كتب: سامي فريد حكاية المأساة التي بدأت قبل اثنتين وستين سنة ومازالت مستمرة وكأنها لاتريد أن تنتهي. في هذه الرواية المغموسة في الشجن بطرحها من جديد للقضية من داخل المخيمات المحاصرة يعيد علينا الروائي الأردني صبحي فحماوي فصول المأساة بوصف الصورة المأساوية لحياة الفلسطينيين داخل المخيمات التي اطلقوا عليها اسم المعسكرات امعانا في تحدي الصهاينة وترسيخا لفكرة المقاومة ثم انتقل من المعسكر الي هجرة شابتين من بناته للعمل في احد البلاد العربية مع محرم حسبما تقضي تقاليد البلد ولهذا جاء عنوان الرواية حرمتان ومحرم في المخيم نتعرف علي المحددة( ورشة الحدادة) التي يديرها جهاد خطيب احدي الشابتين والتي تحولت بعد انضمامه الي المقاومة الي مركز لصنع سلاح المقاومة حتي تدكها طائرات العدو ويستشهد جهاد أما خطيب الشابة الثانية غازي فقد سافر الي الولاياتالمتحدة للدراسة واستقر هناك ليصبح مواطنا أمريكيا ويصف صبحي فحماوي ببراعة المعايشة والمشاهدة اللصيقة واليومية حياة المعاناة داخل المخيم وحال سكانه وعذاباتهم خارجه مع المحتل الذي يري أن العربي الطيب هو العربي الميت ناهينا عن عذابات المعابر عند كل خروج أو عودة ومهما كانت الأسباب. لكن فحماوي لايفوته أيضا أن يصف الحياة في الغربة مع البنتين ماجدة وتغريد ومحرمهما أبومهيوب الذي اتفقت عليه العائلتان في المخيم ليكون محرما للبنتين بعقدي زواج دون تفعيل من اجل استكمال الأوراق وفي الغربة يعيش الجميع حياة أقرب الي الأسر أو الحصار رغم ترف الاستهلاك وأشكاله. وهكذا يرسم لنا المؤلف صورة لعذاب الفلسطينيين في الداخل والخارج وسط تجاهل شبه تام من اخوتهم واشقائهم العرب الذين لايقدمون لهم سوي التصريحات والشجب والتنديد. وفي خضم الدمار النازل بأصحاب المأساة ومع تجريف الأرض والحصار والتجويع لا يجد الفلسطينيون فرحة تشعرهم بوجودهم واستمرارهم سوي تقديم المزيد من الشهداء الذين يفرحون بشهادتهم كما يفرحون بمواليدهم فيستقبلون هذه وتلك بالغناء والزغاريد. فالمواليد الجدد سيملأون الجو بهجة وسيكونون هم مستقبل الحياة ويقول فحماوي مسجلا ذلك الواقع المر الأليم في روايته صحيح اننا نزداد فقرا ونعاني شظف العيش ونقدم مزيدا من الشهداء لكننا نزداد ثباتا صلابا ومقاومة وغدا سيأتي الحل من عند الله إذ ليس أمامهم الا التمسك بايمانهم. ويرتفع صوت المؤلف مع سخونة القضية التي يعرضها فلايجد أمامه الا التدخل في أحداثها بما يمكن أن نسميه الVoceouer معلقا وشارحا ومحللا ومنددا ومدافعا أو مهاجما. وتترك الرواية في النهاية لكنها لانتركك لشعرة ما فيها من الصدق والألم..