومة تحت زعامة الشيخ الشيشاني النقشبندي منصور أوشومرا‏,‏ الذي هزم علي يد القوات الروسية وتوفي في الأسر عام‏.1793‏ وقد تجددت حركة المقاومة عام‏1834‏ وقادها الشيخ شامل‏,‏ واستمرت ربع قرن وانتهت بهزيمته عام‏..1859‏ وعقب الثورة الروسية‏,‏ عام‏1917‏ أعلن الشيشانيين اسقلالهم ودخلوا في مواجهة مع الجيش الأحمر الروسي خلال عامي‏1920‏ و‏1921‏ انتهت بهزيمتهم وإحكام القبضة عليهم طوال الحقبة السوفيتية‏.‏
وفي عام‏1991‏ وقبيل تفكك الاتحاد السوفيتي أعلن الرئيس الشيشاني جوهر دوداييف انفصال جمهورية الشيشان عن الاتحاد السوفيتي‏,‏ ورفض توقيع اتفاقية الاتحاد الروسي عام‏.1992‏ ومع انشغال الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين بترسيخ دعائم نظامه تم تأجيل قرار اقتحام جروزني إلي‏11‏ ديسمبر‏1994,‏ وعلي عكس ما توقعه القادة الروس استمرت الحرب حتي نوفمبر‏1996‏ حين أصدر يلتسين مرسوما يقضي بالانسحاب الكامل من الشيشان‏,‏ ثم توقيع معاهدة سلام بين الجانبين في‏12‏ مايو‏1997,‏ وقد استؤنفت الحملة العسكرية الروسية ضد الشيشان في سبتمبر‏1999‏ بعد اتهام القيادة الروسية للعناصر الشيشانية بسلسلة من التفجيرات في العاصمة موسكو والتي امتدت لتشمل الوحدات السكنية لمدنيين روس‏.‏ وليبدأ فصل جديد من فصول القضية الشيشانية لا علاقة له بالماضي‏.‏
فالحركة الشيشانية منذ عام‏1999‏ لم تعد تستهدف العسكريين فقط وإنما قامت باستخدام العنف ضد مدنيين روس وخارج الأراضي الشيشانية‏.‏ وقد تأكد ذلك في العديد من العمليات الارهابية التي أعلنت العناصر الشيشانية مسئوليتها عنها‏,‏ ومن أبرزها احتجاز‏914‏ رهينة بمسرح دوبروفكا في أكتوبر‏2002,‏ ومأساة مدرسة بيسلان في سبتمبر‏2004,‏ حين قام مسلحون باقتحام المدرسة واحتجاز ألف طفل مما أدي إلي مقتل‏335‏ شخصا منهم‏186‏ طفلا‏.‏ كذلك تفجير مترو موسكو في فبراير‏2004‏ والذي أدي إلي مقتل‏42‏ شخصا‏,‏ وهي العملية التي تكررت أخيرا بانفجارين في‏29‏ مارس الماضي‏.‏ ولاشك في أن مثل هذه الاعتداءات علي المواطنين الأبرياء كانت هي العامل الفيصل الذي أفرغ الحركة الشيشانية من مشروعيتها‏,‏ وأكد وصم المنخرطين فيها بالارهاب‏.‏
ثانيهما‏,‏ أن هناك انقساما في جموع الشيشانيين بين معارض للانفصال عن روسيا‏,‏ ومؤيد له‏,‏ وذلك منذ إعلان دوداييف استقلال الشيشان مطلع التسعينيات‏.‏ ولاشك أن موافقة الشيشانيين علي الدستور الجديد في مارس‏2003,‏ والذي يتضمن استمرار الشيشان كجزء من روسيا الاتحادية‏,‏ وفوز أحمد قاديروف الموالي لروسيا في الانتخابات الرئاسية الشيشانية في أكتوبر‏2003‏ بنحو‏1.81%‏ من أصوات الناخبين‏,‏ لهو أمر يؤكد عدم شعبية الحركة الشيشانية‏,‏ خاصة مع فوز نجله رمضان قاديروف برئاسة الجمهورية خلفا لوالده بعد اغتيال الأخير‏.‏ الأمر الذي يؤكد أن التوجه المؤيد لبقاء الشيشان ضمن الاتحاد الروسي مازال هو التوجه السائد‏,‏ والغالب بين جموع الشيشانيين‏.‏ فالحالة الشيشانية وإن بدأت كحركة مقاومة مشروعة منذ أواخر القرن الثامن عشر إلا أنها جنحت عن هذا المسار منذ أواخر القرن العشرين بلجوئها إلي استخدام العنف ضد المدنيين مما أفقدها كثيرا من التعاطف علي المستويين الإقليمي والدولي‏,‏ هذا إلي جانب التساؤل حول مدي التأييد الذي أصبحت تحظي به وشرعية تمثيلها للشعب الشيشاني في ظل وجود حكومة شيشانية وصلت إلي السلطة من خلال الانتخابات وبأغلبية واضحة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.