على الرغم من نجاحه كل مرة فى الخروج من الأزمات التى تحاصره إلا أن الوضع فى هذه المرة مختلف حيث تلاحقه اتهامات تلقى بظلالها الثقيلة على مستقبله السياسى برمته، انه هاشم ثاتشى رئيس كوسوفا المنتخب الموجهة إليه اتهامات بشأن ارتكابه جرائم حرب خلال فترة الحرب مع صربيا وذلك فى الوقت الذى يستعد لتقلد زمام الأمور فى بلاده فى إبريل المقبل . وتأتى هذه التطورات بعد تزايد التكهنات حول احتمال إلزام ثاتشى بالمثول أمام المحكمة الجديدة التى أعلنت عن انشائها محكمة لاهاى فى يناير الماضى والخاصة بكشف المسئولين عن جرائم الحرب التى ارتكبتها عناصر جيش تحرير كوسوفا أثناء الحرب ما بين عامى 1998-1999.وذلك بعد أن تعرضت بريشتينا لضغوط دولية شديدة لإنشائها والموافقة عليها خاصة منذ أن أعلن مجلس أوروبا فى 2011عن حدوث جرائم حرب قامت بها عناصر «جيش تحرير كوسوفا» . وسوف تستند المحكمة فى تحقيقاتها إلى الاتهامات التى جاء بها «تقرير مارتى» الذى تم نشره من خلال مجلس أوروبا عام2010 .و يشير التقرير إلى تجاوزات من قبل جيش تحرير كوسوفا طالت نحو خمسمائة أسير من أسرى الصرب تم خطفهم وإعدامهم بدون أى وجه حق , علاوة على احتمالية حدوث تجارة فى الأعضاء البشرية انتزعت من هؤلاء الأسرى الذين تم اعدامهم تعسفيا . ويعد هاشم ثاتشى الزعيم السابق «لجيش تحرير كوسوفا « المتهم الرئيسى فى هذه القضية . ومن المنتظر أن تبدأ المحكمة التى تضم قضاة دولييين وسوف تطبق القانون المحلى عملها خلال العام الحالى .هاشم تاثشى وزير الخارجية الحالى 48 عاما , درس الفلسفة والتاريخ فى جامعة بريشتينا ,و تزعم «جيش تحرير كوسوفا» الانفصالى خلال الحرب الأهلية أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وكان عام 2008 نقطة تحول فى حياته ومشواره السياسى فقد شغل منصب رئيس الوزراء وهو العام نفسه الذى أعلن فيه استقلال كوسوفا عن صربيا من جانب واحد . نجح ثاتشى فى إقصاء جميع منافسيه داخل «جيش تحرير كوسوفا»، ووضع المقربين منه فى المناصب الحساسة، وأسس الحزب الديمقراطى لكوسوفا. وبالرغم من تاريخه النضالى إلا أنه لم يلق انتخابه من قبل البرلمان إجماعا فى البلاد ويعزز ذلك أن عملية التصويت لم يشارك فيها سوى 81 نائبا من أصل مائة وعشرين، بعدما تم تعطيلها مرتين متتاليتين , مما أجج الوضع لتنشب مشادات عنيفة بين مناصرى المعارضة وقوات الشرطة التى استعملت خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع لتفرقة المحتجين .فقد تظاهر برلمانيون ونشطاء معارضون ، محاولين منع إجراء الإقتراع بالقوة احتجاجاً على سياسات الحكومة الخاضعة لحزبه ,حيث تشهد كوسوفا منذ 2015 أزمة سياسية على خلفية غضب عام بسبب سوء الوضع الاقتصادى والبطالة التى تطال نحو 40 بالمائة من السكان فى بلد يبلغ تعداد سكانه 1٫8 مليون نسمة. هذه ليست المرة الأولى التى توجه فيها اتهامات إلى هاشم ثاتشي, حيث وجهت اليه تهمة التورط فى عمليات إرهاب بعد انضمامه إلى «الحركة الشعبية فى كوسوفا» ليحكم عليه غيابيا بالسجن 22 عاما مما دفعه للجوء إلى سويسرا ودرس العلوم السياسية فى إحدى جامعاتها. وعلى الجانب الأخر جاء رد هاشم ثاتشى على هذه الاتهامات بالثقة الزائدة قائلا «نضال كوسوفا وجيش تحرير كوسوفا كان معركة عادلة ونزيهة ولا يمكن لأحد أن يعيد كتابة التاريخ»، اما بشأن تعاون حكومة بريشتينا مع المحكمة أكد ِثاتشى انه سيتم التعاون الكامل مؤكدا أنه «ليس لدينا ما نخفيه وسنلبى كل الطلبات لأننا ندعم بالكامل فكرة إحقاق العدل». وأعرب ثاتشى عن خشيته من أن تثير هذه المحكمة «آمالا مبالغا فيها» لدى الصرب. ويمكن القول إن طرح هذه القضية فى هذا التوقيت أثار الشكوك حول تسييسها للضغط على كوسوفا ولا سيماأنه مر سبعة عشر عاما على انتهاء الحرب أضف إلى ذلك محاولة صرف الأنظار من قبل الاتحاد الأوروبى عن إخفاق بعثة الشرطة والقضاء «يوليكس» الموجود فى كوسوفا والتى تسلمت مهام نظيرتها التابعة للأمم المتحدة فى 2008. و قد أثار قرار إقامة هذه المحكمة ردود فعل غاضبة داخل كوسوفا حيث اعتبره القادة السابقون فى جيش تحرير كوسوفا، مخالفة للدستور ويرون فيها إهانة للنضال الذى خاضه المقاتلون علاوة على أن تشكيلها يعد مجازفة كبيرة للبلاد « التى ما زالت تبذل جهودا للحصول على اعتراف كامل بها. وترفض بلجراد مدعومة من روسيا بشكل قاطع الاعتراف باستقلال إقليمها الجنوبى السابق . ولا يزال الاعتراف الصربى باستقلال كوسوفا شرطاً لانضمامها للاتحاد الأوروبى مما يعد كرة اللهب المتأججة التى تواجه ثاتشى باستمرار حيث سبق أن اعترضته وهو رئيس للحكومة فى نظام حكم برلمانى منحه صلاحيات تنفيذية واسعة للغاية ولكنه لم يستطيع حسمها . ومن المنتظر أن يواجه التحدى نفس خلال سنوات المقبلة .