عندما أراد د. الجنزوري ان يكون رئيسا حقيقيا للوزراء في التسعينيات اصطدم مع تقاليد وموانع النظام السابق الذي كان يري ان كل مؤسسات الدولة مجرد سكرتارية تنفذ التعليمات.. وعندما جاء د.الجنزوري رئيسا للوزراء للمرة الثانية مع ثورة يناير اصطدم بالإخوان المسلمين الذين يصرون علي خلعه رغم ان مابقي له في الوزارة أسابيع قليلة.. ولهذا كان قدر الرجل ان يدفع ثمن مواقفه ولكن هناك فارق وحيد أنه في وزارته الأولي كان أكثر شبابا وتحمل كل ضغوط السلطة وفي وزارته الثانية تحمل فوضي القوي السياسية وفوضي الشارع مع جسد أنهكته المعارك.. لابد ان أعترف انني اشفقت عليه يوم تحمل المسئولية منذ شهور مضت واعتبرت ذلك نوعا من الانتحار وإن حمل وجه الشجاعة فلا أعتقد ان المنصب اضاف له شيئا غير المزيد من المتاعب والأعداء.. خرج الجنزوري من وزارته الأولي برصيد كبير من الحب والتقدير الشعبي ولا ادري كيف سيكون الخروج الآن وسط هذا الضباب وكل هذه الفوضي.. في الوزارة الأولي كانت امامه ميزانية دولة لا أقول متوازنة ولكن فيها قدر من الموارد خاصة ماجاء من دعم مالي لمصر بعد مشاركتها في حرب الخليج من حيث إسقاط الديون وبعض المساعدات من دول الخليج.. ولكن الرجل الآن يفتش في دهاليز خزائن خاوية وكلها سراديب للديون أو الصناديق الخاصة أو بنود لا أحد يعلم عنها شيئا.. لا أجد مبررا لهجوم الإخوان المسلمين علي شخص د. الجنزوري وإن كان حساب الحكومة أمر مشروع فإن تشويه رموزها أمر مرفوض.. نحن امام تصرفات غير مفهومة وغير منطقية لأن تنحية الجنزوري الأن ليست مكسبا.. و إرباك الدولة في المزيد من الفوضي ليس إنجازا كما أن إقتحام وزارة الدفاع ليس بطولة.. إنه يذكرنا بشخص أصابته حاله غريبة فأراد ان يطرد أسرته من البيت ثم حاول ان يشعل النيران فيه ونسي أنه يشعل النار في نفسه.. في السياسة أحيانا شيء يشبه الجنون. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة